منى النفس في أسماء لو تستطيعها

التفعيلة : البحر الطويل

مُنى النَفسِ في أَسماءَ لَو تَستَطيعُها

بِها وَجدُها مِن غادَةٍ وَوَلوعُها

وَقَد راعَني مِنها الصُدودُ وَإِنَّما

تَصُدُّ لِشَيبٍ في عِذاري يَروعُها

حَمَلتُ هَواها يَومَ مُنعَرَجِ اللِوى

عَلى كَبِدٍ قَد أَوهَنَتها صُدوعُها

وَكُنتُ تَبيعَ الغانِياتِ وَلَم يَزَل

يَذُمُّ وَفاءَ الغانِياتِ تَبيعُها

وَحَسناءَ لَم تُحسِن صَنيعاً وَرُبَّما

صَبَوتُ إِلى حَسناءَ سَيءٌ صَنيعُها

عَجِبتُ لَها تُبدي القِلى وَأَوَدُّها

وَلِلنَفسِ تَعصيني هَوىً وَأُطيعُها

تَشَكّى الوَجا وَاللَيلُ مُلتَبِسُ الدُجى

غُرَيرِيَّةُ الأَنسابِ مَرتٌ بَقيعُها

وَلَستُ بِزُوّارِ المُلوكِ عَلى الوَجا

لَئِن لَم تَجُل أَغراضُها وَنُسوعُها

تَؤُمُّ القُصورَ البيضَ مِن أَرضِ بابِلٍ

بِحَيثُ تَلاقى غَردُها وَبَديعُها

إِذا أَشرَفَ البُرجُ المُطِلُّ رَمَينَهُ

بِأَبصارِ خوصٍ قَد أَرَثَّت قُطوعُها

يُضيءُ لَها قَصدَ السُرى لَمَعانُهُ

إِذا اِسوَدَّ مِن ظَلماءِ لَيلٍ هَزيعُها

تَزورُ أَميرَ المُؤمِنينَ وَدونَهُ

سُهوبُ البِلادِ رَحبُها وَوَسيعُها

إِذا ما هَبَطنا بَلدَةً كَرَّ أَهلُها

أَحاديثَ إِحسانِ نَداهُ يُذيعُها

حَمى حَوزَةَ الإِسلامِ فَاِرتَدَعَ العِدى

وَقَد عَلِموا أَلّا يُرامَ مَنيعُها

وَلَمّا رَعى سِربَ الرَعِيَّةِ ذادَها

عَنِ الجَدبِ مُخضَرُّ البِلادِ مَريعُها

عَلِمتُ يَقيناً مُذ تَوَكَّلَ جَعفَرٌ

عَلى اللَهِ فيها أَنَّهُ لايُضيعُها

جَلا الشَكُّ عَن أَبصارِنا بِخِلافَةٍ

نَفى الظُلمَ عَنّا وَالظَلامَ صَديعُها

هِيَ الشَمسُ أَبدى رَونَقَ الحَقِّ نورُها

وَأَشرَقَ في سِرِّ القُلوبِ طُلوعُها

أَسيتُ لِأَخوالي رَبيعَةَ إِذ عَفَت

مَصانِعُها مِنها وَأَقوَت رُبوعُها

بِكُرهِيَ أَن باتَت خَلاءً دِيارُها

وَوَحشاً مَغانيها وَشَتّى جَميعُها

وَأَمسَت تَساقى المَوتَ مِن بَعدِ ما غَدَت

شُروباً تَساقى الراحَ رِفهاً شُروعُها

إِذا اِفتَرَقوا عَن وَقعَةٍ جَمَعَتهُمُ

لِأُخرى دِماءٌ ما يُطَلُّ نَجيعُها

تَذُمُّ الفَتاةُ الرودُ شيمَةَ بَعلِها

إِذا باتَ دونَ الثَأرِ وَهوَ ضَجيعُها

حَمِيَّةُ شَغبٍ جاهِلِيٍّ وَعِزَّةٍ

كُلَيبِيَّةٍ أَعيا الرِجالَ خُضوعُها

وَفُرسانُ هَيجاءِ تَجيشُ صُدورُها

بِأَحقادِها حَتّى تَضيقَ دُروعُها

تُقَتِّلُ مِن وِترٍ أَعَزَّ نُفوسِها

عَلَيها بِأَيدٍ ماتَكادُ تُطيعُها

إِذا اِحتَرَبَت يَوماً فَفاضَت دِماؤُها

تَذَكَّرَتِ القُربى فَفاضَت دُموعُها

شَواجِرُ أَرماحٍ تُقَطِّعُ بَينَهُم

شَواجِرَ أَرحامٍ مَلومٍ قُطوعُها

فَلَولا أَميرُ المُؤمِنينَ وَطولُهُ

لَعادَت جُيوبٌ وَالدِماءُ رُدوعُها

وَلَاِصطُلِمَت جُرثومَةٌ تَغلِبِيَّةٌ

بِها اِستُبقِيَت أَغصانُها وَفُروعُها

رَفَعتَ بِضَبعَي تَغلِبَ اِبنَةِ وائِلٍ

وَقَد يَئِسَت أَن يَستَقِلَّ صَريعُها

فَكُنتَ أَمينَ اللَهِ مَولى حَياتِها

وَمَولاكَ فَتحٌ يَومَذاكَ شَفيعُها

لَعَمري لَقَد شَرَّفتَهُ بِصَنيعَةٍ

إِلَيهِم وَنُعمى ظَلَّ فيهِم يُشيعُها

تَأَلَّفَهُم مِن بَعدِ ماشَرَّدَت بِهِم

حَفائِظُ أَخلاقٍ بَطيءٍ رُجوعُها

فَأَبصَرَ غاويها المَحَجَّةَ فَاِهتَدى

وَأَقصَرَ غاليها وَدانى شُسوعُها

وَأَمضى قَضاءَ بَينَها فَتَحاجَزَت

وَمَخفوضُها راضٍ بِهِ وَرَفيعُها

فَقَد رُكِزَت سُمرُ الرِماحِ وَأُغمِدَت

رِقاقُ الظُبا مَجفُوَّها وَرَفيعُها

فَقَرَّت قُلوبٌ كانَ جَمّاً وَجيبُها

وَنامَت عُيونٌ كانَ نَزراً هُجوعُها

أَتَتكَ وَقَد ثابَت إِلَيها حُلومُها

وَباعَدَها عَمّا كَرِهَت نُزوعُها

تُعيدُ وَتِبدي مِن ثَناءٍ كَأَنَّهُ

سَبائِبُ رَوضِ الحَزنِ جادَ رَبيعُها

تَصُدُّ حَياءً أَن تَراكَ بِأَوجُهٍ

أَنى الذَنبَ عاصيها فَليمَ مُطيعُها

وَلا عُذرَ إِلّا أَنَّ حِلمَ حَليمِها

تَسَفَّهَ في شَرٍّ جَناهُ خَليعُها

وَمُشفِقَةٍ تَخشى الحِمامَ عَلى اِبنِها

لِأَوَّلِ هَيجاءٍ تَلاقى جُموعوها

رَبَطتَ بِصُلحِ القَومِ نافِرَ جَأشِها

فَقَرَّت حَشاها وَاِطمَأَنَّت ضُلوعُها

بَقيتَ فَكَم أَبقَيتَ بِالعَفوِ مُحسِناً

عَلى تَغلِبٍ حَتّى اِستَمَرَّ ظَليعُها


نوع المنشور:

شارك على :

المنشور السابق

ألمت وهل إلمامها لك نافيع

المنشور التالي

يا بديع الحسن والقدد

اقرأ أيضاً