كَم لَيلَةٍ فيكِ بِتُّ أَسهَرُها
وَلَوعَةٍ في هَواكِ أُضمِرُها
وَحُرقَةٍ وَالدُموعُ تُطفِؤُها
ثُمَّ يَعودُ الجَوى فَيُسعِرُها
يا عَلوُ عَلَّ الزَمانَ يُعقِبُنا
أَيّامَ وَصلٍ نَظَلُّ نَشكُرُها
بَيضاءُ رودُ الشَبابِ قَد غُمِسَت
في خَجَلٍ ذائِبٍ يُعَصفِرُها
مَجدولَةٌ هَزَّها الصِبا فَشَفى
قَلبَكَ مَسموعُها وَمنظَرُها
لا تَبعَثُ العودَ تَستَعينُ بِهِ
وَلا تَبيتُ الأَوتارُ تَخفُرُها
اللَهُ جارٌ لَها فَما اِمتَلَأَت
عَينِيَ إِلّا مِن حَيثُ أُبصِرُها
إِنَ قُوَيقاً لَهُ عَلّى يَدٌ
بِالأَمسِ بَيضاءُ لَستُ أَكفُرُها
وَلَيلَةُ الشَكِّ وَهوَ ثالِثُنا
كانَت هَنّاتٌ وَاللَهُ يَغفِرُها
أَيّامَ لَهوٍ في جانِبَي حَلَبٍ
لَم يَبقَ مِنها إِلّا تَذَكُّرُها
إِنَّ خِلالَ المُعتَزِّ لَيسَ لَها
مُقارِبٌ في السَحابِ يَعشُرُها
مُوَفَّقٌ لِلهُدى تَليقُ بِهِ
خِلافَةٌ رَأيُهُ يُدَبِّرُها
رُدَّت إِلَيهِ أُمورُها وَغَدا
يورِدُها حَزمُهُ وَيُصدِرُها
فَالعَدلُ وَالدينُ يَقصِدانِ إِلى
غايَةِ مَجدٍ لِلدينِ مَفخَرُها
سَجِيَّةٌ مِنهُ ما يُبَدِّلُها
وَسُنَّةٌ مِنهُ ما يُغَيِّرُها
وَإِمرَةُ المُؤمِنينَ مُنتَخَبٌ
لَها رَضِيُّ الخَلاقِ خَيرُها
زَها بِهِ تاجُها وَتاهَ بِهِ
سَريرُها المُعتَلى وَمَنبَرُها
في كُلِّ يَومٍ تَفيضُ راحَتُهُ
مَواهِباً ما تُخاصُ أَبحُرُها
لَو أَنَّ كَنزَ الأَيّامِ في يَدِهِ
طاحَت سِنوها جوداً وَأَشهَرُها
نُثني عَلَيهِ بِأَنعُمٍ سَلَفَت
أَصغَرُها في النُفوسِ أَكبَرُها
كَالرَوضِ أَثنى عَلى سَحائِبِهِ
بِزَهرَةِ الرَوضِ حينَ يَنشُرُها
قاد تَمَّ حُسنُ المُحَمَّدِيَّةِ بِالبَد
رِ الَّذي بِالضِياءِ يَغمُرُها
مُشرِقَةٌ في العُيونِ ضاحِكَةٌ
مَبدَؤُها آنِسٌ وَمَحضَرُها
تُبدي نَسيمَ الكافورِ تُربَتُها
إِذا غَدَت وَالسَماءُ تُمطِرُها
مَغنى سُرورٍ بِالسَعدِ تُنزِلُهُ
وَدارُ أُنسٍ بِاليُمنِ تَعمُرُها
وَفارِسابادِ إِذ تَكَنَّفَها
مورِقُ أَشجارِها وَمِثمِرُها
جَنَّةُ عَدنٍ مَتى حَلَلتَ بِها
شَهَدتَ أَنَّ القاطولَ كَوثَرُها
مَن لَم يَكُن جَوهَراً فَذَلِكَ عَب
دُ اللَهِ زَينُ الدُنيا وَجَوهَرُها
نَشوانُ مِن هِزَّةِ النَدى فَيدٌ
بِالمَها وَالسَماحِ تَحذَرُها
أَوفى ضِياءً بِطَلعَةٍ بَهَرَت
شَمسَ الضُحى إِذ أَضاءَ نَيِّرُها
مُؤَمَّلٌ لِلنَدى تُؤَمِّرُهُ
عَبدُ مَنافٍ وَمَن يُؤَمِّرُها
إِذا طَلَبنا إِلَيهِ مَرغَبَةً
لَم يَعتَرِض دونَها تَعَذُّرُها