قالت مها

التفعيلة : البحر الطويل

قالت مَهَا مَا لَهُ مَا همَّها مَا لي

وهَمُّــها الهَمُّ لكن دَمْعُها غال

تَرُدُّ عن عيْنِها عَيْنِي وتَشْغَلُني

عَن حالِها بسُؤالي كيفَ أَحوالي

بَنُو الحُرُوبِ بِنا مِنْ حُزْنِنَا خَجَلٌ

إذا حَزِنَّا اعتَذَرْنَا يا ابْنَةَ الخـالِ

ويا مَهَا دَعْكِ مِنَّا إنَّه زَمَنٌ

تَدَاوَلَ النـاسُ فيه الموتَ كالمالِ

تداولوه إلى أن أشبهوه فَهُمْ

صُمُّ الملامحِ من شيـبٍ وأطفالِ

تكرَّرَ الأمرُ حتى لم يَعُدْ خَبَراً

يُرى ويُسمعُ لكن ليسَ في البالِ

طولُ الحضورِ شَبيهٌ بالغيابِ ومَنْ

تذَكَّرَ الموتَ عَدَّى عَنْهُ كالسَّالي

فَهُم إذا قابلوه صدفةً صَدَفُوا

عن دربــه بين إجلالٍ وإهمالِ

ما أعرضوا عنهُ إلا قابلينَ بِهِ

لا فرقَ ما بينَ إعراضٍ وإقبـالِ

وَهْمُ الدوامِ ضروريٌّ يُعاشُ بِهِ

و ربما رَوِيَ الظمآنُ بالآلِ

إني ليتعبني يأسي وأتعبه

إذ أن ما زاد يأسي زاد آمالي

نحن الذين مشينا للجيوش

وقد مشت لنا مشي أهوال لأهوال

بلا سلاح سوى حبر على ورق

ولا دروع سوى خل على شال

يرمي الفتى نفسه فوق الجنود بما

في الصدر من كرم محي وقتّال

كم ألف دبابة والجندُ تقدمُها

صفاً من النمل  يحمي  صف أفيالِ

كأنها كلما صرّت جنازرُها

والغاز يحجبها أسراب أغوالِ

عرّفها الناسُ ما أحجامُ أرجلِهم

لما علوها جَهاراً في الضحى العالي

والجند ولوا كنمل جاءه مطر

أو نائمين عراةٍ يوم زلزالِ

نضوا ملابسهم أن يُعرَفوا فزعاً

والعمر أثمن من ثوب وسربالِ

حتى رموا رتب الأكتاف فاتّشحت

بها الشوارع فانظر طيّب الفالِ

والعُزل انتصروا اللهم صل

على محمد وعلى الأصحاب والآلِ

واليوم نحن أُسارى في منازلنا

ويسأل الحرُّ منا أيُّنا التالي

وأدرك الوغدُ منا ما أراد بنا

فكلُّنا بين مخذول وخَذالِ

والناس إن وجدوا الأحرار في كُرَبٍ

تناذلوا وهمُ ليسوا بأنذالِ

فالناس كالناس إلا أنهم يئسوا

من صَد أرتال همٍّ بعد أرتالِ

من المصائب لاذوا بالمصائب

كالأسماك فرت من المقلاة للقالي

والمرء ييأس من إبراء علّته

إن عاودته مراراً بعد إبلالِ

أبشر إذا ما رأيت اليأس مكتملاً

ولم تجد حيلة فيه لمحتالِ

فإن في كل يأس كامل أملاً

وكم نبي خفي تحت أسمالِ

سيهزم الوغد مختالاً بنصرته

فليس أسهلُ من إهلاكِ مختالِ

هذي الميادين فيما بيننا حكم

وسوف يدري الأعادي أينا الجالي

أودت ذخائرهم إلا فوارغها

فالآن يوفَون مثقالاً بمثقالِ

نرى القديم جديداً من براءتنا

وهو المُعاد لأجيالٍ وأجيالِ

شعب يسير برايات ملونة

لدولة وقفت بالأكدر البالي

فإن تجمّع بات الملك غَلته

وإن تفرق أمسى رهن أغلالِ

وحُلة الدولةِ الجرباءُ تُحرقُ

لا تُطلى بقارٍ وإلا أعدت الطالي

أجدِر بما كان يوماً أن يكون غداً

فالدهر بعدُ خيوط فوق أنوالِ

قد يلحق الذلُّ غلاّباً بلا شرف

والنصر يُهدى لمغلوبين أبطالِ


نوع المنشور:

شارك على :

المنشور السابق

شاعر

المنشور التالي

الكاهن المتقاعد

اقرأ أيضاً

حيرة

حـرتُ في أمـري لماذا لاأرى في الـود قربا كلما ازددت شـبـرا منك حتماً زدتُ عُتْبا حيـن نلنـا منك…