يا للمفضل تكسوني مدائحه

التفعيلة : البحر البسيط

يا للْمُفَضَّلِ تَكْسُوني مدائِحُه

وقد خلَعْتُ لِباسَ المَنْظَرِ الأنِقِ

وما ازْدُهِيتُ وأثوابُ الصِّبا جُدُدٌ

فكيفَ أُزهَى بثوْبٍ من صِباً خَلَقِ

للهِ دَرُّكَ مِن مُهْرٍ جَرى وجَرَتْ

عُتْقُ المَذاكي فخابتْ صَفْقةُ العُتُقِ

إنّا بعَثْناكَ تَبْغي القَولَ من كَثَبٍ

فجِئْتَ بالنّجْمِ مَصْفوداً من الأفُقِ

وقد تفرّسْتُ فيكَ الفَهْمَ مُلْتَهِباً

من كل وجهٍ كنارِ الفُرْسِ في السَّذَقِ

أيْقنْتُ أنّ حِبالَ الشمسِ تُدرِكُني

لمّا بَصُرْتُ بخَيْطِ المَشرِقِ اليَقَقِ

هذا قَريضٌ عن الأملاكِ محْتَجِبٌ

فلا تُذِلْهُ بإكْثارٍ على السّوقِ

كأنّه الرّوْضُ يُبْدي مَنْظراً عَجَباً

وإنْ غَدا وهْوَ مَبذُولٌ على الطُّرُقِ

وكم رِياضٍ بحَزْنٍ لا يَرودُ بها

ليْثُ الشَرى وهيَ مَرْعَى الشادنِ الخَرِقِ

فاطْلبْ مَفاتيحَ بابِ الرّزقِ من مَلِكٍ

أعْطاكَ مِفْتاحَ بابِ السؤدَدِ الغَلِقِ

لَفْظٌ كأنّ مَعاني السكْرِ يَسْكُنُه

فمَن تحفَّظَ بَيْتاً منْه لم يُفِقِ

صَبّحْتَني منه كاساتٍ غَنِيتُ بها

حتى المَنيّة عن قَيْلٍ ومُغْتَبَقِ

جَزْلٌ يُشَجِّعُ مَن وافَى له أُذُناً

فهْو الدّواء لِداءِ الجبْنِ والقَلَقِ

إذا تَرَنّمَ شادٍ لليَرَاعِ به

لاقى المَنايا بلا خوْفٍ ولا فَرَقِ

وإن تَمَثّلَ صادٍ للصّخورِ بهِ

جادَتْ عليه بعَذْبٍ غيرِ ذي رَنَقِ

فرَتِّبِ النّظْمَ تَرْتِيبَ الحُلِيّ على

شَخْصِ الجَلِيّ بلا طَيشٍ ولا خَرَقِ

الحِجْلُ للرِّجْلِ والتاجُ المُنيفُ لِما

فوقَ الحِجاجِ وعِقْدُ الدُّرّ للعُنُقِ

وانْهَض إلى أرضِ قوْمٍ صَوْبُ جَوّهمِ

ذَوْبُ اللُّجَينِ مكانَ الوابلِ الغَدِقِ

يَغْدو إلى الشوْل راعيهِمْ ومِحْلَبُه

قعْبٌ من التّبرِ أو عُسٌّ من الوَرِقِ

وَدَعْ أُناساً إذا أجْدَوْا على رجُلٍ

رَنَوْا إليه بعَينِ المُغْضَبِ الحَنِقِ

كأنما القُرّ منهمْ فهْو مُسْتلِبٌ

ما الصَّيْفُ كاسيهِ أشجاراً من الوَرَقِ

لا تَرْضَ حتى تَرى يُسراك واطِئةً

على رِكابٍ من الإذهابِ كالشّفَقِ

أمامَكَ الخيْلُ مسْحوباً أجِلّتُها

من فاخرِ الوَشْي أو من ناعمِ السَّرَقِ

كأنما الآلُ يَجْري في مَراكِبِها

وَسطَ النهارِ وإن أُسْرِجنَ في الغَسَقِ

كأنها في نُضارٍ ذائبٍ سبَحتْ

واسْتُنقِذَتْ بعد أن أشْفَتْ على الغَرَقِ

ثَقِيلةُ النهْضِ ممّا حُلّيتْ ذَهَباً

فليس تَمْلِكُ غيرَ المَشْيِ والعَنَقِ

تَسْمو بما قُلّدَتْهُ من أعِنّتِها

مُنِيفَةً كصَوادي يَثرِبَ السُّحُقِ

وخُلّةُ الضّرْبِ لا تُبْقي له خِلَلاً

وحُلّةُ الحَرْبِ ذاتُ السَّرْدِ والحَلَقِ

لا تَنْسَ لي نَفَحاتي وانْسَ لي زَلَلي

ولا يَضُرُّكَ خَلْقي واتّبِعْ خُلُقي

فرُبّما ضَرّ خِلٌّ نافِعٌ أبداً

كالرّيقِ يحْدُثُ منه عارِضُ الشَّرَقِ

وعَطْفَةٍ من صَديقٍ لا يَدومُ بها

كعَطْفَةِ اللّيلِ بينَ الصّبْحِ والفَلَقِ

فإنْ تَوافَقَ في معْنىً بَنو زَمَنٍ

فإنّ جُلّ المَعاني غيرُ مُتّفِقِ

قد يَبْعُدُ الشيءُ من شيءٍ يُشابِههُ

إنّ السماءَ نَظِيرُ الماءِ في الزَّرَقِ


نوع المنشور:

شارك على :

المنشور السابق

الصدق عمود الدين، ورُكن الأدب، وأصل المروءة

المنشور التالي

عظيم لعمري أن يلم عظيم

اقرأ أيضاً

فم

في وجهها يدور .. كالبرعم بمثله الأحلام لم تحلم كلوحة ناجحة .. لونها أثار حتى حائط المرسم كفكرة…

غناؤك يورثك التزنيه

غِناؤُكَ يورِثُكَ التَزنِيَه وَشَتماً وَطَرداً مِنَ الأَفنِيَه وَفَقدُكَ أَجدَرُ مِن أَن تُبَرَّ وَشَتمُكَ أَولى مِنَ التَكنِيَه وَيَومُ وِلادِكِ…