ما لي بدار خلت من أهلها شغل

التفعيلة : البحر البسيط

ما لي بِدارٍ خَلَت مِن أَهلِها شُغُلُ

وَلا شَجاني لَها شَخصٌ وَلا طَلَلُ

وَلا رُسومٌ وَلا أَبكي لِمَنزِلَةٍ

لِلأَهلِ عَنها وَلِلجيرانِ مُنتَقَلُ

وَلا قَطَعتُ عَلى حَرفٍ مُذَكَّرَةٍ

في مِرفَقَيها إِذا اِستَعرَضتَها فَتَلُ

بَيداءَ مُقفِرَةً يَوماً فَأَنعَتَها

وَلا سَرى بي فَأَحكيكِ بِها جَمَلُ

وَلا شَتَوتُ بِها عاماً فَأَدرَكَني

فيها المَصيفُ فَلي عَن ذاكَ مُرتَحَلُ

وَلا شَدَدتُ بِها مِن خَيمَةٍ طُنُباً

جارى بِها الضَبُّ وَالحِرباءُ وَالوَرَلُ

لا الحَزنُ مِنّي بِرَأيِ العَينِ أَعرِفُهُ

وَلَيسَ يَعرِفُني سَهلٌ وَلا جَبَلُ

لا أَنعَتُ الرَوضَ إِلّا ما رَأَيتُ بِهِ

قَصراً مِنيفاً عَلَيهِ النَخلُ مُشتَمِلُ

فَهاكَ مِن صِفَتي إِن كُنتَ مُختَبِراً

وَمُخبِراً نَفَراً عَنّي إِذا سَأَلوا

نَخلٌ إِذا جُلِيَت إِبّانَ زينَتِها

لاحَت بِأَعناقِها أَعذاقُها النُحُلُ

أَسقاطُ عَسجَدِهِ فيها لَآلِئُها

مَنضودَةٌ بِسَموطِ الدُرِّ تَتَّصِلُ

يَفتَضُّها فَطِنٌ عِلجٌ بِها خَبِرٌ

فَضَّ العَذارى حُلاها الرَيطُ وَالحُلَلُ

فَاِفتَضَّ أَوَّلَها مِنها وَآخِرَها

فَأَصبَحَت وَبِها مِن فَحلِها حَبَلُ

لَم تَمتَنِع عِفَّةً مِنهُ وَلا وَرَعاً

بِلا صَداقٍ وَلَم يوجَد لَها عَقَلُ

حَتّى إِذا لَقِحَت أَرخَت عَقائِصَها

فَمالَ مُنتَثِراً عُرجونُها الرَجِلُ

فَبَينَما هِيَ وَالأَرواحُ تَنفَحُها

شَهرَينِ بارِحَةً وَهناً وَتَنتَحِلُ

أَرخَت عُقوداً مِنَ الياقوتِ مِدمَجَةً

صُفراً وَحُمراً بِها كَالجَمرِ يَشتَعِلُ

فَلَم تَزَل بِمُدودِ اللَيلِ تُرضِعُهُ

حَتّى تَمَكَّنَ في أَوصالِهِ العَسَلُ

يا طيبَ تِلكَ عَروساً في مَجاسِدِها

لَو كانَ يَصلُحُ مِنها الشَمُّ وَالقُبَلُ

خِلالَها شَجَرٌ في فَيئِهِ نَقَدٌ

لا يَرهَبُ الذِئبُ فيها الكَبشُ وَالحَمَلُ

إِن جِئتَ زائِرَها غَنّاكَ طائِرُها

بِرَجعِ أَلحِنَةٍ في صَوتِها هَدَلُ

مِن بُلبُلٍ غَرِدٍ ناداكَ مِن غُصُنٍ

يَبكي لِبُلبُلَةٍ أَودى بِها خَجَلُ

هَذا فَصِفهُ وَقُل في وَصفِهِ سَدَداً

مُدَّت لِواصِفِهِ في عُمرِهِ الطِوَلُ

ما بَينَ رَبعٍ وَلا رَسمٍ وَلا طَلَلٍ

أَقوى وَبَيني في حُكمِ الهَوى عَمَلُ

ما لي وَعَوسَجُها بِالقاعِ جانِبُها

أَفعى يُقابِلُها عَن جِحرِهِ وَرَلُ

إِنّي اِمرُؤٌ هِمَّتي وَاللَهُ يكلؤني

أَمرانِ ما فيهِما شُربٌ وَلا أَكلُ

حُبُّ التَديمِ وَما في الناسِ مِن حُسنٍ

كَفّي إِلَيهِ إِذا راجَعتُهُ خَضِلُ

لا أَمدَحَنَّ وَلا أُخطي خَلائِقَهُ

مَن عِندَهُ لي إِذا ما جِئتُهُ نُزُلُ


نوع المنشور:

شارك على :

المنشور السابق

دع جنانا وحبها

المنشور التالي

اسقياني الحرام قبل الحلال

اقرأ أيضاً