أيها العصفور الجميل..أريد أن أصدح بالغناء مثلك، وأن أتنقّل بحرية مثلك.
قال العصفور:
لكي تفعل كل هذا، ينبغي أن تكون عصفوراً مثلي..أأنت عصفور ؟
لا أدري..ما رأيك أنت ؟
إني أراك مخلوقاً مختلفاً . حاول أن تغني وأن تتنقل على طريقة جنسك .
وما هو جنسي ؟
إذا كنت لا تعرف ما جنسك ، فأنت، بلا ريب، حمار .
***
أيها الحمار الطيب..أريد أن ا نهق بحرية مثلك، وأن أتنقّل دون هوية أو جواز سفر، مثلك .
قال الحمار :
لكي تفعل هذا..يجب أن تكون حماراً مثلي . هل أنت حمار ؟
ماذا تعتقد ؟
قل عني حماراً يا ولدي، لكن صدّقني..هيئتك لا تدلُّ على أنك حمار .
فماذا أكون ؟
إذا كنت لا تعرف ماذا تكون..فأنت أكثر حمورية مني ! لعلك بغل .
***
أيها البغل الصنديد..أريد أن أكون قوياً مثلك، لكي أستطيع أن أتحمّل كل هذا القهر،
وأريد أن أكون بليداً مثلك، لكي لا أتألم ممّا أراه في هذا الوطن .
قال البغل :
كُـنْ..مَن يمنعك ؟
تمنعني ذ لَّتي وشدّة طاعتي .
إذن أنت لست بغلاً .
وماذا أكون ؟
أعتقد أنك كلب .
***
أيها الكلب الهُمام..أريد أن ا طلق عقيرتي بالنباح مثلك، وأن اعقر مَن يُغضبني مثلك .
هل أنت كلب ؟
لا أدري..طول عمري أسمع المسئولين ينادونني بهذا الاسم، لكنني لا أستطيع النباح أو العقر .
لماذا لا تستطيع ؟
لا أملك الشجاعة لذلك..إنهم هم الذين يبادرون إلى عقري دائماً .
ما دمت لا تملك الشجاعة فأنت لست كلباً .
إذَن فماذا أكون ؟
هذا ليس شغلي..إ عرف نفسك بنفسك..قم وابحث عن ذاتك .
بحثت كثيراً دون جدوى .
ما دمتَ تافهاً إلى هذا الحد..فلا بُدَّ أنك من جنس زَبَد البحر .
***
أيُّها البحر العظيم..إنني تافه إلى هذا الحد..إ نفِني من هذه الأرض أيها البحر العظيم .
إ حملني فوق ظهرك واقذفني بعيداً كما تقذف الزَّبَد .
قال البحر :
أأنت زَبَد ؟
لا أدري..ماذا تعتقد ؟
لحظةً واحدة..د عني أبسط موجتي لكي أستطيع أن أراك في مرآتها.. هـه..حسناً، أدنُ قليلاً .
أ و و وه..ا للعنة..أنت مواطن عربي !
وما العمل ؟
تسألني ما العمل ؟! أنت إذن مواطن عربي جداً . بصراحة..لو كنت مكانك لانتحرت .
إ بلعني، إذن، أيها البحر العظيم .
آسف..لا أستطيع هضم مواطن مثلك .
كيف أنتحر إذن ؟
أسهل طريقة هي أن تضع إصبعك في مجرى الكهرباء .
ليس في بيتي كهرباء .
ألقِ بنفسك من فوق بيتك .
وهل أموت إذا ألقيت بنفسي من فوق الرصيف ؟!
مشرَّد إلى هذه الدرجة ؟! لماذا لا تشنق نفسك ؟
ومن يعطيني ثمن الحبل ؟
لا تملك حتى حبلاً ؟ أخنق نفسك بثيابك .
ألا تراني عارياً أيها البحر العظيم ؟!
إ سمع..لم تبقَ إلاّ طريقة واحدة . إنها طريقة مجانية وسهلة، لكنها ستجعل انتحارك مُدويّاً .
أرجوك أيها البحر العظيم..قل لي بسرعة..ما هي هذه الطريقة ؟
إ بقَ حَيّـا!
اقرأ أيضاً
أمالك مهجتي كم ذا توالي
أَمالِك مُهجَتي كَم ذا تُوالي عَوارِفَ قَد أَتينَ عَلى التَوالي بَقِيتُ أَغُضُّ مِن طَرفي حَياءً لَما اسدَيتَ مِن…
وصهوة عزم قد تمطيت والدجى
وَصَهوَةِ عَزمٍ قَد تَمَطَّيتُ وَالدُجى مُكِبُّ كَأَنَّ الصُبحَ في صَدرِهِ سُرُّ وَقَد أَلحَفَتني شَملَةُ الظِلِّ شَمأَلٌ يُقَلقِلُ أَحشاءَ…
الغيم من بين مغبوق ومصطبح
الغَيمُ مِن بَينِ مَغبوقٍ وَمُصطَبَحِ مِن ريقِ مُكتَفِلاتٍ بِالثَرى دُلُحِ دُهمٍ إِذا ضَحِكَت في رَوضَةٍ طَفِقَت عُيونُ نُوّارِها…
أكثر هذي الخطوب أشكال
أَكثَرُ هَذي الخُطوبِ أَشكالُ وَيُعقِبُ الاِنصِرافُ إِقبالُ وَبَعدَ بُعدِ الطَحبابِ قُربُهُمُ وَبَعدَ شَكوِ النُفوسِ إِبلالُ لَو رَدَّتِ الحادِثاتُ…
إذا نظرت نحونا جردت
إِذا نَظَرَتْ نَحْوَنا جَرَّدَتْ سُيُوفَ الهَوى بِأَكُفِّ المَنْونِ وَتُظْهِرُ لِلْحُسْنِ إِنْ أَسْفَرَتْ هِلالَ المُنى في سَحابِ الظُّنُونِ كأَنَّ…
لقد سرنا أن النعي موكل
لَقَد سَرَّنا أَنَّ النَعِيَّ مُوَكَّلٌ بِطاغِيَةٍ قَد حُمَّ مِنهُ حِمامُ تَجانَبَ صَوبُ المُزنِ عَن ذَلِكَ الصَدى وَمَرَّ عَلَيهِ…
بين بان الحمى وبان المصلى
بَيْنَ بان الحِمَى وَبانِ المُصَلَّى فَاتِناتٍ مِنَ الظِّبَاءِ الجَوازِي كُلّ هَيْفاء رِدْفُها في ارْتِجَاجٍ حِينَ تَمْشِي وَعِطْفُها في…
أرى عيشنا تأبى المنون امتداده
أرى عيشنا تأبى المنون امتداده كأنّا على كيس المنون نعيش وما زال وجه الأرض يُوسعه الردى لطاماً وهاتيك…