يَشقى بِرَيبِ زَمانِها الأَحرارُ
هَل لِلزَمانِ لَدى المَكارِمِ ثارُ
سوقُ الرَدى مازالَ يَكسِدُ عِندَها
حَسَبٌ وَتُنفِقُ فَضَّةٌ وَنُضارُ
دُنياكَ دارٌ لَم تَزَل تُبنى بِها
نُوَبُ الخُطوبِ وَتُهدَمُ الأَعمارُ
تَبغي القَصاصَ بِمَن فَقَدتَ مِنَ الرَدى
جُرحُ الرَدى عِندَ النُفوسِ جَبارُ
نَضَتِ المَنِيَّةُ عَنهُ ثَوبَ حَياتِهِ
ها إِنَّما ثَوبُ الحَياةِ مُعارُ
لَهَفي لَقَد قامَت قِيامَةُ مُهجَتي
إِذ كُوِّرَت مِن شَمسِها أَنوارُ
وَغَدا نَهاري مِن تَوَحُّشِ فَقدِهِ
لَيلاً وَلَيلي بِالسُهادِ نَهارُ
أَمسَيتُ في الدُنيا وَحيداً بَعدَهُ
فَكَأَنَّما عُمرانُها إِقفارُ
وَمَحَت جَميلَ الصَبرِ مِنّي عَبرَةٌ
خُطَّت بِها في صَفحَتي آثارُ
يا لَيتَني في عيشَتي شاطَرتُهُ
لَو كانَ لي عِندَ القَضاءِ خِيارُ
يا لَيتَني قاسَمتُهُ أَلَمَ الرَدى
لَو كانَ يَرضى قِسمَتي المِقدارُ
أَو لَيتَني ساكَنتُهُ في لَحدِهِ
فَيَضُمُّنا تَحتَ التُرابِ جِوارُ
حَسبُ المَنايا أَن تَفوتَ بِمِثلِهِ
قُطباً عَلَيهِ لِلعَلاءِ مَدارُ
يُهني الثَرى أَن صارَ فيهِ لَحدُهُ
فَبِلَحدِهِ شَرَفٌ لَهُ وَفَخارُ
حازَ الثَراءَ بِدُرَّةٍ مِن جِسمِهِ
إِذ أَغرَقَت بِالنَوءِ مِنهُ بِحارُ
قَد كانَ رَأسُ المُلكِ مِنهُ مُتَوَّجاً
وَبِمِعصَمِ العَلياءِ مِنهُ سِوارُ
إِنَّ الرِياسَةَ بَعدَهُ لَكَئيبَةٌ
ما إِن يَقِرُّ بِها الغَداةَ قَرارُ
وَلّى وَسارَ المَجدُ تَحتَ مَسيرِهِ
وَلِسَيفِهِ وَلِجَفنِهِ اِستِعبارُ
هَل نافِعٌ قَولي أَبا العَبّاسِ لا
تَبعُد وَبُعدُكَ لَيسَ فيهِ مَزارُ