إن الخلافة لم تزل عن أصلها

التفعيلة : البحر الكامل

إنّ الخلافةَ لم تَزُلْ عن أصِلها

بل أصبحتْ في ملكِ ناظمِ شَمْلِها

صارتْ إلى مَن لو حَواها غيرُه

ما كان مُضطلِعا بأَيسرِ ثِقْلِها

إن الهناءَ لها برُتْبِة وَصْلِهِ

ضعفُ الهَناءِ له برتبِة وَصْلِها

فالمُلْكُ كالفُلْكِ المضيءِ بشمسِه

والشمسُ أنت وضوءُه من فِعْلِها

يا حجةَ الله التي وجبَتْ على

أهلِ الزمانِ بفَرْعِها وبأصلها

إن القلوب تألفت واستسلمتْ

طوعا إليك بعلمِها لا جهلها

والحقُّ أبلجُ والضرورة شاهدٌ

بقضيةٍ تقِضى العقولُ بعَدْلِها

وَرِث ابنُ عمِّ محمدٍ من بعدِهِ

حقَّ الخلافةِ مُنْصِفا في نَقْلِها

وورثتَ أنت عن ابنِ عمك حَقَّها

فجَرى قياسُ خِلافه في شكلها

واللهِ ما اختارتْك إلا بعد ما

وَجدتْك أَوْلَى وارثٍ من نَسْلِها

حتى لوِ اجتمع الخَليقةُ كلها

من شيخِها أو طفلها أو كَهْلها

لم ينهضوا بدقيقةٍ من حمِله

ووجدتْك أَنْهضَ من يقوم بحملها

يا حافظا للدينِ حِفْظَ حِياطةٍ

بسياسةٍ ما شُوهدتْ من قَبْلِها

عدلٌ وإنصافٌ وفَرْطُ صِيانةٍ

ومواهبٌ تُرْوِى الأَنامَ بَهطْلِها

وسدادُ رأىٍ أظهرتْ مرآتُه

لك ما يدِقُّ بما صَفا من صَقْلها

ورجاحةٌ وفصاحةٌ وسماحة

أربتْ على البحر الخِضَمِّ بوَبْلِها

وتواضعٌ للهِ عن شرفٍ سَما

فوق الثريا ضِعْفَ ضعفِ مَحَلِّها

يا ابنَ النبوةِ والخلافةِ والأُلَى

نهضَوا بصعبِ المَكْرُمات وسهلها

الفرضُ طاعتُكم وطاعةُ غيرِكم

تَبَعٌ لها بضرورةٍ من أجلها

إن الصلاة بكم تَصِحُّ وذكرُكم

تتميمُها في فَرْضها أو نَفْلِها

بكم تسعدُ الدنيا ويسعد أهلها

يا خيرَ حيٍّ من سُلالة رُسْلِها

يا عروةَ اللهِ التي لم ينتفع

إلا امرءٌ عَلِقتْ يداه بحبلها

يا بحرَ علمٍ كالبحارِ جميعِها

لك من فنونِ الفضلِ عِدَّةُ رَمْلِها

الله خَصَّك في الكمال برتبةٍ

لم ينفتح لسواك مُغْلَقُ قُفْلِها

أَمنتْ بك الدنيا لأنك حافظٌ

بالحزمِ بين أَدَقِّها وأَجلِّها

قد كان قبلَك نيلُ مصرَ مُقصِّرا

والناسُ في جَزعٍ لوافدِ مَحْلِها

حتى وليتَ فأدركتْها رحمةٌ

يَتتابعُ الغيثُ الغزيرُ بمثلها

وكفَي بذلك في البرية مُعجِزا

يشِفي السَّرائر من شَوائبِ غُلِّها

إن الخلافة ما أَتتْك عريبة

بل أَيِّمٌ أضحتْ تُزَفُّ لبَعْلِها

جاءتْ إلى الأَوْلَى بقَبْضِ زمامها

وظَهيرِ ذِرْوَتها ومَوْطِىءِ رجلها

فاز الملوكُ من السعودِ ببعضها

وأتيتْ بعدهمُ ففزتَ بكُلِّها

فضُروبُ فضلِك لا تُعَدَّ فإنها

كالسُّحْبِ لا تُحصَى فَرائدُ وَبْلِها

منها بدورُ سَمائِك الغرُّ التي

فضحتْ أَكُفُّهمُ السحابَ بهَطْلِها

ساروا إلى العَليا ملوكٌ فانتَهى

جهدُ السوابقِ عند أولِ نُزْلِها

أرضعتَهم دَرَّ الفضائلِ فارْتَوَوا

من بعدِ ما طال الزمانُ بَحفْلِها

سُحْبٌ تجود لنا بعَذْبِ نوالها

غَدَقا وتَلْحَقنا بباردِ ظلِّها

سُسْتُ الأمور سياسةً بلطافةٍ

فإذا جَفا خَطْبٌ رَمتْه لجَزْلِها

فاسْلمْ لضبطِ الدين والدنيا معا

حِصْنا يحيط بشيخِها وبطفلها

فتهنَّ هذا العامَ فهْو مُبِّشر

بسعادةٍ ملأتْ مَسالكَ سُبْلِها

هو وافدٌ وافَى لينصر عِزُّه

نورَ النبوةِ مُعْرِبا عن فضلها

صَلَّى عليها مَنْ أَتمَّ بها الهدى

علما وفكَّ بها النُّهَى من غُلها


نوع المنشور:

شارك على :

المنشور السابق

بعثت إليك بطيفها تعليلا

المنشور التالي

والله لو صح عندي أن هجركم

اقرأ أيضاً

شكر

مَحَبّتكم أيها الأهلُ طيرٌ يحطُّ على كَتِفي هَكَذا كالهَدِيةِ مِن لا مَكَان يُبَارِكُني وَأُراقِبُ نَفْسي لِكَي لا يَخافَ…