كتب المشيب بأبيض في أسود

التفعيلة : البحر الكامل

كَتَبَ المَشِيبُ بأَبْيَضٍ في أَسْوَد

بغْضاءَ ما بَيني وبينَ الخُرَّدِ

خَجِلَتْ عُيُونُ الحُورِ حِينَ وصَفْتُها

وصْفَ المَشيبِ وقُلْنَ لِي لا تَبْعَدِ

ولِذاكَ أَظْهَرَتِ انْكِسَارَ جُفُونها

دَعْدٌ وآذَنَ خَدُّها بِتَوَرُّدِ

يا جِدَّةَ الشَّيْبِ الَّتِي ما غادَرَت

لِنُفُوسِنا مِنْ لَذَّةٍ بمجدَّدِ

ذَهَب الشَّبابُ وسَوْفَ أذْهَبُ مِثْلَما

ذَهَبَ الشبابُ وما امرؤٌ بِمُخَلَّدِ

إنَّ الفَنَاءَ لكلِّ حَيٍّ غايَةٌ

مَحْتُومَةٌ إنْ لَمْ يَكُنْ فكأَنْ قَدِ

وارَحْمَتا لِمُصَوِّرٍ مَتَطَوِّر

في كلِّ طَوْرٍ صورَةَ المُتَردِّدِ

قَذَفَتْ به أَيْدِي النَّوَى مِنْ حالِقٍ

سامِي المَحَلِّ إلى الحَضيضِ الأوهَدِ

مُسْتَوْحِشٍ فِي أُنْسِهِ مُتعاهِدٍ

بحنِينِهِ شَوْقَاً لأَوَّلِ مَعْهَدٍ

مَنَعَتْهُ أَسبابٌ لَدَيْهِ رجُوعَهُ

فاشتاقَ للأَوْطان شَوْقَ مُقَيَّدِ

يا لَيْتَهُ لَوْ دامَ نَسْياً ما لَهُ

مِنْ ذاكِرٍ أوْ أنهُ لم يُولَدِ

حَمَلَ الهَوَى جَهْلاً بأَثْقَالِ الهَوَى

مُسْتَنْجِداً بعزيمةٍ لم تُنْجِدِ

ما إنْ يَزالُ بما تَكَلَّفَ حَمْلَهُ

في خُطَّتَي خَسْفٍ يَرُوحُ وَيَغْتَدِي

غَرضاً لأَمْرٍ لا تَطيشُ سِهامُهُ

ومُعَرَّضاً لِمُعَنِّفٍ ومُفَنِّدِ

وَخَلِيفَةٍ في الأرضِ إِلَّا أنَّه

مُتَوَعِّدٌ فيها وعيدَ الهُدْهُدِ

وَجَبَ السُّجُودُ لهُ فلما أنْ عصى

قالت خطيئَتُهُ لهُ اركعْ واسْجُدِ

وَنَبَتْ به الأوطان فهْوَ بِغُرْبَةٍ

ما بينَ أعداءٍ يَسيرُ وحُسَّدِ

أنفاسه تُحصَى عليه وعلم ما

يفضى إليه غدا له حُكمُ الغدِ

أبَداً تَرَاهُ واجِداً أَوْ عادِماً

في حَيْرَةٍ لَقْطَاتُها لم تُنْشَدِ

يُمسِي ويُصْبِحُ مُتْهِماً أَوْ مُنْجِداً

لِمعادِهِ معَ مُتْهِمٍ أَوْ مُنْجِدِ

يَرْمِي به سَهْلاً وَوَعْراً زاجِراً

بَطْنُ المِسَنِّ به كَظَهْرِ المِبْرَدِ

مُتَخَوِّفاً منه المصيرَ لِمَنْزِلٍ

مُسْتَوْبِل المَرْعَى وبيل المَوْرِدِ

ما إنْ رأى الجاني به أَعْمالَه

إِلَّا تَمَنَّى أنَّه لَم يولَدِ

حَسْبي لَهُ حُبُّ النبيِّ وآلِهِ

عِنْدَ الإِلهِ وسيلَةً لَمْ تُرْدَدِ

فإذا أجَبْتَ سؤالَهَ فِي آلِهِ

