بوادي الغضا للمالكية أربع

التفعيلة : البحر الطويل

بوادي الغضا للمالكية أرْبُعُ

سقتها الحيا منَّا جفونٌ وأدْمُعُ

ومرتبع قد كانَ للريم ملعباً

على أنَّه للضيغم الوَردِ مصرع

يقطّع فيها مهجة الصب شوقاً

وما الشَّوق إلاَّ مهجة تتقطَّع

حَبَسْتُ بها صَحْباً كأَنَّ قلوبهم

من الشَّوق في تلك المنازل تُخْلَعُ

على مثل معوج الحنيَّة ضُمَّر

نبوع بها البيد القفار ونذرع

تحنُّ إلى أعلام سلعٍ ولعلع

لقد فتكت بالحبّ سلع ولعلع

كأنْ فُصِدَتْ من أخدعيها وما جرى

لها بدمٍ قان هنالك أخدع

وما هي إلاَّ عبرة دمويَّة

يجودُ بها في ذلك الربع مدمع

فحيَّت رسوم الدَّار وهي دوارس

جفون بما تسقى بها الدَّار تترع

كأَنَّ مطيَّ الركب في الشعب أصبحتْ

لها عند ذاك الشعب قلب مضيَّع

نريك بها من شدَّة الوجد ما بنا

فكلٌّ له منَّا فؤاد مُروَّع

ولما نزلنا ليلة الخيف بالنقا

وفاضت على أطلال رامة أدمع

بحيث الهوى يستنزف العين ماءها

ويستهتر الصبر الذي لا يرقّع

ذكرنا بها أيَّان لهو كأَنَّها

عقيلة مال المرء بل هي أنفع

وبتنا وأسياف من الشهب في الدجى

تُسَلُّ وزنجيّ الظلام يجدع

تحرّك ذات الطوق وجدي وطالما

تبيت على فينانة البان تسجع

تردد والأَشجان ملءُ حديثها

قديم الهوى من أهله وترجع

وما ساءها بالبين ركبٌ مقوَّضٌ

ولا راعها يوماً خليطٌ مودع

فهل أنت مثلي قد أضرَّ بك الهوى

وهل لك قلب لا أبالك موجع

لئن نشرت طيّ الغرام الذي لها

فقد طُوِيَتْ منِّي على الوجدِ أضلع

بنفسي من الجانبين بالطرف جانباً

له شافع من حسنه ومشفع

يجرِّعني ما لم أذقه من النوى

إلاَّ من حميّا الوجد ما أتجرَّع

بذلت له من أدمع كنت صنتها

ذخائرها وهو الحبيب الممتع

ويا ربَّما أدميت طرفي بوامضٍ

من البرق في الظلماء يخفى ويلمعُ

وقلتُ لسعد حين أنكر لوعتي

عداك الهوى إنِّي بظمياء مولعُ

تولَّت لنا أيام جمع وأقلعت

فلم يبقَ في اللَّذَّات يا سعد مطمع

وأصبح بالحيِّ العراقي ناعباً

غرابٌ بصرف البين للبين أبقع

وغابت بدور الظاعنين عشيَّةً

بأنضاء أسفارٍ تخبّ وتوضع

أراني مقيماً بالعراق على ظما

ولا منهل للظامئين ومرتع

وكيف بورد الماء والماء آجن

يُبَلُّ به هذا الغليل وينقع

لعلَّ وما تجدي لعلَّ ورُبَّما

غمائم غمّ أطبقت تتقشع

يعود زمان مرَّ حلوُ مذاقه

وشمل أحبَّائي كما كانَ يجمع

فقد كنتُ لا أعطي الحوادث مقودي

وإنِّي لريب الدهر لا أتوجَّع

كأنِّي صفاةٌ زادها الدهر قسوةً

من الصم لا تبلى ولا تتصدَّعُ

فسالمتُ حرب النائبات فلم تزلْ

تقودُ زمامي حيث شاءت فأتبع

وكنت إذا طاشت سهام قسيّها

وقتني الردى من صنع داوود أدرع

فمن جوده إنِّي رُبِيتُ بجوده

وزير له الإِحسان والجود أجمعُ

وَرَدَّ شموس الفضل بعد غروبها

كما ردَّها من قبل ذلك يوشع

وقام له في كلِّ منبر مدحة

خطيب من الأَقلام بالفضل مصقع

ومستودع علم النبيِّين صدره

ولله سرٌّ في معاليه مودعُ

كأَنَّ ضياء الشمس فوقَ جبينه

على وجهه النور الإِلهي يسطعُ

وزير ومر الحادثات يزيده

ثباتاً وحلماً فهو إذا ذاك أروع

إذا ضعضعَ الخطب الجبال فاًنَّه

هو الجبل الطود الذي لا يضعضعُ

عرانينه قد تشمخر إلى العُلى

أشمُّ إلى الأَعلام في المجد أفرعُ

أمدَّ على قطر العراقين ظلّه

إذا عصفت في الملك نكباء زعزعُ

ويُقْدِمُ حيث الأسد تحجم رهبةً

ويسطو وأطراف المنيَّة شرع

يمدُّ يداً طولى إلى ما يرومه

فتقصر أبواعٌ طوالٌ وأذرعُ

إذا ذَكَرَ الجبَّارُ شدَّةَ بأسِه

يلين لمن يلقاه منه ويخضعُ

لقد سارَ من لا زال ينهل قطره

سحاب عن الزوراء بالجود مقلع

فما سالَ يوماً بعد جدواه أبطحٌ

بسيب ولن تسقى من الغيث أجرعُ

ولا مرَّ فيها غير طيب ثنائه

أريج شذًى من طيِّب المسك أضوعُ

ولا عمرت في غير أنواع مدحه

بيوت على أيدي الفضائل ترفعُ

أبا حسن هل أوبةٌ بعد غيبةٍ

فللبدر في الدُّنيا مغيب ومطلعُ

لئن خَلِيَتْ منك البلاد التي خلت

فلم يخل من ذكرى جميلك موضعُ

ففي كلِّ أرض من أياديك ديمة

وروض إذا ما أجدى الناس ممرعُ

يفيض الندى من راحتيك وإنَّها

حياضٌ بنو الآمال منهنَّ تكرعُ

وإنِّي على خصب الزمان وجدبه

إليك وإن شطَّ المزار لأهرعُ

ولو أنَّني وُفِّقتُ للخير أصبحت

نياقي بأرض الروم تخدي وتسرع

إلى مالكٍ ما عن مكارمه غنًى

وغير ندى كفَّيه لا أتوقَّعُ

فألثم أقدام الوزير التي لها

إلى غاية الغايات ممشًى ومهيع

وأُثني عليه بالَّذي هو أهله

وأُنْشِدُهُ ما قلتُ فيه ويسمعُ


نوع المنشور:

شارك على :

المنشور السابق

أعادك يا سعد عيد الهوى

المنشور التالي

ليهنكم زواج في هناء

اقرأ أيضاً