تمنى مقامي والمطالع ضلة

التفعيلة : البحر الطويل

تمنى مقامي والمطالعُ ضلَّةٌ

إذا رُحتُ أجتابُ الرواق الممنَّعا

لدى كل خفاق اللواء مُتوجٍ

يُهابُ إذا ما كرَّ لحظاً فأتْبعا

بمضطرب يُخشى الردى من كسوره

ويَخشى به قلبُ الردى أن يُروعا

أناس أجموا أنفساً عن كريهةٍ

وصانوا رخيِّاً بالوهينة مُودعا

وذادوا عن الأنفاس كل رويَّةٍ

يروح لها القلب الذكي موزعا

أمجداً بال سعيٍ لقد كذبتكمُ

نفوس ثناها الذلُّ أن تترفَّعا

سلوا صهوات الخيل عني فإنني

جعلت ظهور اللاحقيَّاتِ مضْجعا

وناموا على لين الحشايا فإنني

حببت مُناخاً يبلغ المجد جعجعا

وقصُّوا على الزوراء أني ابن جرَّة

صبرت فما أبقيت في القوس منزعا

وفيت لقَيْلٍ من ذؤابة خندفٍ

إذا ما أضاع القوم حق امرئٍ رعى

هو ابن الذي جازى مناول سوطه

فأغنى وأقنى حين أعطى فأوسعا

جعلت هواه في القوافي تُغزُّلي

غراماً فلم أنعتْ طلولاً وأربُعا

وأعدى ركابي حبه فهي رُزَّمٌ

تُجنُّ كما أجننتُ قلباً مُفجَّعا

إذا ما كررت الشعر من شعفٍ به

طفقن يُعالين الحنين المرَّجعا

أغرُّ تدل السفر غرةُ وجههِ

على السَّمت حتى يرجع الوعر مهيعا

ترفع أن يعطي الندى بوسيلةٍ

فما يبذلُ المعروف إلا تبرُّعا

تقابل منه والحوادث جمَّةٌ

إذا أخرس الخطب الألد المشيَّعا

جناناً كعادي الجبال ومِقْولاً

جرياً وقلباً في الخفيَّات أصْمعا

وذا مِرَّةٍ لا تستفز أناتهُ

مجيباً إذا داعي المكارم أسمعا

إذا ذل بأس الجيش عن قتل ناكث

أتاح له من صائب الرأي مصرعا

تغيب شموس الصبح من نقع خيله

وتغدو نجوم الليل بالصبح طُلَّعا

تخال سقاط السمر والدم إن غزا

غشاءً وسيلاً من يَفاعٍ تدفَّعا

وذي رهجٍ جم الغماغم مجلبٍ

غدا غرضه من واسع الخرق أوسعا

طويل القنا تخشى النجومُ طعانه

بأمثالها ما لم تر السمر شُرَّعا

إذا استشبح الظمآن فارط خيله

يظن الغدير السابري المرَفَّعا

خلا عِدُّه عن تابع غير محربٍ

فلست ترى إلا الكميَّ المُقنَّعا

تُخيرت الأبطال والخيلُ عنده

فلم تر إلا سابقاً وسَمَيْدعا

وطالت به عند التجاوب ألسُنٌ

فأحمدت منه ذا صهيلٍ ومِصْقعا

كأن على أقطاره من وجيفهِ

غضىً نبَّهته حرجفٌ فتجعجعا

طردت رخي البال من سورة الردى

كما جفَّل المُصطاد سِرباً مذعذعا

فغاردته من عادة البذل للقرى

يقوتُ عُقاباً كاسراً وسَمعمعا

وكنت من استمطرت بيضَك والقنا

دماءَ الأعادي في الوغى هطلاً معا

وكم جل جرم فاحش فمنحته

رقيق الحواشي بالأناة موسَّعا

صفحت ولم تُرض الصفائح ضلة

ويا رُبَّ حلمٍ كان منهن أوجعا

وما الأَخضر الطامي يعب عُبابهُ

بأكرم من كفيك في الجدب منجعا

ولا أنُف من روضة ذات بهجةٍ

سقتها الصَّبا كأساً من الغيث مترعا

أقام بها الشرب الكرام عشيَّةً

وقد هجم الليلُ البهيمُ فأمتعا

إذا أمسك الغيثُ المُلثُّ بأرضه

سقوها عن الأيدي عُقاراً مشعشعا

