يا لَيلَةً طابَ لي بِها الأَرَقُ
حَتّى بَدا مِن صَباحِها الفَلَقُ
نُسقى سُلافاً مِن بِنتِ دَسكَرَةٍ
ما شابَها في دِنانِها الرَنَقُ
اِختارَها في القِطافِ سائِمُها
حُمراً وَسوداً كَأَنَّها الحَدَقُ
حَتّى إِذا في الحِياضِ صَيَّرَها
خالَطَها الزَعفَرانُ وَالعَلَقُ
حَصَّنَها في الحِياضِ فَاِحتَجَبَت
ما راعَها رَهبَةٌ وَلا فَرَقُ
خَمسينَ عاماً حَتّى إِذا هَرِمَت
وَاِخضَرَّ مِن نَبتِ نَبتِها الوَرَقُ
أَتَوا بِها في الحِبابِ يَخفُرُها
مَشيٌ هُوَينى ما إِن بِهِ نَزَقُ
فَبادَروا لِاِفتِضاضِ عُذرَتِها
بِناقِدٍ في شَباتِهِ زَلَقُ
فَسالَ مِنها مِثلَ الرُعافِ دَمٌ
يُشفى بِهِ مِن سَقامِهِ الصَعِقُ
نازَعَها سادَةٌ غَطارِفَةٌ
كَأَنَّهُم مِن شَقيقَةٍ شُقِقوا
يُسقَونَ مِن قَهوَةٍ مُعَتَّقَةٍ
لَها دَبيبٌ في المُخِّ يَستَبِقُ
أَعطَوا بِها رَبَّها حُكومَتَهُ
بيضاً كَمِثلِ السُيوفِ تَبتَرِقُ
جاءَ بِها كَالخَلوقِ في قَدَحٍ
تَزهُرُ في جَوفِهِ فَتَأتَلِقُ
كَأَنَّ إِبريقَنا إِذا صُفِقَت
في الكَأسِ شَيخٌ مُزَمزِمٌ شَرِقُ
كَأَنَّها وَالمِزاجُ يَقرَعُها
شِهابُ نارٍ في الجَوِّ يَحتَرِقُ
كَأَنَّما حَفَّ مِن قَراقِرِها
بِطَوقِها جِلدُ حَيَّةٍ يَقَقُ
في مَجلِسٍ لَيسَ فيهِ فاحِشَةٌ
إِلّا حَديثٌ وَمَنطِقٌ أَنِقُ