يا دار مية لم يترك لنا علما

التفعيلة : البحر البسيط

يا دارَ مَيَّةَ لَم يَترُك لَنا عَلَما

تَقادُمُ العَهدِ وَالهوجُ المَراويدُ

سُقيا لِأَهلِكَ مِن حَيٍّ تَقسِمُهُم

رَيبُ المَنونِ وَطَيّاتٌ عَباديدُ

يا صاحِبَيَّ اِنظُرا آواكُما دَرَجٌ

عالٍ وَظِلُّ مِنَ الفِردَوسِ مَمدودُ

هَل تُؤنِسانِ حُمولاً بَعدَما اِشتَمَلَت

مِن دونِهِنَّ حِبالَ الأَشيَمِ القودُ

عَواسِفَ الرَملِ يَستَقفي تَوالِيَها

مُستَبشِرٌ بِفِراقِ الحَيِّ غِرّيدُ

أَلقى عِصِيَّ النَوى عَنهُنَّ ذو زَهَرٍ

وَحفٌ على أَلسُنِ الرُوادِ مَحمودُ

حَتّى إِذا وَجَفَت بُهمى لِوى لَبَنٍ

وَاِبيَضَّ بَعدَ سَوادِ الخُضرَةِ العودُ

وَغادَرَ الفَرخُ في المَثوى تَريكَتَهُ

وَحانَ مِن حاضِرِ الدَحلينَ تَصعيدُ

ظَلَّت تُخَفِّقُ أَحشائي عَلى كَبدي

كَأَنَّني مِن حِذارِ البَينِ مَورودُ

أَقولُ لِلرَكبِ لَمّا أَعرَصَت أُصُلاً

أَدمانَةٌ لَم تُرَبِّبها الأَجاليدُ

ظَلَّت حِذاراً عَلى مُطلَنفِئٍ خَرِقٍ

تُبدي لَنا شَخصَها وَالقَلبُ مَزؤودُ

هَذا مَشابِهُ مِن خَرقاءَ نَعرِفُها

وَالعَينُ وَاللَونُ وَالكَشحانِ وَالجيدُ

إِن العَراقَ لِأَهلي لَم يَكُن وَطَناً

وَالبابُ دونَ أَبي غَسّانَ مَشدودُ

إِذا الهُمومُ حَماكَ النَومَ طارِقُها

وَاِعتادَ مِن طَيفِها هَمٌّ وَتَسهيدُ

فَاِنمِ القُتودَ عَلى عَيرانَةٍ أَجُدٍ

مَهريَّةٍ مَخَطَتها غِرسَها العيدُ

نَظّارَةٍ حينَ تَعلو الشَمسُ راكِبَها

طَرحاً بَعينِ لَياحٍ فيهِ تَجديدُ

ثَبجاءَ مُجفَرَةٍ سَطعاءَ مُفَرَّعَةٍ

في خَلفِها مِن وَراءِ الرَحلِ تَنضيدُ

مَوّارَةِ الضَبعِ مِسكاتٍ إِذا رُحِلَت

تَهوي اِنسِلالاً إِذا ما اِغبَرَت البيدُ

كَأَنَّها أَخدَرِيٌّ بِالفَروقِ لَهُ

عَلى جَواذِبَ كَالأَدراكِ تَغريدُ

مِنَ العِراقِيَّةِ اللاتي يُحيلُ لَها

بَينَ الفَلاةِ وَبَينَ النَخلِ أُخدودُ

تَرَبَّعَت جانِبَي رَهبى فَمَعقُلَةٍ

حَتّى تَرَقَّصَ في الآلِ القَراديدُ

تَستَنُّ أَعداءَ قُريانٍ تَسَنَّمَها

غَرُّ الغَمامِ وَمُرتَجّاتُهُ السودُ

حَتّى كَأَنَّ رِياضَ القُفَّ أَلبَسَها

مِن وَشيِ عَبقَرَ تَجليلٌ وَتَنجيدُ

حَتّى إِذا ما اِستَقَلَّ النَجمُ في غَلَسٍ

وَأَحصَدَ البَقلُ مَلوِيُّ وَمَحصودُ

وَظَلَّ لِلأَعيَسِ المُزجي نَواهِضَهُ

في نَفنَفِ اللَوحِ تَصويبٌ وَتَصعيدُ

راحَت يُقَحَّمُها ذو أَزمَلٍ وَسَقَت

لَهُ الفَرائِشُ وَالسُلبُ القَياديدُ

أَدنى تَقاذُفِهِ التَقريبُ أَو خَبَبٌ

كَما تَدَهدى مِن العَرضِ الجَلاميدُ

ما زِلتُ مُذ فارَقَت مَيُّ لِطَيَّتِها

يَعتادُني مِن هَواها بَعدَها عيدُ

كَأَنَّني نازِعٌ يَثنيهِ عَن وَطَنٍ

صَرعانِ رائِحَةٍ عَقلٌ وَتَقييدُ


نوع المنشور:

شارك على :

المنشور السابق

ألا أيها الربع الذي غير البلى

المنشور التالي

كأن ديار الحي بالزرق خلقة

اقرأ أيضاً