لقد رام كتم الوجد يوم ارتحاله

التفعيلة : البحر الطويل

لَقَدْ رَامَ كَتْمَ الْوَجْدِ يَوْمَ ارْتِحَالِهِ

وَلَكِنَّ دَمْعَ الْعَيْنِ بَاحَ بِحَالِهِ

فَجَادَ وَلَمْ يَمْلِكْ بَوَادِرَ عَبْرَةٍ

حَدَاهَا مَعَ الأظْعَانِ حَادِي جمَالِه

أَخُو زَفْرَةٍ لاَ يَسْتَقِيمُ كَأنَّمَا

يَجُولُ فَرَاشُ الْفِكْرِ حَوْلَ ذُبالِهِ

إِذَا حَنَّ لاَقَى دَمْعَهُ بِيَمِينِهِ

وَإِنْ أَنَّ حَامَى قَلْبَهُ بِشِمَالِهِ

تَذَكَّرْتُ عَهْداً كَانَ أَحْلَى مِنَ الْكَرَى

وَأَقْصَرَ مِنْ إِلْمَامِ طَيْفِ خَيَالِهِ

فَيَالَيْتَ شِعْرِي مَنْ أَتَاحَ لِيَ الْجَوَى

وَعَذَّبَ بَالِي هَلْ أَمُرَّ بِبَالِهِ

خَلِيلَيَّ هُبَّا فَازْجُرَاهَا وَعَرِّجَا

عَلَيْهَا بِكُثْبَانِ الْحِمَى وَرِمَالِهِ

وَإِنْ غَالَهَا حَرَّ الْهَجِيِرِ فَذَكَّرِا

غَضَارَةَ وَادِيهِ وَبَرْدَ ظِلاَلِهِ

وَقُولاَ لَهَا رَيّاً فَأَكْنَافُ رِيَّةٍ

مَأَمَّ نَوَانَا فَابْشِرِي بِاحْتِلاِلِه

سَتَجْنيِنَ غَضَّ الْعَيْشِ مِنْ مَضَضِ السٌّرى

إذَا حُطَّ عَنْكِ الْكُورُ بَيْنَ حِلاَلِهِ

وَتَأَتِي أمِيرَ الْمُسْلِمِينَ خَوَامِسا

فَتَكْرَعُ مِنْ بَعْدِ النَّوى فِي نَوَالِهِ

خَلِيفَةُ صِدْقٍ لَمْ يَجُدْ بِشَبِيهِهِ

زَمَانٌ وَلَمْ تَأَتِ الدٌّنَا بِمِثَالِهِ

يَرفٌّ إلَى الْعافِينَ لألاَءُ بِشرِهِ

كَمَا رَفَّ مَتْنُ الْعَضْبِ عِنْدَ صِقَالِهِ

إذَا هَمَّ كَانَ الدَّهْرُ عَبْدَ مَقَامِهِ

وإنْ قَالَ كَانَ الْحَقَّ عِنْدَ مَقَالِهِ

مُجِيرُ مَنِ اسْتِعْدَاهُ قَبْلَ نِدَائِهِ

وَمُغْنِي مَنِ اسْتَجْدَاهُ قَبْلَ سُؤالِهِ

مُثِيِرُ رِيَاحِ الْعَزْمِ فِي حَوْمَةِ الْوَغَى

وَمُخْتَطِفُ الأبْطَالِ يَوْمَ نِزَالِهِ

وَمُوقِدُ نَارِ الْعَدلِ فِي عَلَمِ الْهُدَى

وَمُطْفِئُ نَارِ الْبَغْيِ بَعْدَ اشْتِعَالِهِ

وَمُطْلِعُ شَمْسِ الْبِشْرِ فِي سُحُبِ النَّدَى

وَبَانِي مَعَالِيهِ وَهَادِم مَالِهِ

وللَّهِ مِنْ مَجْدٍ رَفِيعٍ عِمَادُهُ

