لو كنت حاضر طرفه وفؤاده

التفعيلة : البحر الكامل

لو كنتَ حاضر طرفِهِ وفؤادِهِ

أشْفَقْتَ من زَفَراتِهِ وسُهادِهِ

قد كانَ يرجو أن يلمّ ببرئِه

لو أنَّ طيفك كانَ من عوَّاده

عذَّبتَ طرفي بالسُّهاد ولم تبُت

إلاَّ وطرفك في لذيذ رقاده

ما لي أُعَذِّب في هواكَ حشاشتي

وأذودُ حرَّ القلب عن إبراده

وإذا أخَذْتَ بما يبوحُ به الجوَى

أخذ الجوى إذ ذاك في إيقاده

هذا الغرامُ وما مرادك بعده

ممَّا يحولُ جفاك دون مراده

من كنت أستصفي الحياةَ لقربه

أصْبَحْتُ أرتقبُ الرَّدى لبعاده

أطلقتُ بعدكم الدُّموع وإنْ أكنْ

فيكم أسيرَ الحبّ في أقياده

ولقدْ سَدَدْتُ عن العَذول مسامعي

ورأيتُ أنَّ الرَّأي غير سداده

يا مَن يلوم على الهوى أهل الهوى

كيف اقتناءُ الصَّبر بعد نفاذه

هل أنتَ يومَ البين من شهدائهِ

أم أنتَ يومَ الجزع من أشهاده

مَن ذا يُجيرك من لواحظ سربه

ويفكُّ قلبك من يدي صيَّاده

يا ربع بلّ لك الأوام متيَّمٌ

إنْ جَفَّ ناظره بماءِ فؤاده

حَكَمْت بما حكم الغرامُ بأهلِهِ

آرامُه فقَضَتْ على آساده

وكأَنَّما كانت لذائذنا بها

روضاً جَنَيْتُ الغضّ من أوراده

لم أنسَ عهدكِ يا أُميمة باللّوى

فسقى الغمام العهد صوب عهاده

أيَّام أصطبحُ المراشف عذبةً

ويفوزُ رائد لذَّةٍ بمراده

حيثُ الشَّبابُ قشيبةٌ أبراده

إذ كنتُ أرفلُ منه في أبراده

ومضرَّج الوَجَنات من دمِ عاشقٍ

يسطو بذابل أسْمَرٍ ميَّاده

عاطَيْتُهُ ممَّا يَمُجُّ لُعابُهُ

صَهْباء تكْشِفُ عن صميمِ فؤاده

يصفو بها عيشُ النَّديم كأَنَّما

أخَذَتْ عليه العهد من أنكاده

حتَّى إذا ألقى الظَّلام رداءه

واستلَّ سيف الصُّبح من أغماده

قلتُ اسمحنْ لي ما بخلت بزورةٍ

وهل المحبّ بها على ميعاده

لا ذاقَ ريقك بعد ذلك إنْ صحا

أو كانَ يعثر غيّه برشاده

فَسَدَتْ معاملة الحسان لمَفْرِقٍ

نَزَلَ البياضُ به مكان سواده

وثنى المشيب من الشَّباب عنانه

عن ودِّ زينبه وعشق سعاده

ونفاسة الصّمصام في إفرنده

لا في نفاسة غمده ونجاده

سالمت أيَّامي فقال لي العُلى

إنْ كانَ عاداك الزَّمان فعاده

ولقد يعزُّ على المعالي أنْ ترى

مثلي بهذا الدهر طوع قياده

صافيتُ أخلاقي الأَبيَّة دونه

فلينطو أبداً على أحقاده

وأنا القويُّ على شدائد بطشه

عاندته فرَغِمْتُ أنفَ عناده

وأراه يمكر بي ويحسَبُ أنَّه

يضطرُّني يوماً إلى أوغاده

هيهات قد تربَّت يداك فدون ما

قد رامَ هذا الدهر خرط قتاده

ولمنْ أراد من الأَكارم بغية

ألفى أبا سلمان فوقَ مراده

بأسٌ يذوب له الحديد ونائلٌ

كالعارض المنهلّ في إرفاده

النَّاس مغتنمون في إبراقه

طوراً ومحترزون من إرعاده

مستنزل الإِحسان صادق وعده

ومزلزل الأَركان في إيعاده

حسدت مناقبه الكواكبُ في العُلى

حتَّى رأيت البدر من حسَّاده

أمَّا العيال عليه فهي أماجد

والمجد لا ينفكُّ عن أمجاده

يتطفَّلون على موائد فضله

يتبرَّكون بمائه وبزاده

طرب الشَّمائل كلَّما استجديته

طرب الشّجاع لحربه وجلاده

ولربَّما أجرى اليراعَ فلاحَ لي

بيض الأَيادي من سواد مداده

لله أبلجُ من ذؤابة هاشمٍ

لا زالَ حزبُ الله من أجناده

عقل الحوادث أقْلَعَتْ لهياجها

فكأَنَّها مصفودة بصفاده

لمَ لا يُؤَمَّل للإِغاثة كلّها

من كانَ قطب الغوث من أجداده

لحق الكرام الأَوَّلين ولم يزل

في حَلْبَة النجباء سبق جواده

فكأنَّما انتقب الصَّباح إذا بدا

إقبالهُ منه على وفَّاده

لا تعجبوا لجمال آل محمَّد

نورُ النَّبيّ سرى إلى أولاده

بيتٌ قواعده قواعدُ يَذْبُلٍ

يَتَعَثَّرُ الحدثان في أوتاده

أطواد مجد في العُلى لم ينزلوا

إلاَّ على الشرُفات من أطواده

من كلِّ بحرٍ يستفاض نواله

يا فوزَ من قد راحَ من روَّاده

قد تستمدّ العارفون وإنَّما

استمدادها بالفيض من إمداده

يا أهل ذا البيت الرَّفيع عماده

وانحطَّت الملوان دون عماده

أروي لكم خبر الثناء وطالما

أَوْقَفْت راويه على إسناده

مستعبد الحرّ الكريم بفضله

لا حرَّ في الدُّنيا مع استعباده

شاركت أبناء الرجال بما حَوَتْ

يمناكَ بين طريفه وتلاده

وإذا تفرَّدَ في الزَّمان مهذّب

ألفيتكَ المعدودَ من أفراده

روضي ذوى ولوى الرَّجاء بعوده

فليجر منك الماء في أعواده

يفديك من ملكت يمينُك رقَّه

ورآك ملجأ قصدِهِ ومراده

منع الوصول إلى ذراك بعيده

لا زلت أنْتَ العيد في أعياده

والحظّ يصلد في يديَّ زناده

إنِّي أُعيذُك من صُلود زناده

يا مَن نَعِمْتُ به وأَيَّة نعمة

وسَعِدْتُ بين النَّاس في إسعاده

تاجرت في شعري إليك وإنَّما

نَفَقَ القريض لديك بعد كساده

ومن الكلام إذا نظرتَ جواهرٌ

يجبى إلى مَن كانَ من نقَّاده


نوع المنشور:

شارك على :

المنشور السابق

سكب الدمع لها فانسكبا

المنشور التالي

سنا برق تبلج واستنارا

اقرأ أيضاً