في حانوت خبز, على ناصية شارع باريسي
ضيِّق… أَحتسي قهوتي الأولى. صباحاً
تختلط رائحة الخبز برائحة القهوة، و توقظان
فيَّ شهية على حياة طازجة .. حياة
مبتدئة، و على سلام طوعي مع الأشياء
الصغيرة، و مع حمامات تُؤْثِرُ المشي بين
المارة و السيارات على الطيران. لا أَجد غيري
يجلس وحيداً إلا من دفتر يوميات.
لكني أحس بأني أشارك السيدات المتقدمات
في العمر حماستهنّ تجاه تفاصيل يروينها عن
حياةِ غيرهنّ. و أُشارك بائعات الخبز و النادلات
الجميلات حيادهنَّ اللبق تجاه مغازلات الزبائن
المتقدمين، أكثر مني، في السن. أَتباطأ في
احتساء قهوتي لأحافظ على صحبة مفترضة
مع ما حولي، فليس للغريب إلا اختراع
أُلفة ما مع مكان ما. و أَنا اخترت هذا
الركن من حانوت الخبز لتأليف عادة يومية،
كأني على موعد مع ذكريات مجتهدة تعتمد
على نفسها في النمو. و أَسترسل في التفكير
بتاريخ الخبز: كيف اكتُشِفَتْ حَبَّةُ القمح
الأولى في سنبلةٍ خضراء مجدولةٍ كضفيرة.
و كيف راقبها شخص ما إلى أن نضجت و اصفَرَّتْ؟
و كيف خطر على باله أن يطحنها و يعجنها
و يخبزها حتى وصل إلى هذه المعجزة؟ أَرى
حقولاً بعيدة في زمن بعيد، و أتساءل:
كم استغرق هذا الإبداع من الوقت؟ تعلو رائحة
الخبز الطازج، و أنظر في ساعتي .. ثم أَعود
من آلاف السنين إلى حياة مبتدئة!
اقرأ أيضاً
وجه بنان كأنه قمر
وَجهُ بَنانٍ كَأَنَّهُ قَمَرٌ يَلوحُ في لَيلَةِ الثَلاثينِ وَالزَدُّ مِن حُسنِهِ وَبَهجَتِهِ كَطاقَةِ الشَوكِ في الرَياحينِ مُبادِرٌ مِن…
أؤثر الموت إثرة لا تجارى
أؤثر الموت إثرة لا تجارى وارى في الحياة داءً وبيلا أطلب الموت وهو ينفر مني يا لتعسي هل…
قف بالديار عفا من أهلها الأثر
قِف بِالدِيارِ عَفا مِن أَهلِها الأَثَرُ عَفّى مَعالِمَها الأَرواحُ وَالمَطَرُ بِالعَرصَتَينِ فَمَجرى السَيلِ بَينَهُما إِلى القَرينِ إِلى ما…
سرى لأرض الكرى فما وصلا
سَرَى لأَرْضِ الكَرَى فَمَا وَصَلا وَرام كَتْمَ الهَوَى فَمَا حَصَلا مُسْتَغْرِقُ الحالِ بالصَّبابةِ لَوْ أَراد نُطْقاً بِغَيْرها جَهِلا…
لا يصغر الرجل الكبير
لا يصغر الرجل الكبير بعشرةِ الرَّجل الصغيرِ بل يكبر الرجل الصغير بخدمة الرجل الكبير ويركبُ التَبرُ النفيس على…
ناهيك من حرق أبيت أقاسي
ناهيكَ مِن حَرقٍ أَبيتُ أَقاسي وَجُروحِ حُبٍّ ما لَهُنَّ أَواسِ إِمّا لَحَظتِ فَأَنتِ جُؤذُرُ رَملَةٍ وَإِذا صَدَدتِ فَأَنتِ…
لحا الله دنيا ما ذممنا فعالها
لحا اللَه دنيا ما ذممنا فعالها بجهل وبعض الذم أكثره جهل ولكن على علم بأن صروفها يموت بها…
لسري في صدوركم مكان
لسريَ في صدوركُمُ مكانٌ خلافَ مكانِ سرِّكُمُ بصَدْري فهذا خَمرة ملأتْ زجاجاً وذاك زجاجةٌ مُلئت بخمرِ فوا عجباً…