إِن كُنتَ تُترِعُهُ كَأساً لِمُكتَئِب
فَلَستَ تَسمَعُ مِنهُ قَدكَ فَاِتَّئِبِ
فَما يَقُدُّ بِها إِلّا قَميصَ دُجىً
مُذ جِئتَ فيها عَلَيهِ بِالدَمِ الكَذِبِ
لا تَستَقِرُّ إِذا ما الماءُ أَزعَجَها
كَأَنَّما سَبَقَت قَلبي إِلى الطَرَبِ
المَزجُ غَوّاصُها وَالكَأسُ لُجَّتُها
وَاللُجُّ مِن ذَهَبٍ وَالدُرُّ مِن حَبَبِ
فَاِقدَح مِنَ الدَنِّ زَنداً حَيثُ تَقدَحُهُ
يَرمي الرَشاشَ شَراراً طارَ مِن لَهَبِ
خَمراً بِأَيدي السُقاةِ الهيفِ قَد جُنِيَت
كَالجُلَّنارِ الَّذي يُجنى مِنَ القُضُبِ
أَبدَت نُجومَ دُجىً مِن فَوقِ شَمسِ ضُحىً
سَحابَةُ الحَبَبِ فَهيَ اِبنَةُ السُحُبِ
تِلكَ العَجوزُ لَحاها اللَهُ ساحِرَةٌ
ما تَسحَرُ الشَيخَ إِلّا عادَ وَهوَ صَبي
فَالخَمرُ كانَت سُيوفُ المَزجِ تَقتُلُها
وَقَتلُ ساحِرَةٍ مِن أَفضَلِ القُرَبِ
أَعيذُ بِاللَهِ مَولانا وَدَولَتَهُ
لا مِن عُيونِ الوَرى بَل أَعيُنِ الشُهُبِ
وَهيَ المَعاذيرُ لا تَعلَق بِعُروَتِها
فَرُبَّما أَلجَأَت نُطقاً إِلى كَذِبِ
إِنَّ اِعتِرافَ الفَتى بِالذَنبِ أَسرَعُ في
إِطفاءِ ما أَوقَدَتهُ سَورَةُ الغَضَبِ
وَالعَفوُ جودٌ وجودٌ ما لَهُ سَبَبٌ
أَحظى وَأَكرَمُ مِن جودٍ عَلى سَبَبِ
حاشا المَكارِمَ مِن عَفوٍ بِمَعذِرَةٍ
فَإِنَّ مِن خُلقِها جوداً بِلا طَلَبِ
في الذُلِّ في السِجنِ خَلَّفتُم مُحِبَّكُمُ
مِن بَعدِ تَخليدِكُم بِالحَمدِ في الكُتُبِ
هَذا حَديثٌ عَجيبٌ لَيسَ يُعجِبُني
فَلتَقضِ مِنهُ المَعالي آخِرَ العَجَبِ
وَدِدتُ لَو أَنَّ فَضلَ الحَظِّ مُكتَسَبٌ
فَكُنتُ أَكسِبُهُ كَالفَضلِ وَالأَدَبِ