أَرِقتُ لِبَرقٍ بِالحِمى يَتَأَلَّقُ
فَقَلبي أَسيرٌ حَيثُ دَمعِيَ مُطلَقُ
إِذا فُهتُ بِالشَكوى تَرَنَّمَ صاحِبي
كَما طارَحَ الغُصنَ الحَمامُ المُطَوَّقُ
فَبِتنا قَرينَي لَوعَةٍ نَصطَلي بِها
كَأَنّا عَلى النارِ النَدى وَالمُحَلَّقُ
نَقَضّي دُيونَ الشَوقِ حَتّى قَضى عَلى
غُرابِ الدُجى بازي الصَباحِ المُحَلِّقُ
وَشَفَّ عَنِ النورِ الظَلامُ كَأَنَّهُ
حِدادٌ عَلى بيضِ الصُدورِ يُمَزَّقُ
يُمانِعُ ضَوءَ الفَجرِ وَالفَجرُ صادِعٌ
كَما عارَضَ البُرهانَ قَولٌ مُلَفَّقُ
كَأَنَّ اِحمِرارَ الأُفقِ وَالفَجرَ وَالدُجى
دَمٌ وَحُسامٌ مَشرَفِيٌّ وَمَفرِقُ
أَيا جَنَّةً حَلَّت لَظىً مِن جَوانِحي
أَطَيَّ ضُلوعي جَنَّةٌ وَهوَ يُحرَقُ
أَيُنكِرُ قَلبُ الصَبِّ مُنذُ سَكَنتَهُ
لَهيباً وَحَرّاً وَهوَ لِلشَمسِ مُشرِقُ
رَعى اللَهُ عَهداً لِلصِبا لَيسَ يُرتَجى
وَأَخبارُهُ مَتلُوَّةٌ تُتَشَوَّقُ
وَأَرضاً يَكادُ اللَيلُ في عَرَصاتِها
لِشِدَّةِ ما قَد ضاوَعَ المِسكُ يَعبَقُ
سَقاها سَحابٌ مِثلُ دَمعي وَميضُهُ
كَقَلبي تَشُبُّ النارُ فيهِ وَيَخفِقُ
يُداني الرُبى حَتّى قَصيرُ نَباتِها
يَكادُ بِهِ مِن شَوقِهِ يَتَعَلَّقُ
كَأَنَّ حَياهُ الجَودَ وَالنَبتَ وَالثَرى
بَنانُ أَبي بَكرٍ وَخَطٌّ وَمَهرِقُ
فَتىً فيهِ ما في الشُهبِ وَالبَرقِ وَالحَيا
فَمِنها لَهُ ذِهنٌ وَكَفٌّ وَمَنطِقُ
تَخايُلُهُ في الغَيثِ صَعقٌ وَرَحمَةٌ
وَفي الصارِمِ الهِندِيِّ حَدٌّ وَرَونَقُ
تَكَفَّلَ مِنهُ راحَةَالدينِ خاطِرٌ
تَعوبٌ وَنَومُ المَلكِ عَزمٌ مُؤَرَّقُ
يَظُنُّ بِهِ وَهوَ المَحوطُ ضَياعَهُ
كَما ساءَ ظَنّاً بِالأَحِبَّةِ مُشفِقُ
حِمىً في سَماحٍ في قَبولٍ كَدَوحَةٍ
تُظِلُّ وَتُجنى كُلَّ حينٍ وَتُنشَقُ
لَهُ قَلَمٌ قَد أوتِيَ الحُكمَ شيمَةً
فَلَو كانَ طِفلاً كانَ في المَهدِ يَنطِقُ
بَكى السَيفُ مِنهُ غَيرَةً فَبَريقُهُ
عَلى صَفحَتَيهِ عَبرَةٌ تَتَرَقرَقُ
وَلَيسَ اِهتِزازُ الرُمحِ لِلطَعنِ خِفَّةً
وَلَكِنَّها مِن شِدَةِ الرُعبِ أَولَقُ