وإن دارت الصهباءُ فيهم تجاذبوا

أحاديث مجدٍ تجعل النَّكسَ أروعا

فما الهجر مسموعاً لهم عند سكرة

وما الحلم منهم بالسرور مُضيَّعا

بأطيب من ذكرى دبيس بن مزيد

إذا ردد الساري ثناءً ورجَّعا

توالت عليه الفادحاتُ ولم يحدْ

عن الصبر حتى أدرك المجد أجمعا

وما زال يرخي للنوى من قياده

إلى أن أفاد الحي شملاً مُجمَّعا

ولم لم تكن لله فيه سريرةٌ

لما راح م نجور الرزايا ممنَّعا

ولا زال الموت الزؤام بنفسه

فكان بقاءً مونقَ العيش مُمرِعا

وقد خذل الأيام رأياً وفطنةً

كما خذل الأبطال حرباً وروعا

سرى من نواحي نَقْجوان وجنْزه

أشد من الهوجاء سيراً وأسْرعا

فحكَّ على أرض العراق سنابك ال

جياد وقد غودرن بالسَّير ظُلَّعا

وما نفضتْ عنها ثمائل رعيها

من الروض حتى كان بابلُ مرتعا

كما اندفعت ممشوقةٌ فارسيةٌ

رماها صَناعٌ للمرامي فأبْدعا

وصبَّح أبناء العراق فُجاءَةً

فظنوه حُلماً قد تراأوهُ هُجَّعا

ولو أَضعف المسرى البعيدُ جيادهُ

لأوجف بالعزم الجريِّ وأوسعا

يزيد على ضوء الصَّباح نجارهُ

ضياءً إذا النَّسَّاب أبدى وفرَّعا

من القاتلين المحْلَ بالجود والندى

إذا الغيمُ عن لُوحِ السماء تقشَّعا

شآبيب غيثٍ للفقير فإن سطوا

رأيت سِماماً في الحناجر مُنْقعا

ترى كل فضفاض الرداءُ مُسوَّدٍ

مهيبٍ طليق الوجه يُبلي إذا ادعا

صبيح الروا سهل الوداد مقاربٍ

يجيءُ ذراعاً كلما جئت إصبعا

تلاقيه طوداً في الحوادث أيهماً

وتُلفيه زولاً في الهياج سرعرعا

يجود على خصب الزمان وجدْبه

ويلقى الأعادي حاسراً ومُدرَّعا

تضوع رحاب القوم طيباً إذا انتدوا

وأعراضهُم تُربي عليها تَضوُّعا

نموْك فأكرمت المساعي ففُضِّلتْ

على ما سعى الآباءُ قدراً وموضعا

فأصبحت في الهيجاء أقتل سطوةً

وأقرى إذا ما هبّت الريحُ زعزعا

ظفرت فأوف الله شكراً فإنه

يزدك علاءً أن تزدهُ تضرُّعا

وصفحاً عن الجاني فكل خليقةٍ

تقل عن الغفْران والحلم موضعا

وما بات يرضي ربه مثلُ قادرٍ

تجاوز عن جُرمٍ جليلٍ تورُّعا

بسيري على مَرْوٍ وللعام رِهْمةٌ

تسد على السَّارين سمتاً ومطْلعا

وللقر ما بين الشناخيب سورةٌ

تغادر ربَّ المارن البسط أجْدعا

وطول اصطبارٍ في التغرب عاسفاً

أعد جديب العيش أخضر مُمْرعا

وخوضي للأهوال غير محاذرٍ

أعاصي مرادي ثمَّ ألقاكَ طَيِّعاَ

وتركي للأوطان وهي أنسةٌ

بها أبوا خيرٍ يَسُحَّانِ مدمعا

أجزني العُلى قبل الغنى لا مُقنعي

ومن كنت ملْفاهُ فلن يَتَقَنَّعا

بقيت ولا زلَّت بك النعل في العُلى

فإن زلَّ نعلٌ قال ربُّ العُلى لَعا


نوع المنشور:

شارك على :

المنشور السابق

هب العذر في نطل الرغيبة أقبلت

المنشور التالي

بحيث دسوت المجد زيدت سكينة

اقرأ أيضاً

عرين من عرينة ليس منا

عَرينٌ مِن عُرَينَةَ لَيسَ مِنّا بَرِئتُ إِلى عُرَينَةَ مِن عَرينِ قُبَيَّلَةٌ أَناخَ اللُؤمُ فيها فَلَيسَ اللُؤمُ تارِكَهُم لِحينِ…