كم مرة ينتهي أمرنا…

التفعيلة : حديث

يتأمَّلُ أَيَّامَهُ في دخان السجائر،
ينظُرُ في ساعة الجَيْب:
لو أَستطيع لأبطأتُ دَقَّاتها
كي أُؤخِّر نُضْجَ الشعير!…
ويخرج من ذاته مرهقاً نزقاً:
جاء وقتُ الحصادْ
أَلسنابلُ مثقلةٌ، والمناجلُ مهملةٌ، والبلادْ
تَبْعُدُ الآنَ عن بابها النبويِّ.
يُحَدِّثُني صَيْفُ لبنانَ عن عِنَبي في الجنوب
يُحَدِّثُني صَيْفُ لبنانَ عمَّا وراء الطبيعةِ
لكن دربي إلى الله يبدأ
من نَجْمَةٍ في الجنوب…

هل تُكَلِّمُني يا أَبي؟
عقدوا هُدْنَةً في جزيرة رودوس ،
يا بني!
وما شأننا نحن، ما شأننا يا أبي؟
وانتهى الأمرُ …
كم مرّةً ينتهي أَمرُنا يا أَبي؟
إنتهى الأمر. قاموا بواجبهم:
حاربوا ببنادقَ مكسورةٍ طائرات العدوّ.
وقمنا بواجبنا، وابتعدنا عن الزَنْزَلَخْتِ
لئلاّ نُحرِّكَ قُبَّعَةَ القائد العسكريّ.
وبعنا خواتم زوجاتنا ليصيدوا العصافير
يا ولدي!

هل سنبقى ، إذاً ، ههنا يا أبي
تحت صفصافة الريح
بين السموات ةالبحر؟

يا ولدي! كُلُّ شيء هنا
سوف يُشْبِهُ شيئاً هناك
سنُشْبِهُ أَنفُسَنا في الليالي
ستحرقنا نجمة الشَبَه السرمديَّةُ
يا ولدي!

يا أَبي ، خفِّف القولَ عَنِّي!
تركتُ النوافذَ مفتوحةً
لهديل الحمامْ
تركتُ على حافَّة البئر وجهي
تركتُ الكلامْ
على حَبْلهِ فوق حبل الخزانةِ
يحكى ، تركتُ الظلامْ
على ليله يتدثَّرُ صُوفَ انتظاري
تركت الغمامْ
على شجر التين ينشر سِرْوالَهُ
وتركتُ المنامْ
يُجدِّدُ في ذاتِهِ ذاتَهُ
وتركتُ السلام
وحيداً ، هناك على الأرض…

هل كُنْتَ تحلُمُ في يَقْظتي يا أَبي؟
قُمْ . سَنَرْجِعُ يا ولدي!


نوع المنشور:

شارك على :

المنشور السابق

أبد الصبار

المنشور التالي

الى آخري ... والى آخره

اقرأ أيضاً