سَل تُعْطَ واسْتَمْدِد فَلاحاً تُمْدَدِ

وأْمَنْ إذا قامَ النبيُّ مَقَامَهُ ال

مَحْمُودَ في الأمرِ المُقيمِ المُقْعِدِ

وتَزَوَّدِ التَّقْوَى فإن لم تستطعْ

فمِنَ الصلاة على النبيِّ تَزَوَّدِ

صلّى عليه اللَّهُ إن صلاةَ مَنْ

صلّى عليه ذَخيرةٌ لم تَنْفَدِ

واسمَعْ مَدائحَ آلِ بيتِ المصطفى

مِنى ودونَكَ جَمْعُها في المُفرَدِ

صِنوُ النبيِّ أَخُو النبيِّ وزِيرُهُ

وَوَليُّهُ فِي كلِّ خَطْبٍ مُؤْيِدِ

جَدُّ الإِمامِ الشَّاذِليِّ المُنْتَمي

شَرَفاً إليهِ لِسَيِّدِ عَنْ سَيِّدِ

أسماؤُهم عِشْرُونَ دُونَ ثَلاثَةٍ

جاءتْ على نَسَقٍ كأحْرُفٍ أَبْجَدِ

لِعلِيّ الحَسَنُ انْتَمَى لِمُحمَّدٍ

عيسى وسِرُّ مُحَمَّدٍ في أَحْمَدِ

وَاخْتارَ بَطَّالٌ لِورْدٍ يُوشَعاً

وبِيُوسُفٍ وافَى قُصَيٌّ يَقْتَدِي

وبِحاتمٍ فُتِحَتْ سِيادَةُ هُرْمُزٍ

وغَدا تَمِيمٌ لِلْمَكَارِمِ يَهْتَدِي

وبِعَبْدِ جَبَّارِ السمواتِ انْتَضَى

لِلْفَضْلِ عبد اللَّهِ أيَّ مُهَنَّدِ

وأتَى عَليٌّ في العُلا يَتْلُوهم

فاختِمْ به سُوَرَ العُلا والسُّؤْدُدِ

أعْنِي أَبا الحَسَنِ الإِمامَ المُجْتَبَى

مِنْ هَاشِمٍ والشَّاذِليَّ المَوْلِدِ

إنَّ الإِمامَ الشَّاذِليَّ طَرِيقُهُ

فِي الفَضْلِ واضحَةٌ لِعَيْنِ المُهْتَدِي

فانْقُلْ ولوْ قَدَماً عَلَى آثارِهِ

فإذَا فَعَلْتَ فَذاكَ آخَذُ بالْيَدِ

واسْلُكْ طَرِيقَ مُحَمَّدِيِّ شَرِيعَةٍ

وَحَقِيقةٍ ومُحَمَّديِّ المَحْتِدِ

مِنْ كلِّ ناحِيَةٍ سَنَاهُ يَلوحُ مِن

مِصْبَاحِ نورِ نُبُوَّةٍ مُتَوَقِّدِ

فَتْحٌ أتى طُوفانُهُ بِمَعَارِفٍ

تَنُّورُها جُودِيُّ كلِّ مُوَحِّدِ

قد نالَ غَايَةَ ما يَرُومُ المُنْتَهِي

مِنْ رَبِّهِ وَلهُ اجتهادُ المُبْتَدِي

مُتَمَكِّنٌ في كلِّ مَشْهَدِ دَهْشَةٍ

أَوْ وَقْفَةٍ ما فَوْقَهَا مِنْ مَشْهَدِ

مَنْ لا مَقَامَ لَهُ فإنَّ كمالَهُ

لِلنَّاسِ يُرْجِعُهُ رُجُوعَ مُقَلِّدِ

قُلْ لِلْمُحَاوِلِ في الدُّنُوِّ مَقَامَهُ

ما العَبْدُ عندَ اللَّهِ كالمُتَعَبِّدِ

وَالفضلُ ليسَ يَنالُهُ مُتَوَسِّلٌ

بِتَوَرُّعٍ حَرِجٍ وَلا بِتَزَهُّدِ

إنْ قَالَ ذاكَ هُوَ الدَّوَاءُ فَقُلْ لهُ

كُحْلُ الصَّحِيحِ خِلافَ كُحْلِ الأرْمَدِ

