تذكر المنحنى فانهل مدمعه

التفعيلة : البحر البسيط

تَذكَّرَ المُنْحَنَى فانْهَلَّ مَدمَعُهُ

صَبابةً وانحَنَتْ للشَّوقِ أضلُعُهُ

وباتَ من وَلَهٍ يَرعَى النُجومَ فما

دَرى أفي الأرضِ أم في الأُفقِ مَضجَعُهُ

صَبٌّ مَضَى النَومُ من أجفانِهِ فجَرَتْ

في إثرِهِ عَبرةٌ منها تُشيِّعُهُ

إذا سَرَتْ نَسَماتُ الغَورِ خَرَّ لها

وَجداً فكانَ نَسيمُ الرِّيح يَصرَعُهُ

يا لابساً كُلَّ يومٍ ثوبَ زَخرفَةٍ

ألبَستَ مُضناكَ ثوباً ليسَ يَخلَعُهُ

لئِن تَكُنْ نَظْرةٌ جَرَّتْ لهُ ضَررَاً

مُنذُ القديمِ فتلكَ اليومَ تَنفَعُهُ

إذا تَعمَّدَ أنْ ييسلوكَ عارَضَهُ

قلبٌ إليهِ بذاكَ الحِينِ تَرجِعُهُ

وكُلَّما أطبَقَتْ للنَّومِ مُقلَتُهُ

جَفناً بَعَثْتَ خيالاً منكَ يَقرَعُهُ

ما كانَ يَرضَى حديثاً منكَ عن طَمَعٍ

فَصارَ يَرَضى حديثاً عنكَ يَسمَعُهُ

إن كانَ لا يَملِكُ الظَمْآنُ نهلتَهُ

مِن المياهِ فقطرُ الماءِ يُقنعُهُ

آمنتُ بالله ما هذا الهوى فلقد

أذابَ ما ليسَ حَرُّ النَّارِ يلذَعُهُ

لا تَلَبَسِ الدِّرعَ يا شاكي السِّلاحِ إذا

زُرتَ الحِمى فلِحاظُ الغِيدِ تقطَعُهُ

كُلُّ البُدورِ التِّي في الشَّرقِ مَطلِعُها

تَفدِي الأميرَ الذي في الغَربِ مَطلعُهُ

في غَربِ لُبنانَ من أرضِ المَشارِقِ لا

في مَغرِبِ الأرضِ مَنْشاهُ ومَرْبَعُهُ

لهُ الشُّوَيفاتُ بُرجٌ حَلَّهُ قَمَرٌ

لذاكَ كانَ تُجاهَ البَحرِ مَوقِعُهُ

شَهْمٌ يَغارُ على الآدابِ يَجمَعُها

ولا يَغارُ على الدِّينارِ يجمَعُهُ

يسطُو على شَمْلِ بيتِ المالِ مُقتَطِعاً

كأنَّهُ بيتُ شِعرٍ إذْ يُقطِّعُهُ

ردَّ الزَّمانُ لهُ المَجدَ القدِيمَ كما

رُدَّتْ على عَقِبِ الكِندِيِّ أدرُعُهُ

ومَن وَفَى النَّاسَ في ما كان مؤتَمناً

وَفَى لهُ الدَّهرُ في ما كان يُودِعُهُ

تُرَى مَتَى تَشتفي الحُسَّادُ من رَجُلٍ

تُرِيدُ خَفضاً لهُ واللهُ يَرفَعُهُ

إذا قضَى اللهُ أمراً لا يُرَدُّ وإنْ

أجرَى عَطاءً فمنْ في الأرضِ يمَنعُهُ

مَلائِكُ العرشِ تغدو بالسَّلامِ على

مُحمَّدٍ ورِضَى الرَحْمنِ يَتبَعُهُ

هذا الذي بَعَثَ اللهُ الكرِيمُ بهِ

للناسِ حتى يقولوا جَلَّ مُبدِعُهُ

لا تَعجَبوا من سَقامٍ قد تَعَوَّدَهُ

فَمنْ رآهُ يَدُمْ فيهِ تَوَلُّعُهُ

مَنْ كانَ يَشفِي منَ الأوجاعِ مَنظَرُهُ

ولُطُفُهُ كيفَ هذا الدَّاءُ يُوجِعُهُ

لا بُدَّ للضِّيقِ أنْ يَمضي إلى فَرَجٍ

لكنْ لَعلَّ أشَدَّ الضِّيقِ أسرَعُهُ

إذا كَسا اليومُ نَصْلَ السَّيفِ ثوبَ صَدَا

رَجَوتُ أنَّ غَداً لا بُدَّ يَنزِعُهُ


نوع المنشور:

شارك على :

المنشور السابق

أعلمت ما بالقلب من نار الجوى

المنشور التالي

إن كنت بالله في دنياك تعتصم

اقرأ أيضاً

لله عاقبة الأمور

لِلَّهِ عاقِبَةُ الأُمورِ طوبى لِمُعتَبِرٍ ذَكورِ طوبى لِكُلِّ مُراقِبٍ وَلِكُلِّ أَوّابٍ شَكورِ طوبى لِكُلِّ مُفَكِّرٍ وَلِكُلِّ مُحتَسِبٍ صَبورِ…

جاهلية

في زمان الجاهلية كانت الأصنام من تمر، وإن جاع العباد، فلهم من جثة المعبود زاد؛ وبعصر المدنية، صارت…