ذاتَ يَوْمٍ سأجْلِسُ فوق الرَّصيف.. رَصيف الغَريبَةْ
لَمْ أكُنْ نَرْجساً, بَيْدَ أَنّي أُدافِعُ عَنْ صُورَتِي
في الْمَرايا. أَما كُنْتَ يَوْماً, هُنا, يا غَريبْ ؟
خَمْسُمائَةِ عامٍ مَضى وانْقَضى, والْقَطيعةُ لَمْ تكْتَملْ
بَيْنَنَا، ههُنا, والرَّسائِلُ لمْ تَنْقَطعْ بَيْنَنا, والْحروبْ
لَمْ تغُيِّرْ حدائِقَ غَرْناطَتي. ذات يَوْمٍ أُمُرُّ بأقْمارِها
وَأَحُكُّ بلَيْمونَةٍ رَغْبَتي .. عانِقيني لأُولَدَ ثانيَةً
مِنْ رَوَائحِ شَمْسٍ وَنَهرٍ على كَتِفيْكِ, وَمِنْ قَدَمَيْنْ
تَخْمُشانِ الْمَساءَ فَيَبْكي حَليباً لِلَيْلِ الْقصيدْةْ..
لَمْ أُكُنْ عابِراً في كَلامِ المُغَنيّينَ .. كُنْتُ كَلامَ
المُغَنيّين. صُلَحَ أَثينا وفارِسَ, شَرْقاً يُعانِقُ غَرْباً
في الَّرحيلِ إلى جَوْهرٍ واحِدٍ. عانِقيني لأُولَدَ ثانيَةً
مِنْ سُيوفٍ دمَشقِيَّةٍ في الدَّكاكينِ. لَمْ يَبْقَ منّي
غَيْرَ دِرْعي الْقَديمةِ, سَرْجِ حِصاني الْمُذَهَّب. لَمْ يَبْقَ مِنّي
غَيْرُ مَخْطوطةٍ لاْبن رُشْدٍ, وَطَوْقِ الْحَمامِة, والتَّرْجَمات..
كُنْتُ أَجْلِسُ فَوْقَ الرَّصيفِ على ساحَةِ الأْقْحُوانَة
وأَعُدُّ الْحَماماتِ: واحِدةً, إثْنَتَيْن, ثَلاثينَ.. والْفَتيَات اللَّواتي
يتخااطَفْنَ ظِلَّ الشُّجَيْراتِ فَوْقَ الرُّخامِ, وَيَتْرُكْنَ لي
وَرَقَ الْعُمْرِ, أَصْفَرَ. مَرَّ الْخَريفُ عليّ وَلَمْ أَنْتَيِهْ
مَرَّ كُلُّ الْخَريفِ, وتاريخُنا مَرَّ فَوْقَ الرَّصيفِ..
وَلَمْ أَنتبهْ!
اقرأ أيضاً
قلت للعين حين شامت جمالا
قلت للعين حين شامت جمالاً في وجوهٍ كواذب الإيماض لا تغرنّك هذه الأوجه الغرُّ فيا ربّ حيّة من…
قد آن مني ترحال ولم أفق
قَد آنَ مِنِّيَ تِرحالٌ وَلَم أَفِقِ وَالسِكرُ يَفضَحُ في الرُكبانِ وَالرُفَقِ قُل ماتَشاءُ وَلا تُرهِبكَ عاذِلَةٌ إِنَّ النِفاقَ…
أمسيت في سبل الهوى متحيرا
أَمسَيتُ في سُبُلِ الهَوى مُتَحَيِّراً ما بَينَ وَعرِ أَسىً وَحَزنِ شُجونِ وَرُسومُ خَدِّيَ مَحَت آثارَها بِسُيولِ أَدمُعِها غُيومُ…
تغير لي فيمن تغير حارث
تَغَيَّرَ لي فيمَن تَغَيّر حارِثُ وَرُبَّ خَليلٍ غيرَتهُ الحَوادِثُ أَحارِثُ إِن شوركتُ فيكَ فَطالَما نِعمنا وَما بَيني وَبَينَك…
مفسر آي الله بالأمس بيننا
مُفَسِّرَ آيِّ اللَهِ بِالأَمسِ بَينَنا قُمِ اليَومَ فَسِّر لِلوَرى آيَةَ المَوتِ رُحِمتَ مَصيرُ العالَمينَ كَما تَرى وَكُلُّ هَناءٍ…
لديك يا من قد سما رفعة
لديك يا من قد سما رفعةً سعدٌ ترى آخرهُ أوله كالقمر الوضاح أصبحت من منزلةٍ تسري إلى منزله
كفلت عنايتك الجميلة
كَفَلَتْ عِنايَتُكَ الجَميْ لَةُ لي بإحْرازِ الوَطَرْ ولَقيتُ منْ بِرٍّ وخَيْ رٍمِلْءَ سَمْعيَ والبَصَرْ شُكْراً لأنْعُمِكَ التي يَزْدادُ…
ليس أب كحنظلة بن رعد
لَيسَ أَبٌ كَحَنظَلَةَ بنِ رَعدٍ وَلا خالٌ كَضَبَّةَ لِلفَخارِ هُما جَبَلانِ جارُهُما مَنيعٌ إِذا ما أَعطَيا عَقدَ الجِوارِ…