يَمْشي المُصَرِّفُ حيثُ شَاءَ وغيْرُهُ

يمشِي بحُكْمِ الحَجْرِ حُكْمَ مُصَفَّدِ

مَنْ كانَ منكَ بمنْظَرٍ وَبِمَسْمَعٍ

أيُحَالُ منه عَلَى حدِيثٍ مُسْنَدِ

لِكِلَيْهِمَا الحُسْنَى وَإنْ لم يَسْتَوُوا

في رُتْبَةٍ فَقَد اسْتَوَوْا في الموْعِدِ

كلٌّ لِما شاء الإِلهُ مُيَسَّر

والنَّاسُ بَيْنَ مُقَرَّب وَمُشَرَّدِ

وإذَا تَحَقَّقَتِ العنايَةُ فاسْتَرِحْ

وإذَا تَخَلَّفَتِ العنايةُ فاجْهَدِ

أَفْدِي عَلِيّاً في الوجودِ وَكلُّنَا

بِوُجودِهِ مِنْ كلِّ سوءٍ نَفْتَدِي

قُطْبُ الزَّمانِ وغَوْثُهُ وإمامُهُ

عَيْنُ الوجُودِ لسانُ سِرِّ المُوجِدِ

سادَ الرِّجالَ فَقَصَّرَتْ عَنْ شَأْوِهِ

هِمَمُ المُؤَوِّبِ لِلْعُلا وَالمُسْئِدِ

فَتَلَقَّ ما يُلْقِي إليكَ فَنُطْقُهُ

نُطْقٌ بِرُوحِ القُدْسِ أَيُّ مُؤَيِّدِ

إمَّا مَرَرْتَ على مكانِ ضَرِيحِهِ

وَشَمِمْتَ رِيحَ النَّدِّ مِنْ تُرْبِ النَّدِ

وَرأيتَ أرْضاً فِي الفَلا مُخْضَرَّةً

مُخْضَلَّةً منها بِقاعُ الفَدفَدِ

والوحشُ آمِنَةٌ لَدَيهِ كَأَنَّها

حُشِرَتْ إلى حَرمٍ بأَوَّلِ مَسْجِدِ

وَوَجدْتَ تَعْظِيماً بِقَلْبِكَ لَوْ سَرَى

في جَلْمَدٍ سَجَدَ الوَرَى لِلجَلمَدِ

فَقُلِ السَّلامُ عليكَ يا بَحْرَ النَّدَى ال

طامِي ويا بَحْرَ العلومِ المُزْبِدِ

يا وارثاً بالفَرْضِ عِلْمَ نَبِيِّهِ

شَرَفاً وبالتَّعْصِيبِ غيرَ مُفَنَّدِ

الْيَوْمَ أَحْمَدُ مِنْ عَلِيٍّ وارِثٌ

حَظَّي عَلِيٍّ مِنْ وِراثَةِ أَحْمَدِ

يُعزَى الإِمامُ إلَى الإِمامِ وَيَقْتَدِي

للمُقْتَدى بِهُدَاهُ فضلُ المُقْتَدِي

وَالمَرءُ في مِيراثِهِ أتْبَاعُهُ

فاقْدِرْ إِذَنْ فضلَ النبيِّ مُحَمَّدِ

خيرِ الوَرَى صلَّى عليه اللَّه ما

صَدَعَ الأَسَى قَلْبَاً بِسَجْعِ مُغَرِّدِ

وسَرَى السُّرُورُ إلَى القلوبِ فَهَزَّها

مَسْرَى النَّسيمِ إلَى القَضيبِ الأمْلَدِ

شَوْقاً لِمُرْسِيَةٍ رَسَتْ آساسَها

بعَلِي أَبي العَبَّاسِ فَوْقَ الفَرْقَدِ

اليَوْمَ قَامَ فَتَى عَلِيٍّ بَعْدَهُ

كَيمَا يُبَلِّغَ مُرْشِداً عَنْ مُرْشِدِ

فكأَنَّ يُوشَعَ بعدَ موسى قائمٌ

بِطَرِيقِهِ المُثْلَى قِيامَ مُؤَكِّدِ

فليقصِدِ المُسْتَمْسِكُونَ بِحَبْلِهِ

دارَ البقاءِ مِنَ الطَّرِيقِ الأَقْصَدِ

