إِذَا بَعُدوا وَافُوكَ أَسْرَى وَإِنْ دَنَوا
لِغَزْوِكَ وَافَتْهُمُ قَناً وَصَوارِمُ
وَلا غائِبٌ إِلّا أَتى وَهْوَ تَائِبٌ
وَلا قَادِمٌ إلّا أَتَى وَهْوَ نَادِمُ
لأَعْنَاقِهِمْ بالبيضِ مِنْكَ مَعانِقٌ
لِغَيْرِ هَوىً فِيهِمْ وَبِالسُّمْرِ لاثِمُ
تَفتَّحُ مِنهُم بالسُّيوفِ شَقائقاً
عَلَيْهَا الدُّرُوعُ الضَّافِياتُ كَمائِمُ
بِحَرْبٍ تكونُ البِيضُ مِنْهَا بوَارِقاً
نَجِيعُهُم فيها الغُيُومُ السَّواجِمُ
قَتَلْتَهُمْ بِالذُّعْرِ حَتَّى كأَنَّمَا
تُحَارِبُهم فيهِ وَأَنْتَ مُسَالمُ
وَقَدْ عَلِمَ الأَعْداءُ أَنّكَ إِنْ تَقُمْ
بِقائِم سَيْفٍ فَهوَ بالنَّصْر قائِمُ
إِذَا رُمْتَ أَنْ تَرْقَى إِلى المَجْدِ سُلَّماً
صَعِدْتَ إِلَيْهِ وَصَعَا وَسَلالِمُ
وَحَفَّ بِكَ الجَيْشُ الَّذي بِكَ نَصْرُهُ
وَمِنْكَ لَهُ إِقْدامُهُ وَالعَزائِمُ
وَسارَ بِبَدْرٍ مِنْ سَنَا وَجْهِكَ الَّذي
بِهِ ظُلُماتٌ تَنْجَلي وَمَظالِمُ
عَلى الأَعْوَجِيّاتِ العِتَاقِ الَّتي لها
حَوافِرُ لِلهاماتِ مِنْهَا عَمَائِمُ
تَمدُّ بِهَا في السَّيْرِ أَجْيادُهَا الَّتي
كَأَنَّ لِحَى الأَعْداءِ فيها بَراجِمُ
سِهَامٌ عَلَى مثلِ السِّهَامِ تَبسَّمَتْ
سُيُوفُهُمْ حَيْثُ الوُجُوهُ سَواهِمُ
وَلَيْسَ بِناجٍ مِنْكَ جَانٍ بِجُرْمِهِ
إِذَا أَعْوَزتْهُ مِنْ يَدَيْكَ المَرَاحِمُ
يَكِرُّ بِمَا تَهْوى الجَدِيدانِ فِي الوَرَى
وَتَسْرِي بِمَا تَرْضَى الرِّيَاحُ النَّواسِمُ
وَتَحْتَقِرُ الفُرْسَانَ حَتَّى كَأَنَّهُمْ
وَهُمْ بُهَمٌ يَوْمَ الهِياجِ بَهائِمُ
وَتُعْطِي أَيادِيكَ الَّتي يَدَكَ احْتَوَتْ
وَلَوْ جُمِعَتْ في رَاحَتَيْكَ الأَقالِمُ
كَأَنَّكَ أُمٌّ والأَنَامُ بِأَسْرِهِمْ
يَتَامى وَبَعْلٌ والأنامُ أَيائِمُ
تَؤُمُّ رِماحُ الخَطِّ بِيضَكَ في الوَغَى
كما قَابَلتْ بِيضَ الوُجُوهِ المَعاصِمُ
وَتُغْضِي عَنِ الفَحْشاءِ لا عَنْ جَهالةٍ
وَلكنْ لِمَعْنىً آثَرَتْهُ المَكَارِمُ
ولي مِدَحٌ بَالَغْتُ فِيهَا بَلاغَةً
وَأَثْنيتُ فِيها بالَّذي أَنَا عالِمُ
وَلي فيكَ آمالٌ عَلَيْك بُلوغُها
فَلا دافِعٌ دُون الَّذي أَنْتَ حَاكِمُ
أَبَعْدَك يَحْوِي المَجْدَ مَنْ هُو فاخِرٌ
وَبَعْدِي يقولُ الشِّعْرَ مَنْ هُوَ نَاظِمُ
وَإِنَّ لِساني ذو الفِقَارِ عَلِيُّهُ
عُلاكَ فَمَنْ مِثْلي وَمثْلُكَ غانِمُ
أَجِرْ وأَجِزْ وَاعْطِفْ وَأَعْطِ فَإِنَّما
يَخُصُّ كَرِيماً بِالنَّوالِ الأَكَارِمُ