تَبِيتُ النَّجُومُ الزَّهْرُ دُونَ مَنَالِهِ

وَأُقْسِمُ مَا رَوْضُ الرَّبَى عَقِبَ الْحَيَا

بِأعْطرَ عَرْفاً مِنْ ثَنَاءِ خِلاَلِهِ

أيوسف دُمْ للِدِّينِ تَحْمِي ذِمَارَهُ

وَتَجْنِي الأمَانِي تَحْتَ ظِلِّ ظلالِهِ

وَلِلْجُودِ تُهْمِي سَاجِماً مِنْ سَحَابِهِ

وَلِلْبَأَسِ تُذْكي جَاحِماً مِنْ نصَالِهِ

حَثَثْتَ رِكَابَ الْعَزْمِ فِي خَيْرِ وِجْهَةٍ

أُتِيحَ بِهَا الإسْلاَمُ بَرْدَ اعْتِلاَلِهِ

نَشْرَتَ لِوَاءَ الدِّينِ حِينَ طَوَيْتَهاَ

مَرَاحِلَ غَزْوٍ مِنْكَ فِي نَصْرِ آلِهِ

إذَا جِئْتَ قُطْراً أوْ حَلَلْتَ بِمَرْبَعٍ

ثَوَى الأمْنُ والتَّمْهِيدُ بَيْنَ حِلاَلِهِ

وَصَابَ غَمَامُ الْجُودِ فَوْقَ بِطَاحِهِ

وَأشْرَقَ نُورُ الْهُدَى فَوْقَ جِباَلِهِ

كَأنَّكَ بَدْرٌ وَالْبِلاَدُ مَنَازِلٌ

إذَا جِئْتَ أُفْقاً رَاقَ نُورُ جَمَالِهِ

وَإنْ فُقْتَهُ بِالْحِلْمِ وَالْعِلْمِ وَالنَّدَى

وَشَارَكْتَهُ فِي نُورِهِ وَانْتِقَالِهِ

فكَمْ بَيْنَ مَحْفُوظِ الْكَمَالِ مِنَ الرَّدَى

وَمُتَّصِفٍ بِالنَّقْصِ بَعْدَ كَمَالِهِ

وَلَمَّا أَرَحْتَ السَّيْرَ فِي قَصْرِ رية

بِعَزْمٍ تَضِقُ الأرْضُ دُونَ مَجَالِهِ

رَأَى مِنْكَ بحر الماء بَحْراً مِنَ النَّدَى

فَوَاصَلَ مِنْهُ الْمَوْجُ لَثْمَ نِعَالِهِ

زَجَرْتَ بِهَا الأسْطُولَ يَبْتَدِرُ الْعِدَى

وَيَمْضِي إِلَى مَا اعْتَادَهُ مِنْ فَعَالِهِ

بِكُلِّ خَفِيفٍ ذِي حَفِيفٍ مُطَاوِعٍ

مُثَارَ صَبَاهُ أوْ مَهَبَّ شَمَالِهِ

فَلِلَّهِ عَيْناً مَنْ رَآهَا صَوَافِناً

أَفَاضَ عَلَيْهَا الْقَارُ سُحْمَ جِلاَلِهِ

إذَا سَاعَدَتْهَا هَبَّةُ الَّريحِ أسْرَعَتْ

كَمَا انْسَابَ أيْمُ الَّروْضِ غِبّ انْسلاَلِهِ

وَغرْبَانِ اثْبَاجٍ زَجَرتَ سَينِحَهَا

وَيَظْهَرُ نُجْحُ الأمْرِ فِي حُسْنِ فَالِهِ

سَحَابٌ إذَا تَهْفُو بُرُوقُ صِفَاحِهِ

هَمَى عَارِضٌ جَهْمٌ بِوَدْقِ نِبَالِهِ

وَغِيلُ لُيُوثٍ غَابُهُ مِنْ سِلاَحِهِ

