يا نفس هل من أمر ربك عاصم

التفعيلة : البحر الكامل

يا نفسِ هل من أمرِ ربّكِ عاصمُ

ومَنِ الذي بقضاءِ ربِّكِ عالمُ

لا تجزَعي عندَ البليَّةِ واعلَمِي

أنَّ التَّجلُّدَ للبَلاءِ يُقاوِمُ

إن القلوبَ إذا شكت جُرحَ الأسَى

فلها مِن الصَّبرِ الجميلِ مَراهمُ

وإذا أبَيتُ اليومَ صبراً في البِلا

طوعاً صبرتُ غداً وأنفي راغمُ

فَقْدُ الحبيبِ بليَّةٌ ونظيرُها

حُزنُ المحبِّ لكلِّ قلبٍ هادمُ

لو كان عندي في دوامِ بقائهِ

طَمَعٌ لحقَّ عليهِ حزنٌ دائِمُ

مَن ليسَ يمضي اليومَ يمضي في غَدٍ

إنَّ الغريبَ عَلى الرَّحيلِ لَعازِمُ

سَفَرٌ بعيدٌ في طريقٍ طامسٍ

لا يَقدَمُ الماضي ويمضي القادمُ

يَنساقُ مخَدومٌ إليهِ كخادمٍ

هيهاتِ كُلٌّ للمنيَّةِ خادمُ

لو كانَ هذا البينُ يَرعَى حُرمةً

تُبقي الكرامَ لكانَ يبقى ناظمُ

خَطْبٌ عظيمٌ لا يقاسُ بهَوْلهِ

خَطْبٌ فليس تُعَدُّ معهُ عظائِمُ

طَفَحت على لُبنانَ منهُ كآبةٌ

لجبالهِ مثلَ الجِبالِ تُصادِمُ

للشَّامِ جسمٌ قد أُصيبَ فُؤَادُهُ

فَبَدَت عليهِ من السَّقامِ علائِمُ

إن العبادَ يَسُوءُهم ما ساءَ مَن

دُفِعَ البَلاءُ بهِ ورُدَّ الظَّالمُ

نبكي على فَقْدِ الحبيبِ ومثلَما

ضاعَ الحبيبُ يضيعُ دمعٌ ساجمُ

يُؤْذي الحزينُ جُفونَهُ بدُموعِهِ

عَبَثاً كما عضَّ البَنانَ النَّادمُ

يا أيُّها البحرُ الذي عَبِثَتْ بهِ

أنواءُ حُزنٍ مَوجُها مُتَلاطمُ

ماذا يقولُ لكَ المُعزِّي إنَّهُ

نونٌ بلُجَّتكَ العظيمةِ عائمُ

إنَّ الجِبالَ تَهُزُّهُنَّ زلازلٌ

لكن سيعقُبها سُكونٌ لازمُ

والشمسُ يَغْشاها الضَّبابُ فينجلي

واللَّيلُ يطرُدُهُ الصَّباحُ الباسمُ

أنتَ العِمادُ لأرضِنا ولمُلكِها

من بعدِ ربِّ المُلكِ منكَ دعائِمُ

وإذا سَلِمتَ لها اطمأنَّت واكتفتْ

وتَعزَّتِ الدُّنيا بأنَّكَ سالمُ


نوع المنشور:

شارك على :

المنشور السابق

جاد الزمان بنعمة متصدقا

المنشور التالي

أناس كلها تمسي ترابا

اقرأ أيضاً