فإذَا عزمْتَ على اتِّباعِ سَبِيلِهِ

فَاسْمَعْ كلامَ أَخِي النَّصيحَةِ ترْشُدِ

فنِظَامُ أعْمَالِ التُّقَى آدَابُها

فاصْحَب بها أهْلَ التُّقَى والسُّؤْدَدِ

وَتَجَنَّبِ التَّأْوِيلَ في أقْوالِ مَنْ

صاحَبْتَ مِنْ أهْلِ السعادَةِ تَسْعَدِ

قدْ فرَّقَ التأوِيلُ بَيْنَ مُقَرَّبٍ

يَوْمَ السُّجُودِ لآدَمٍ ومُبَعَّدِ

وَحَذارِ أنْ يَثِقَ المُرِيدُ بِنَفْسِهِ

وَاحْزِمْ فما الإِصْلاحُ شَأْنُ المُفْسِدِ

فالوَصْفُ يَبْقَى حُكْمُهُ مَع فَقْدِهِ

وَالمَرْءُ مَرْدُودٌ إذَا لَمْ يُفْقَدِ

إنَّ الضَّنِينَ بِنَفسِهِ فِي الأرضِ لا

يَلْوِي عَلَى أَحَدٍ وليسَ بمُصعِدِ

ويظُنُّ إنْ رَكَدَتْ سفينَتُهُ عَلَى

أمْوَاجِها ورِياحِها لَمْ تَرْكُدِ

فاصْحَبْ أَبا العَبَّاسِ أحمدَ آخِذاً

يَدَ عارِفٍ بِهَوَى النُّفُوسِ مُنَجِّدِ

فإذَا سَقَطْتَ عَلَى الخَبير بِدَائها

فَاصْبِرْ لِمُرِّ دَوَائِهِ وَتَجَلَّدِ

وإذَا بَلَغْتَ بِمَجْمَعِ البَحْرَيْنِ مِنْ

عِلْمَيْهِ فانْقَعْ غُلَّةَ القَلْبِ الصَّدِي

فَمَتى رَأى مُوسى الإِرادَةَ عِندَهُ

خِضرُ الحقيقةِ نَالَ أَقصى المَقصدِ

وإذَا الفَتَى خُرِقَتْ سَفِينَةُ جِدِّهِ

لَنَجَاتِهَا وجَدَ الأَسَى غيرَ الدَّدِ

وتَبَدَّلَتْ أَبَوا الغُلامِ بِقَتْلِهِ

بأبرَّ مِنهُ لِوَالِدَيْهِ وأَرْشَدِ

وَأُقِيمَ مُنْتَقَضُ الجِدارِ وَتَحْتَهُ

كَنْزُ الوُصُولِ إِلى البقاءِ السَّرْمَدِي

فلْيَهنِ جَمْعاً في الفِراقِ ووُصْلةً

مِنْ قاطِعٍ وترَقِّياً مِنْ مُخْلِدِ

مُغْرىً بِقَتْلِ النَّفْسِ عَمْداً وهْوَ لا

يُعْطَى إلى القَوَدِ القِيادَ ولا الْيَدِ

للَّهِ مَقْتُولٌ بِغَيرِ جِنايَةٍ

كَلِفٌ بِحُبِّ القاتِلِ المُتَعَمِّدِ

ما زالَ يَعْطِفُها عَلَى مَكْرُوهِها

حتَّى زَكَتْ وَصَفَتْ صفَاءَ العَسْجَدِ

وأُجِيبَ داعِيها لِرَدِّ مُشَرَّدٍ

مِنْ أمْرِها طَوْعَاً وَجمْعِ مُبَدَّدِ

لَمْ تَتْرُكِ التَّقْوَى لها مِنْ عادَةٍ

أُلِفَتْ ولا لِمَريضها مِنْ عُوَّدِ

فَلْيَهْنِ أَحْمَدَ كيمياءُ سَعَادَةٍ

صَحَّتْ فلا نارٌ عليه تَغْتَدِي

جَعَلَتْهُ لَمْ يَرَ لِلْحَقيقةِ طالباً

إِلَّا يَمُدُّ إليهِ راحَةَ مُجْتَدِي

كلٌّ يَرُوحُ بِشُرْبِ راحِ عُلُومِهِ

