جمالي وزيني إذا ما حضر

التفعيلة : البحر المتقارب

جَمالي وَزَيني إِذا ما حَضَر

وَمَن لَستُ إِلّا بِهِ أَفَتَخِر

وَمَن هُوَ عِندِيَ مُذ لَم يَزَل

أَجَلَّ الوَرى وَأَعَزَّ البَشَر

صَغى القَلبُ مِنهُ إِلى سَفرَةٍ

غَداةَ رَأى وَجهَها قَد سَفَر

فَلَمّا تَمَلَّكَ رِقَّ المُنى

أَتاني الكِتابُ بِنَصِّ الخَبَر

فَقَبَّلتُ مِن جِسمِهِ كاسِياً

عَلَيهِ الكِتابُ بِنَصِّ الخَبَر

وَما زِلتُ أَشرَبُ مِنهُ الَّذي

أَراقَتهُ بِحارُ الفِكَر

وَأُنشِدُ مَنظومَهُ المُشتَهي

وَأَقرَأُ مَنثورَهُ المُختَصَر

فَأَمّا المَعاني فَمِثلُ الرِياضِ

وَأَمّا القَوافي فَمِثلُ الزَهَر

وَأَمّا الفُصولُ فَمِثلُ الحُلى

بَلى الإِختِراعاتُ مِثلُ الدُرَر

فِلِلَهِ مِنهُ أَخو خاطِرٍ

بَعيدِ اللِحاقِ إِذا ما خَطَر

تَرى مِنهُ مَن لا يُرى مِثلَهُ

إِذا أَنتَ حَدَّدتَ مِنكَ النَظَر

يَتيهُ فَيُعذِرُ في تيهِهِ

وَما كُلُّ مَن تاهَ مِنّا عُذِر

أَرَقُّ مِنَ العُذرِ عِندَ العِتابِ

وَأَحلى مِنَ الأَمنِ عِندَ الحَذِر

حَليفي إِلَهي رَبُّ العُلى

عَلى الأَبلَجِ الوَجهِ مِنهُ الأَغَر

فَكَم بالجَزيرَةِ مِن نَشوَةٍ

لَنا بَينَ مَنثورِها المُنتَثِر

وَقضد نَشَرَ الرَوضُ مِن وَشيِهِ

عَلى الأَرضِ ما لَم يَكُن يَنتَشِر

وَرَضَّعَتِ السُحبُ ما صيغَ مِن

لُجَينِ الأَقاحي بِدُرِّ المَطَر

وَقَد ظَهَرَ الآسُ يا زَهرَهُ

فَما أَطيَبَ العَيشَ لَمّا ظَهَر

وَكُلُّ الحَدائِقِ قَد أَحدَقَت

بِعُشبٍ ذَكِيٍّ وَنَبتٍ عَطِر

وَنَورٍ يُفَصِّلُ مِن بَعدِهِ

بِما شَكَرَتهُ عَلَيهِ الشَجَر

وَأَمّا الخَليجُ فَكَم صُبحَةٍ

نَعِمنا بِها فيهِ بَينَ الخُضَر

وَتِلكَ البَساتينُ مِن حَولِهِ

مُقَلِّدَةً بِعُقودِ الثَمَر

وَقَد شَهَرَ الوَردُ يا قوتَهُ

وَمَن لا يُسَرُّ إِذا ما اِشتَهَر

وَأَمّا الخُزامي فَلا تَنسَهُ

فَنَفسُ المُرُوَّةِ أَن يُدَّكَر

بَلى كَم هُنالِكَ مِن بُلبُلٍ

يُبَلبِلُ قَلبي إِذا ما صَفَر

رِياضٌ يُحَرِّضُ ناعورُها

عَلى الاِصطِباحِ إِذا ما نَعَر

سَقى الغَيُ أَكنافَ دَيرٍ بِها

يُطِلُّ عَلى طَودِها المُشمَخِر

فَكَم غازَلَتنِيَ غِزلانُهُ

وَوَجهُ الزَمانِ جَميلٌ نَضِر

فَماذا تَرى في ذَوي أَسهُمٍ

تَضيمُ الشَريفَ فَلا يَنتَصِر

كَأَنَّ وُجوهَهُمُ أُفرِغَت

لَنا في قَوالِبِ تِلكَ الصُوَر

فَمِن ذي قَوامٍ كَمِثلِ القَضيبِ

وَمِن ذاتِ دَلٍّ كَمِثلِ القَمَر

وَكَم قَد عَدَلنا إِلى ظِلِّهِ

لِيَحظى بِلَهوٍ حَميدِ الأَثَر

وَماءُ السُرورِ لِوُرّادِهِ

إِذا فاضَ لَم يَكُ فيهِ كَدَر

وَفي كُلِّ يَومٍ لَنا مُسمِعٌ

رَخيمُ الغِناءِ رَخيمُ الوَتَر

إِذا ما تَغَنّى لِصَبٍّ غَدا

وَمَغنى صَبابَتِهِ قَد دَثَر

فَإِن كانَ زامِرُهُ حاذِقاً

زَمَرنا بِأَقداحِنا إِن زَمَر

وَبِكرٌ تَطوفُ بِبَكرٍ لَها

عُقودٌ تُزَفُّ بِها في البُكَر

عُقارٌ تَرى حُمرَ نيرانِها

تُطَيِّرُ في الكَأسِ مِنها الشَرَر

أَلَذَّ مِنَ البُرءِ بَعدَ الضَنى

وَأشهى مِنَ الغُمضِ بَعدَ السَهَر

إِلى أَن أَتَتنا النَوى بَغتَةً

وَلَم تَتَأَنَّ وَلَم تَنتَظِر

فَأَصدَرَتِ القُربَ بَعدَ الوُرودِ

وَأَورَدَتِ البُعدَ بَعدَ الصَدَر

فَإِن غَدَرَ الدَهرُ بي في أَخي

فَكَم مِن كَريمٍ بِهِ قَد غَدَر


نوع المنشور:

شارك على :

المنشور السابق

الدهر مد وجزر

المنشور التالي

إن أبا منصور ما إن له

اقرأ أيضاً