قَصيرٌ طَويلُ الباعِ شاكٍ مِنَ الضَنى
تَصُحُّ بِهِ مَرضى المَعاني وَتُفرِقُ
إِذا ما جَرى بِالرِزقِ فَالمُزنُ جامِدٌ
وَمَهما جَرى في الطُرسِ فَالبَرقُ مُؤنِقُ
بَثَثتَ بِأُفقِ الغَربِ كُلَّ غَريبَةٍ
مِنَ القَولِ يَشجى الشَرقَ مِنها وَيَشرِقُ
تَسيرُ فَتَحكي البَدرَ سَيراً وَغُرَّةً
خَلا أَنَّها مَعصومَةٌ لَيسَ تُمحَقُ
يُحاكي ثُغورَ الغانِياتِ اِبتِسامُها
وَمَنظَرُها وَالوَردُ أَروى وَأَورَقُ
إِذا وَرَدَت حَفلاً تَغامَزَ أَهلُهُ
صَحائِفُ فُضَّت أَم نَوافِجُ تُفتَقُ
فَمِن مُطلِقٍ مِنهُم عُرى المَدحِ مُسهِبٍ
وَمِن صامِتٍ عَجزاً فَمُطرٍ وَمُطرِقُ
لَكَ النُظمُ تَهوى الشَمسُ لَو كُسِيَت بِهِ
وَجُرِّدَ عَنها نورُها المُتَأَلِّقُ
فَيَعشو لَهُ الأَعشى إِذا لاحَ نورُهُ
وَيَجري جَريرٌ ظالِعاً حينَ يُعنِقُ
هُوَ الدُرُّ يُهدي الدُرَّ بَحرٌ مُكَدَّرٌ
زُعاقٌ وَذا يَهديهِ عَذبٌ مُرَوَّقُ
تَكامَلتَ بَينَ الجودِ وَالشِعرِ فَاِغتَدى
عَلَيكَ عِيالاً حاتِمٌ وَالفَرَزدَقُ
قَريضٌ وَقَرضٌ لِلنُهى فَمَسامِعٌ
تُشَنَّفُ مِنها أَو رِقابٌ تُطَوَّقُ
لَأَخضَلتَ جوداً وَاِشتَعَلتَ نَباهَةً
فَزِندُكَ يوري حَيثُ غُصنُكَ يورِقُ
فَإِنَّكَ في نَفسِ المَكارِمِ وَالعُلا
طِباعٌ وَخُلقٌ وَالأَنامُ تَخَلُّقُ
أَلا وَتَهنَأ موسِماً لِوُفودِهِ
لَقَد كادَ قَبلَ الوَقتِ نَحوَك يَسبِقُ
وَزارَكَ دونَ الناسِ وَحدَكَ إِنَّما
ثَناهُ التُقى أَو عادَةٌ لَيسَ تَخلُقُ
وَما مِنكُما إِلّا سَعيدٌ مُهَنّأٌ
وَلَكِن لِذي اللُبِّ الهَناءُ المُحَقَّقُ
وَدونَكَها حَسناءَ مِن غَيرِ مُحسِنٍ
كَما جاءَ مِن ذي الذَنبِ عُذرٌ مُنَمَّقُ
أَأُهدي إِلى شَمسِ الضُحى كَوكَبَ السُها
وَيُنفِقُ لي في مَعدِنِ التِبرِ زِئبَقُ
تُحِبُّ الوَرى الآدابَ وَهيَ مُضاعَةٌ
فَأَحسَبُها الدُنيا تُلامُ وَتُعشَقُ
وَلَولاكَ إِذ أَصبَحتَ حُجَّةَ سَعدِها
لَكُنتُ بِدَعوى الشُؤمِ فيها أُصَدِّقُ
كَأَنَّ مُلِمَّ الرِزقِ طَيفٌ وَهِمَّتي
سُهادٌ وَلَيسَ الطَيفُ في السُهدِ يَطرُقُ