طَرَباً كَغُصْنِ البانَةِ المُتأَوِّدِ

ضَمنَ الوقارَ لها اعْتدالُ مِزاجِها

فَشَرَابُها لا يَنْبَغِي لِمُعَرْبِدِ

فَضَحَتْ مَعارِفُها مَعارِفَ غَيرِها

والزَّيْفُ مَفْضُوحٌ بِنَقْدِ الجَيِّدِ

كَشَفَتْ لهُ الأَسْماعُ عَنْ أَسرارِها

فإذَا الوُجُودُ لِمقْلَتَيهِ بِمَرْصَدِ

وأَرَتْهُ أسبابَ القضاء مُبِينَةً

للمستَقيمِ بِعِلْمِها وَالمُلْحِدِ

تَأبَى علُومُكَ يا فَتَى غَيْرَ التي

هيَ فَتْحُ غَيْبٍ فَتْحُهُ لَمْ يُسدَدِ

قُل لِلَّذينَ تَكلَّفوا زِيَّ التُّقى

وَتَخيَّروا لِلدَّرسِ أَلفَ مُجَلَّدِ

لا تَحْسَبُوا كُحْلَ العُيُونِ بِحِيلةٍ

إنَّ المَهَا لَمْ تَكْتَحِلْ بالإِثْمِدِ

ما النَّحْلُ ذَلَّلَتِ الهِدَايَةِ سُبْلَها

مِثْلَ الحَمِيرِ تَقُودُها لِلْمَوْرِدِ

مَنْ أَمْلَتِ التَّقْوَى عليهِ وأَنْفَقَتْ

يَدُهُ مِنَ الأَكوانِ لا مِنْ مِزْوَدِ

وأَبِيكَ ما جَمَعَ المَعالِيَ وادِعاً

جَمْعَ الأُلوفِ مِنَ الحِسابِ عَلَى اليَدِ

إلَّا أبو العبَّاسِ أَوْحَدُ عَصْرِهِ

أكْرِمْ به فِي عَصرِهِ مِنْ أَوْحَدِ

أفْنَتْهُ فِي التَّوْحِيدِ هِمَّةُ ماجِدٍ

شَذَّتْ مَقَاصِدُها عَنِ المُتَشَدِّدِ

ساحَتْ رجالٌ في القِفَارِ وإنّه

لَيَسِحُ في مَلَكُوتِ طَرْفٍ مُسْهَدِ

ولهُ سرائرُ في العُلا خَطَّارَةٌ

خَطَّارُها ورِكابُها لم تُشْدَدِ

فالمستقيم أخو الكَرَامَةِ عندَهُ

لا كلُّ مَنْ رَكِبَ الأُسودَ بأسْوَدِ

وَأجَلُّ حالِ مُعاملٍ تَبَعِيَّة

أُخِذَتْ إلى أَدَبِ المُرِيدِ بِمِقْوَدِ

فأَتى مِنَ الطُّرقِ القَرِيبِ مَنَالُها

وأتى سِواهُ مِنَ الطَّرِيقِ الأَبْعَدِ

سَيْفٌ مِنَ الأَنْصَارِ ماضٍ حَدُّهُ

فاضرِبْ بهِ في النَّائِبَاتِ وهَدِّدِ

أُثْنِي عليه بِبَاطِنٍ وبِظاهِرٍ

لا سِرَّ منه بِمُغْمَدٍ ومُجَرَّدِ

مِنْ مَعْشَرٍ نَصَرُوا النبيَّ وسابَقوا

مَعَهُ الرِّيَاحَ بِكلِّ نَهْدٍ أَجْرَدِ

وَثَنَوْا أَعِنَّتَهُمْ وقد تَرَكُوا العِدا

بالطَّعْنِ بَيْنَ مُجَدَّلٍ ومُقَدَّدِ

مِنْ كلِّ ذِمْرٍ كالصَّبَاحِ جَبِينُه

ذَرِبٌ بِخَوْضِ المُعْضِلاتِ مُعَوَّدِ

وبِكَلِّ أَسْمَرَ أَزْرَقٍ فُولاذُهُ

وبِكُلِّ أَبيضَ كالنَّجِيعِ مُوَرَّدِ

