إن كنت بالله في دنياك تعتصم

التفعيلة : البحر البسيط

إن كُنتَ باللهِ في دُنياكَ تَعتصِمُ

فلا تَكُنْ خائفاً إن زَلَّتِ القَدَمُ

واطلُبْ لنَفسِكَ غَيرَ الأرضِ مَنزِلةً

إنْ كُنتَ تَبِغي نَعيماً ما بهِ ألَمُ

مَن عاشَ في الأرضِ لا تُرجَى سَلامتُهُ

من نَكبةٍ وَبلايا الدَّهرِ تَزدَحمُ

وكيفَ يأمَنُ من لَطْمِ المياهِ لهُ

مَن خاضَ في البحر والأمواجُ تَلتطِمُ

حوادثُ الدَّهرِ تَخْتارُ الكرامَ فما

زالت على حَسَبِ الأقدارِ تَنقسِمُ

وهَمُّ كلٍّ على مِقدارِ همَّتِهِ

فلا هُمومَ لقَومٍ ما لهم هِمَمُ

النَّاسُ للنَّاسِ كالأعداءِ ما بَرِحَتْ

في أكثرِ الأمر تأتي منهمُ النِّقَمُ

إن لم يكن ضَرُّهُمْ عَمْداً فَعَنْ خَطأٍ

وقد يكونُ بقَصدِ النَّفعِ ضَرُّهُمُ

غَنيمةُ العيشِ في الدُنيا تَجَنُّبُهمْ

لكنَّ ذلكَ مِمَّا ليسَ يُغتَنَمُ

هم كالطَّعامِ الذي لا بُدَّ منه لنا

بهِ نَعيشُ ومنهُ يَحدُثُ السَّقَمُ

كلُّ الجَواهرِ أعراضٌ رَزِيَّتُها

تَهونُ إذ تَسلَمُ الأعراضُ والشِّيمُ

والمالُ مثلُ نسيمِ الرِّيحِ إن سَلِمَتْ

بقُدرةِ اللهِ في أبدانِنا النَّسَمُ

ليسَ البُكاءُ لِفَقْدٍ بَعدَهُ خَلَفٌ

إن البُكاءَ لِفَقْدٍ بَعدَهُ عَدَمُ

قد يَنبتُ المالُ مِثلَ الظُفرِ تَقطَعُهُ

وثُلمَةُ المال مثلَ الجُرحِ تَلتحِمُ

ما دامَ للأجْدَلِ القَنَّاصِ أجنِحةٌ

لا يُفلِتُ الصَّيدُ منهُ حيثُ يَنهزِمُ

والخَيرُ يَعرِفُ طُرْقاً قد تَعوَّدها

فلا يَضِلُّ ولو قامَتْ بها الظُلَمُ

أجَلُّ للمَرْءِ من مجدِ الغِنَى شَرَفاً

مجدُ الوَفاءِ تَقَوى اللهِ والكَرَمُ

وأرفَعُ النَّاسِ عِندَ اللهِ منزِلةً

مَنْ لم يكن لِحُقوقِ النَّاسِ يَهتَضِمُ

للهِ في الخلَقِ سِرٌّ ليس نُدرِكُهُ

وحِكمةٌ بَطَلَتْ من دُونِها الحِكَمُ

لا يُرزَقُ العبدُ إلاّ ما قَضاهُ ولا

يُصيبُهُ غيرُ ما يَجرِي بهِ القَلَمُ

سيَجبُرُ اللهُ قَلباً باتَ مُنكسراً

وليسَ يَترُكُ جَمْراً كانَ يَضطِرمُ

لا ضِيقَ في الدَّهرِ إلا بَعدَهُ فَرَجٌ

ولا شبيبةَ إلاّ بَعدَها هَرَمُ

إذا رَمَى اللهُ يُمنَى العبدِ في عَسَمٍ

يُبقي الشِّمالَ فلا يَغتالُها العَسَمُ

إن لم تَدُمْ عِندَ نصرِ اللهِ نِعمتُهُ

فقد تَعاهَدَ شُكرُ اللهِ والنِّعَمُ


نوع المنشور:

شارك على :

المنشور السابق

تذكر المنحنى فانهل مدمعه

المنشور التالي

أطوف الأرض في شرق وغرب

اقرأ أيضاً

أكتب للصغار

أكتب للصغار.. للعرب الصغار حيث يوجدون… لهم على اختلاف اللون والاعمار..والعيون.. أكتب للذين سوف يولدون.. لهم أنا أكتب..للصغار……