سقتنا المعالي من سلافتها صرفا

التفعيلة : البحر الطويل

سقَتنا المعالي من سُلافتها صِرفا

وغَنَت لنا الدنيا تُهنّئنا عزفا

وزَفّت لنا الدستور أحرارُ جيشنا

فأهلاً بما زفّت وشكراً لمن زقّا

فأصبح هذا الشعب للسيف شاكراً

وقد كان قبل اليوم لا يشكر السيفا

ورُحنا نَشاوىَ العِزّ يَهتف بعضنا

ببعضٍ هتافاً يُصعِق الظلم والحَيْفا

ولاحت لنا حريّةُ العيش عندما

أماطت لنا الأحرار عن وجهها السَجْفا

أتت عاطلاً لا يعرف الحلي جيدُها

ولا كَحَلت عيناً ولا خَضَبت كفّا

فجاءت بمطبوع من الحُسن قد قضى

على الشعر أن لا يستطيع له وصفا

فلم نَرضَ غير العلم تاجاً لرأسها

ولا غير شَنْف العدل في أذنها شَنفا

ولم نكْسُها إلا من العُرف حُلّة

وهل يكتسي الديباج من يكتسى العرفا

نشرنا لها من لفيف اشتياقنا

ونحن إناس نُحس النشر واللفّا

حَللنا الحُبا لما أتتنا كرامة

وقمنا على الأقدام صفّا لها صفا

عَقَدنا لها عقد الوَلاء تعشُّقاً

فكنّا لها إِلفاً وكانت لنا الفا

رَفَعنا لواء النّصر يهفو أمامها

ورحنا على صرف الزمان لها حِلْفا

فلم تَرَ غير الرفق فينا سجيّة

وإن كان بعض القوم أبدى لها عنُفا

تَحَّمل أعباء الصدارة كامل

فَناءَ به ما لم يَخِفّ وما خَفّا

طَوى كَشحه منها على غير لُطفها

وأظهر من وجه الخداع بها اللطفا

نَحا أن يَتِمّ الدَست فيها لحزبه

علينا وظن الأمر فيما نحا يَخْفى

وقد فاته أنّا أولو ألْمَعِيّة

بها نخطُف الأسرار من قلبه خطفا

وأنا نرى من قد تأبّط شَره

بعين تَقُدّ الإبط أو تَخلع الكَتْفا

لنا فِطنةٌ نّرمى الزمان بنورها

فيبدو حجاب الغيب منه وقد شَفّا

رمانا بشَزر اللحظ مُزْوَرّ طرفه

فصحنا به أن غُضّ يا كامل الطرفا

فما نحن بعد اليوم مهما تنوّعت

عناصرنا من أمةٍ تَحمل الخَسفا

مددنا إلى كفّ الإخاء أكُفّنا

نصافحه شوقاً فمدّ لنا الكفّا

فطاب لنا منه العِناق وضمَّنا

إليه فقّبلناه من عينه ألفا

أذُلاً وهذا العزّ صرّح سابغاً

علينا إِذن فالعز أن نُدرك الحَتفا

إِذا نحن قُمنا محنَقين رأيتنا

نَدُكّ جبال الظلم نَنسفها نسفا

ونحن إِذا ما الحرب أفنت جِيادنا

قتالاً ركبنا الموت في حربنا طِرفا

تَرَبع في صدر الوزارة كامل

فخَطّ من النُقصان في وجهها حرفا

وأنحى عليها بالجَفاء مشِّتتاً

نجاحاً بركنَيْها الركينين ملتفا

لقد أغضب الدستور فِعلاً ونِيَّة

ومن أعلنوا الدستور والشعب والصحفا

قد استَوْ ضحوه الأمر والأمر واضح

فأعياه إيضاح الحقيقة فاستعفى

ولم يَطُلبِ الإمهال إِلاّ لأّنه

رأى عذره إِن لم يُطل سبكه زيفا

كذلك مَن صاغ الكلام مُلَفَّقاً

تمّهل حِيناً يُكثِر الخَطّ والحذفا

ومن قال حقاً قاله عن بديهة

ويحتاج للتفكير مّن مّوَّه الخُلفا

فيا أيها الصدر الجديد اتَّعِظ به

فإيّاك تَطْغَى وأن تَثنيَ العطفا

ويا مجلس النواب سر غير عاثر

إلى المجد لا تلقى كلاّلا ولا ضَعفا

ودَع عنك مذموم التجافي فإنما

لغير التجافي اختارك الشعب واستصفى

ألم تَرَ أرجاء البلاد مَحُولة

من العلم فاستمطر لها الدَيم الوطفا

بلاد جفاها الأمن فهي مريضة

فحقق لها من طب رأيك أن تشفى

فإنّ لأهليها عليك لذِمّةً

ومثلك من راعى الذمام ومّن وفّى

وما أنت إلا أمة قد تقدّمت

أماماً وقد خلّت تقهقُرها خلفا

ولا تنسَ مُغبَّر العراق وأهله

فإن البلاء الجمّ من حوله احتفّا

فدجلة أمست مالدُجيل شحيحةً

فلا أنبتت زرعاً ولا أشبعت ظِلفا

وإن الفرات العَذب مُرنقاً

به الماء يجفو أو به الماء قد جَفا

سل الحِلة الفيحاء عنه فإنها

حَكَت شهداء الطف إذ نزلوا الطفا

فيا ويل قوم في العراق قد انطَوَوْا

على الذُل إذ أمست قلوبهم غُلفْا

ولم يذكروا مجداً لهم كان صارباً

رِواقاً على هام الكواكب قد أوفى

وكانوا به شُمّ العَرانين فاغتدَوْا

يُقاسون أهوالاً به تَجْدع الأنفا

يُرَجّوُن من أهل القبور رجاءهم

ومن يحمل الدبوس أو يضرب الدنا


نوع المنشور:

شارك على :

المنشور السابق

أما آن أن يغشى البلاد سعودها

المنشور التالي

شكاية قلب بالأسى نابض العرق

اقرأ أيضاً