طلعت طلوع البدر يا ملك الورى

التفعيلة : البحر الطويل

طلعْتَ طلوعَ البدرِ يا ملكَ الورَى

وقد غُمِسَ الآفاقُ في ظُلَمٍ غَمْسا

فجَلّيتَ ليلَ الخَطبِ عنّا بغُرّةٍ

غدَتْ تَقبِسُ الأبصارُ أَنوارَها قَبسا

وما إن تَرى بدْرَ السّماء وإنْ سَما

بمُهْدٍ إلينا فيه إلاّ إذا أَمسى

وإنْ هو وافانا نهاراً فما سَناً

بطَلْعتِه يُهْدي إلى ناظرٍ أُنْسا

ولكنْ فتَى الفتيانِ بَدرُ بنُ مُقْبِلٍ

له النُّورُ مِلْءَ الأرضِ أصبحَ أو أَمسى

إذا سار غَطّى الشّمسَ بالنّقْعِ خَيلُه

ولم أَر بدراً قبلَه يَستُرُ الشّمْسا

أجلْ هو بَدْرٌ في عُلُوٍّ ولم يكُنْ

يُطيقُ فَمُ الرّاجِي لأنملِه لمَسا

غدا فلكاً للدِّينِ في دَورانِه

حياةٌ وموتٌ ضُمّنا الجودَ والبأسا

تَرى منه مَلْكاً لا يُوازيهِ مُشبِهٌ

من النّاسِ لا أصلاً شريفاً ولا نَفْسا

سَليلُ مُلوكٍ من ذُؤابةِ خِنْدِفٍ

له الهمّةُ العلياءُ والعِزَّةُ القَعْسا

بنو أسدٍ تَأْوي إلى أَجَمِ القَنا

وتَفْرِسُ يومَ الرَّوعِ فُرسانَه فَرْسا

صَفوحٌ إذا أَصغَى له السّمْعُ راعياً

إلى عُذْرِ جانٍ رَدَّ مأْتَمَهُ عُرْسا

مُحَيّاهُ سَعْدٌ غيرَ أنّ سِنانَه

على القِرنِ يَغدو في الوغَى كَوكباً نَحْسا

تَرى رجلاً لوناً إذا قابلَ العِدا

ويَرجِعُ مُرتَجّاً إذا طَعَنَ الخَلْسا

جُعِلْنا فِداك الدَّهرُ أَرسَى بصَرفهِ

علينا وصَرفُ الدّهرِ مَضٌّ إذا أَرسى

وكان لنا بُرءاً غِياثُك عاجِلاً

ويُمنُك نَرجو منه أَلاّ نَرى نِكْسا

فأَمطِرْ على أرضي سَحائبَ رحمةٍ

فقد ظَمئتْ حتّى لقد يَبَسَتْ يَبْسا

وبالأمسِ قد أَولَيتَنا منك نِعمةً

فأَحسِنْ إلينا اليومَ إحسانَكَ الأمسا

ودونَك من فِكْري لك ابنةَ ساعةٍ

يكاد يُضيءُ الأرضَ إيداعُها الطِّرسا

ولو أنّني وَفّيتُ مدحَك حَقَّه

لكانَ سَوادُ العينِ منّي له نِقْسا

وفي الكُفْؤ لا في المَهْرِ أَوفيتُ مِدْحتي

ويَدرُسُ عِزُّ الدّهرِ إن قُلتُه دَرْسا

ولي منك آمالٌ قديماً غرَسْتُها

وهأنذا مُستَثمِرٌ ذلك الغَرْسا

فشَفِّعْ فدَتْكَ النّفْسُ منّيَ شافعاً

لقومٍ بنابِ الدّهرِ قد نُهِسوا نَهْسا

فمِثْلُك مَن لو يَشْتري مَدْحَ مادحٍ

بأبياتِ مالٍ عَدَّها ثَمَناً بَخْسا

ودُمْ للعُلا مادام للّهِ عابِدٌ

وما لاحَ نَجْمٌ وامتطَى راكبٌ عَنْسا


نوع المنشور:

شارك على :

المنشور السابق

أسأت فأصبحت مستوحشا

المنشور التالي

روحا ساعة متون القلاص

اقرأ أيضاً