إِثلِث فَإِنّا أَيُّها الطَلَلُ
نَبكي وَتُرزِمُ تَحتَنا الإِبلُ
أَولا فَلا عَتبٌ عَلى طَلَلِ
إِنَّ الطُلولَ لِمِثلِها فُعُلُ
لَو كُنتَ تَنطِقُ قُلتَ مُعتَذِراً
بي غَيرُ ما بِكَ أَيُّها الرَجُلُ
أَبكاكَ أَنَّكَ بَعضُ مَن شَغَفوا
لَم أَبكِ أَنِّيَ بَعضُ مَن قَتَلوا
إِنَّ الَّذينَ أَقَمتَ وَاِحتَمَلوا
أَيّامُهُم لِدِيارِهِم دُوَلُ
الحُسنُ يَرحَلُ كُلَّما رَحَلوا
مَعَهُم وَيَنزِلُ حَيثُما نَزَلوا
في مُقلَتي رَشَأٍ تُديرُهُما
بَدَوِيَّةٌ فُتِنَت بِها الحِلَلُ
تَشكو المَطاعِمُ طولَ هِجرَتِها
وَصُدودِها وَمَنِ الَّذي تَصِلُ
ما أَسأَرَت في القَعبِ مِن لَبَنٍ
تَرَكَتهُ وَهوَ المِسكُ وَالعَسَلُ
قالَت أَلا تَصحو فَقُلتُ لَها
أَعلَمتِني أَنَّ الهَوى ثَمَلُ
لَو أَنَّ فَنّاخُسرَ صَبَّحَكُم
وَبَرَزتِ وَحدَكِ عاقَهُ الغَزَلُ
وَتَفَرَّقَت عَنكُم كَتائِبُهُ
إِنَّ المِلاحَ خَوادِعٌ قُتُلُ
ما كُنتِ فاعِلَةً وَضَيفُكُمُ
مَلِكُ المُلوكِ وَشَأنُكِ البَخَلُ
أَتُمَنِّعينَ قِرىً فَتَفتَضِحي
أَم تَبذُلينَ لَهُ الَّذي يَسَلُ
بَل لا يَحُلُّ بِحَيثُ حَلَّ بِهِ
بُخلٌ وَلا جَورٌ وَلا وَجَلُ
مَلِكٌ إِذا ما الرُمحُ أَدرَكَهُ
طَنَبٌ ذَكَرناهُ فَيَعتَدِلُ
إِن لَم يَكُن مَن قَبلَهُ عَجَزوا
عَمّا يَسوسُ بِهِ فَقَد غَفَلوا
حَتّى أَتى الدُنيا اِبنُ بَجدَتِها
فَشَكا إِلَيهِ السَهلُ وَالجَبَلُ
شَكوى العَليلِ إِلى الكَفيلِ لَهُ
أَن لا تَمُرَّ بِجِسمِهِ العِلَلُ
قالَت فَلا كَذَبَت شَجاعَتُهُ
أَقدِم فَنَفسُكَ ما لَها أَجَلُ
فَهُوَ النِهايَةُ إِن جَرى مَثَلٌ
أَو قيلَ يَومَ وَغىً مَنِ البَطَلُ
عُدَدُ الوُفودِ العامِدينَ لَهُ
دونَ السِلاحِ الشَكلُ وَالعَقلُ
فَلِشُكلِهِم في خَيلِهِ عَمَلٌ
وَلِعُقلِهِم في بُختِهِ شُغُلُ
تُمسي عَلى أَيدي مَواهِبِهِ
هِيَ أَو بَقِيَّتُها أَوِ البَدَلُ
يَشتاقُ مِن يَدِهِ إِلى سَبَلٍ
شَوقاً إِلَيهِ يَنبُتُ الأَسَلُ
سَبَلٌ تَطولُ المَكرُماتُ بِهِ
وَالمَجدُ لا الحَوذانُ وَالنَفَلُ
وَإِلى حَصى أَرضٍ أَقامَ بِها
بِالناسِ مِن تَقبيلِها يَلَلُ
إِن لَم تُخالِطهُ ضَواحِكُهُم
فَلِمَن تُصانُ وَتُذخَرُ القُبَلُ
في وَجهِهِ مِن نورِ خالِقِهِ
قَدَرٌ هِيَ الآياتُ وَالرُسُلُ
وَإِذا القُلوبُ أَبَت حُكومَتَهُ
رَضِيَت بِحُكمِ سُيوفِهِ القُلَلُ
وَإِذا الخَميسُ أَبى السُجودَ لَهُ
سَجَدَت لَهُ فيهِ القَنا الذُبُلُ
أَرَضيتَ وَهشُوَذانُ ما حَكَمَت
أَم تَستَزيدُ لِأُمِّكَ الهَبَلُ
وَرَدَت بِلادَكَ غَيرَ مُعمَدَةٍ
وَكَأَنَّها بَينَ القَنا شُعَلُ
وَالقَومُ في أَعيانِهِم خَزَرٌ
وَالخَيلُ في أَعيانِها قَبَلُ
فَأَتَوكَ لَيسَ بِمَن أَتَوا قِبَلٌ
بِهِم وَلَيسَ بِمَن نَأَوا خَلَلُ
لَم يَدرِ مَن بِالرَيِّ أَنَّهُمُ
فَصَلوا وَلا يَدري إِذا قَفَلوا
فَأَتَيتَ مُعتَزِماً وَلا أَسَدٌ
وَمَضَيتَ مُنهَزِماً وَلا وَعِلُ
تُعطي سِلاحَهُمُ وَراحَهُمُ
ما لَم تَكُن لِتَنالَهُ المُقَلُ
أَسخى المُلوكِ بِنَقلِ مَملَكَةٍ
مَن كادَ عَنهُ الرَأسُ يَنتَقِلُ
لَولا الجَهالَةُ ما دَلَفتَ إِلى
قَومٍ غَرِقتَ وَإِنَّما تَفَلوا
لا أَقبَلوا سِرّاً وَلا ظَفِروا
غَدراً وَلا نَصَرَتهُمُ الغِيَلُ
لا تَلقَ أَفرَسَ مِنكَ تَعرِفُهُ
إِلّا إِذا ضاقَت بِكَ الحِيَلُ
لا يَستَحي أَحَدٌ يُقالُ لَهُ
نَضَلوكَ آلُ بُوَيهِ أَو فَضَلوا
قَدَروا عَفَوا وَعَدوا وَفَوا سُئِلوا
أَغنَوا عَلَوا أَعلَوا وَلَو عَدَلوا
فَوقَ السَماءِ وَفَوقَ ما طَلَبوا
فَإِذا أَرادوا غايَةً نَزَلوا
قَطَعَت مَكارِمُهُم صَوارِمَهُم
فَإِذا تَعَذَّرَ كاذِبٌ قَبِلوا
لا يَشهُرونَ عَلى مُخالِفِهِم
سَيفاً يَقومُ مَقامَهُ العَذَلُ
فَأَبوا عَلِيٍّ مَن بِهِ قَهَروا
وَأَبو شُجاعٍ مَن بِهِ كَمَلوا
حَلَفَت لِذا بَرَكاتُ غُرَّةِ ذا
في المَهدِ أَن لا فاتَهُم أَمَلُ