على الدنيا ومن فيها السلام

التفعيلة : البحر الوافر

على الدُنيا ومَن فيها السَلامُ

إذا ذَهَبَتْ أحبَّتُنا الكرامُ

وما الدُنيا سوَى أهلٍ عَلَيها

إذا رَحَلَ المُقِيمُ فما المُقامُ

رُوَيدَكَ أيُّها الناعي صَباحاً

كَلامُك في القُلوبِ لهُ كلامُ

أَراكَ نَعَيتَ لي قَمَرَ الدَياجي

تُرَى هل يُدرِكُ القَمَرَ الحِمامُ

لميخائيلَ تبكي كُلُّ عينٍ

وإن يكُ في الجِنانِ له اْبتِسامُ

نُسآءُ بما يَسُرُّ وكلُّ نفسٍ

لها وَطَرٌ سِواهُ لا يُرَامُ

أَقامَ على المنازلِ كلَّ خَودٍ

تنوحُ ولا كما ناح الحَمامُ

وما مِثلُ البكآءِ على حبيبٍ

لطائعهِ وعاصيهِ سَقامُ

سوافرُ لا تنالُ العينُ منها

عليها من غدائِرها لِثامُ

لئنْ كانت بُدوراً في ظَلامٍ

فقد صارت بذاك هيَ الظَلامُ

مخضَّبةُ الطُلَى بدِمآءِ دمعٍ

بِهِنَّ الشيخُ خُضِّبَ والغُلامُ

يَحُولُ الدَمعُ دُون الدَمعِ جرياً

فيُوشكُ أَن يُكفكِفَهُ الزِّحامُ

ألا يا لابسَ الدِيباجِ ماذا

لبِستَ وما اكتَستْ تلكَ العظامُ

عَهِدتُ الخَزَّ لا يُرضيكَ مَهْداً

فما افترشَتْ لِجَنْبيَكَ الرِّجامُ

رَحلتَ عَنِ الدِّيارِ بلا وَداعٍ

وهل بعدَ الرحيلِ لها سَلامُ

تُحاذرُ بعدَ بَينِكَ من نَزيلٍ

كأنَّ النازلينَ دَمٌ حرامُ

أيَدري النعشُ أيُّ فتىً عليهِ

ويدري اللّحدُ من فيهِ ينامُ

ولو عُرِفت لهُ في التُربِ ذاتٌ

ومَنزلةٌ لَهابَتْهُ الهَوامُ

بَكَتهُ الصُحْفُ والأَقلامُ حُزناً

كما بَكَتِ البَلاغةُ والكَلامُ

وتبكيهِ العُفاة وكُلُّ عافٍ

على الصَدقاتِ يبكي لا يُلاَمُ

رَمَتْ أيدي المنايا كُلَّ قلبٍ

بسهمِ أسىً بهِ تُصمى السهامُ

قَصَفْنَ قضيبَ بانٍ في صِباهُ

وكيفَ القصفُ إذ لانَ القَوامُ

كذا الدُنيا وإن طالت علينا

لكُلِّ بِداءةٍ فيها خِتامُ

ولم تَزَلِ الحَياةُ لكلِّ نفسٍ

بها نقصٌ وفي الموتِ التَّمامُ

بَنيناها وتَهدِمُنا وكُلٌّ

من الأمرينِ ليسَ لهُ دَوامُ


نوع المنشور:

شارك على :

المنشور السابق

بين رئم الحمى وآرام رامه

المنشور التالي

بناء العلى بين القنا والبوارق

اقرأ أيضاً