وَآسَادُهُ يَوْمَ الْوغَى مِنْ رِجَالِهِ

وَرَوْضٍ سَقَاهُ النَّصْرُ صَوْبَ غَمَامِهِ

وَدَارَتْ عَلَيْهِ مُفْعَمَاتُ سِجَالِهِ

فأَغْصَانُهُ مُلْتَفَّةٌ مِنْ رِمَاحِهِ

وَأَوْرَاقُهُ مُخْضَرَّةٌ مِنْ نِصَالِهِ

جَوَارٍ غَذَاهَا الْغَزْوُ دَرَّ لِبَانِهِ

وَحَجَّبهَا الإسْلاَمُ تَحْتَ حِجَالِهِ

هَوَافٍ إِلَى حَرْبِ الْعَدُوِّ وإِنَّمَا

وَثِقْنَ بِنَصْرِ الله يَوْمَ قِتَالِهِ

لِمُلْكِكَ عُقْبَى النَّصْر فارْقبْ طُلُوعَهَا

فَقَدْ آنَ لِْلإِسْلاَمِ آنُ اقْتِبَالِهِ

هُوَ اللهُ يُمْلِي للْعِدَى وَيَدُ الْهُدَى

بِبُرْهَانِهَا تَجْلُو ظَلاَمَ مُحَالِهِ

وَهَلْ يَسْتَوِي مُسْتَبْصِرٌ فِي يَقيِنِهِ

وَمُسْتَبْصِرٌ فِي غَيِّهِ وَضَلاَلِهِ

هَنِيئاً لَكَ الْعِيدُ السَّعِيدُ فإِنَّهُ

أَتَاكَ بِبُشْرَى الْفَتْحِ قَبْلَ أتِّصَالِهِ

طَوَى الْبُعْدُ عَنْ شَوْقٍ وَحَثَّ رِكَابَهُ

وَأوْشَكَ فِي مَغْنَاكَ حَطَّ رِحَالِهِ

وَلَمَّا شَجاَهُ الُبُعْدُ عَنْكَ وَشَفَّهُ

تَبَدَّى نُحُولُ الشَّوْقِ فَوْقَ هِلاَلِهِ

وَلَوْلاَ اخْتِصَاصُ الشَّرْعِ يَوْماً بِعَيْنِهِ

وَأَنَّا نُوَفِّي الأَمْرَ حَقَّ امْتِثَالِهِ

لَمَا امْتَازَ يَوْم الْعِيدِ مِنْ يَوْم غَيْرِهِ

فَذِكْرُكَ عِيدٌ كُلُّهُ فِي احْتِفَالِهِ

وَدُونَكَهَا كَالرَّوْضِ عَاهَدَهُ الْحَيَا

وَجَرَّ عَلَيْهِ الْفَضْلُ ذَيْلَ اعْتِدَالِهِ

إذَا لَمْ يَكُنْ فِي السَّيْفِ مِنْ طِيبِ طَبْعِهِ

لَهُ صَيْقَلٌ لَمْ يُنْتَفَعْ بِصِقَالِهِ


نوع المنشور:

شارك على :

المنشور السابق

كتبت بدمع عيني صفح خدي

المنشور التالي

النصر نصك والحسام دليله

اقرأ أيضاً

فوارس خروب تناهوا فإنما

فَوارِسَ خَرّوبٍ تَناهَوا فَإِنَّما أَخو المَرءِ مَن يَحمي لَهُ وَيُلائِمُه فَخَرتُم بِأَيّامِ الكُلابِ وَغَيرُكُم أُبيحَت لَهُ أَسلابُهُ وَمَحارِمُه…

سونا

أزهارُها الصفراءُ.. والشفة المشاعْ وسريرها العشرون مهترئ الغطاء نامت على الإسفلت ، لا أحد يبيع .. ولا يباع…