أقصاه جور البين عن أحبابه

التفعيلة : البحر الكامل

أَقْصاهُ جَوْرُ البَيْنِ عن أحبابِهِ

وزَمانِه وبلادِه وشَبابِه

فبكى وما يغنى البكاء وإنما

هي روحه تَنْهلُّ في تسْكابِه

إن كان دمعُ العينِ راحةَ غيرِه

فدموعُه سببٌ لفَرْط غذابِه

دمعٌ كَواه لأن نارَ جَنانِه

سَبكتْه والعَبراتُ بعضُ مُذابه

يا هل إلى الأِسكندريةِ أَوْبَةٌ

فيُسَرّ قبلَ مَماتِه بإيابه

فَيرى مكان شَبابِه ونِصابه

وحُبَابه وصِحابه وعُبابه

حيثُ النسيمُ الساحليُّ يَزوره

ونَدى رياضِ الرمل عِطْرُ ثيابِه

وَشَفت ثَنايا الثَّغر أفواه الصَّبا

أُصُلا وَبرَّدها الندى برضابه

حتى يَشُقَّ شَقيقه أكمامَه

والأُقْحوانُ يَحُطُّ ثِنْى نِقابه

ويُجمِّش الرَّيحانَ راحُ رياحِه

فيَشُوقُ منه ما يُحدِّثُنا به

نِعْمَ المَحلُّ ونعم مُرْتَبَعٌ به

يَجْلُو جَنانَ الصَّبِّ من أَوْصابه

أَسَفي على ذاك الزمانِ لَوَ أَنّه

بالصَّخرِ فَتَّتَ منه صُمَّ صِلابه

يا ليتَني أَحْظى بشَمِّ نسيمِه

وبديعِ منظره وَلَثْم تُرابه

ويُعِلُّني ذاك الخليجُ بشَرْبةٍ

سِيما إذا انْتَسَجتْ دُروعُ حَبابه

وصَفا وراق وعاد مَدُّ زُلالِه

كالسيف جُرِّد من خِلال قِرابه

فكأنَّه والريحُ تَنْقُش مَتْنَه

حِرْزٌ عليه يُدَقُّ خَطُّ كِتابه

كالمِبْرد المنقوش نَقْشاً خَفَّفت

آثارَ مَوْقِعه يَدا ضُرَّابه

كضَفيرة الْخَوّاص أَمْكَنه لها

سَعَفٌ ضَفا فأرَقَّ ضَفْرَ لُبابه

حيثُ الغصونُ روَاقِصٌ وَيَمامُها

يَشْدوُ لطيبِ الزَّمْرِ من دُولابه

نَعرت نَواعيرُ المياهِ وأُتْرِعت

تلك التِّراعُ وفُضّ فَيْض عُبابه

حتى تُجرِّد سَيْفَه أَسيافُها

بجداولٍ جُدِّلْن في أعشابه


نوع المنشور:

شارك على :

المنشور السابق

عسى يدنيك يا بلدي إياب

المنشور التالي

هل لي إلى الثغر من عود ومنقلب

اقرأ أيضاً

أما أسيد والهجيم ومازن

أَمّا أُسَيدُ وَالهُجَيمُ وَمازِنٌ فَشِرارُ مَن يَمشي عَلى الأَقدامِ الظاعِنونَ عَلى هَوى نِسوانِهِم وَالنازِلونَ بِشَرِّ دارِ مُقامِ