عِقابُ الهَجرِ أَعقَبَ لي الوِصال
وَصِدقُ الصَبرِ أَظهَرَ لي المُحالا
وَلَولا حُبُّ عَبلَةَ في فُؤادي
مُقيمٌ ما رَعَيتُ لَهُم جِمالا
عَتَبتُ الدَهرَ كَيفَ يُذِلَّ مِثلي
وَلي عَزمٌ أَقُدُّ بِهِ الجِبالا
أَنا الرَجُلُ الَّذي خُبِّرتَ عَنهُ
وَقَد عايَنتَ مِن خَبري الفِعالا
غَداةَ أَتَت بَنو طَيٍّ وَكَلبٍ
تَهُزُّ بِكَفِّها السُمرَ الطِوالا
بِجَيشٍ كُلَّما لاحَظتُ فيهِ
حَسِبتُ الأَرضَ قَد مُلِأَت رِجالا
وَداسوا أَرضَنا بِمُضَمَّراتٍ
فَكانَ صَهيلُها قيلاً وَقالا
تَوَلَّوا جُفَّلاً مِنّا حَيارى
وَفاتوا الظُعنَ مِنهُم وَالرِحالا
وَما حَمَلَت ذَوُو الأَنسابِ ضَيم
وَلا سَمِعَت لِداعيها مَقالا
وَما رَدُّ الأَعِنَّةِ غَيرُ عَبدٍ
وَنارُ الحَربِ تَشتَعِلُ اِشتِعالا
بِطَعنٍ تُرعَدُ الأَبطالُ مِنهُ
لِشِدَّتِهِ فَتَجتَنِبُ القِتالا
صَدَمتُ الجَيشَ حَتّى كُلَّ مُهري
وَعُدتُ فَما وَجَدتُ لَهُم ظِلالا
وَراحَت خَيلُهُم مِن وَجهِ سَيفي
خِفافاً بَعدَما كانَت ثِقالا
تَدوسُ عَلى الفَوارِسِ وَهيَ تَعدو
وَقَد أَخَذَت جَماجِمَهُم نِعالا
وَكَم بَطَلٍ تَرَكتُ بِها طَريح
يُحَرِّكُ بَعدَ يُمناهُ الشِمالا
وَخَلَّصتُ العَذارى وَالغَواني
وَما أَبقَيتُ مَع أَحَدٍ عِقالا