شَهِدَ النَّهَارُ لِفَاضِلٍ بمُسَدَّدِ

مِنْ رأيِه ولِطاعِنٍ بمُسَدِّدِ

وتَمَخَّضَتْ ظُلَمَ اللَّيَالِي منهمُ

عَنْ رُكَّعٍ لا يَسْأَمُونَ وسُجَّدِ

خافَ العَدُوُّ مَغِيبَهُم لِشُهُودِهِم

والموتُ يَكْمُنُ فِي الحُسامِ المُغْمَدِ

السَّاتِروا العَوْرَاتِ مِنْ قَتْلَى العِدا

يَوْمَ الحَفيظَةِ بالقَنا المُتَقَصِّدِ

والطَّاعِنُوا النَّجلاءَ يُدْخِلُ كَفَّهُ

في إثْرِها الآسي مكانَ المِرْوَدِ

سَلْ مِنْ سَلِيلِهمُ سُلوكَ سَبيلِهِمْ

يُرْشِدْكَ أحمدُ للطَّرِيقِ الأحمدِ

مُسْتَمْطِراً بَرَكاتِهِ مِنْ رَاحَةٍ

أنْدَى مِنَ الغَيثِ السَّكُوبِ وأَجْوَدِ

فَمَوَاهِبُ الرَّحْمنِ بين مُصَوَّبٍ

منها لِراجِي رحمَةٍ ومُصَعَّدِ

يا مَنْ أَمُتُّ لهُ بِحِفظِ ذِمامِهِ

وبِحُسْنِ ظنِّي فيهِ لِي مُسْتَعْبِدِي

مَوْلايَ دُونَكَ ما شَرَحْتُ بِوَزْنِهِ

وَرَوِيِّهِ قَلْبَ الكئيبِ الأكْمَدِ

فاقبَل شِهابَ الدِّينِ عُذْرَ خَرِيدَةٍ

عَذْرَاءَ تُزْرِي بالعَذَارَى النُّهَّدِ

مَعْسُولَةٍ ألفاظُها مِنْ كامِلٍ

أَبرِد حَشىً مِنْ رِيقِها بِمُبَرَّدِ

طَلَعَتْ مَجَرَّةُ فضلها بِكَواكِبٍ

دُرِّيَّةٍ مَحْفُوفَةٍ بالأَسْعدِ

رَامَ اسْتِرَاقَ السَّمْعِ منها مارِدٌ

لَمَّا أتَتْكَ فَلَمْ يَجِدْ مِنْ مَقْعَدِ

مِنْ مَنْهَلٍ عَذْبٍ صَفا سلْسَالُهُ

لا مِنْ صَرىً يَشْوِي الوُجُوهَ مُصَرَّدِ

بَعَثَتْ إليكَ بها بواعِثُ خاطِرٍ

مُتَحَبِّبٍ لِجَنابِكُمْ مُتَوَدِّدِ

صادَفْتُ دُرّاً مِنْ صِفاتِكَ مُثْمَناً

فأَعَرْتُهُ منِّي صفَاتِ مُنَضِّدِ

جاءتْ تُسَائِلُكَ الأمانَ لِخائفٍ

مِنْ رِبْقَةٍ بِذُنُوبِهِ مُتَوَعِّدِ

فاضْمَنْ لها دَرْكَ المعادِ ضمانَها

بالفَوْزِ عنكَ لِسَامِعٍ وَلِمُنْشِدِ

فإذا ضَمِنْتَ لهُ فليسَ بِخائِفٍ

مِنْ مُبْرِقٍ يَوْماً ولا مِنْ مُرْعِدِ

جاهُ النبيِّ لِكُلِّ عاصٍ واسِعٌ

والفضلُ أَجدرُ باقتراحِ المُجتَدِي


نوع المنشور:

شارك على :

المنشور السابق

أهل التقى والعلم أهل السؤدد

المنشور التالي

إلهي على كل الأمور لك الحمد

اقرأ أيضاً

أخاف

جَهَرتُ بحبّكِ حَتى لقالوا بأني مُصَابٌ بِمَسِّ الجُنونْ وأنَّكِ أودَيتِ بالعقلِ مِنّي وللحُبِّ في العَقلِ بعضُ الشؤونْ، وماهَمَّني…