أهل التقى والعلم أهل السؤدد

التفعيلة : البحر الكامل

أهلُ التُّقَى والعِلمِ أهلُ السُّؤْدُدِ

فأَخُو السِّيَادَةِ أحمدُ بنُ مُحَمَّدِ

الصاحبُ ابن الصاحب ابن الصاحب ال

حبْرُ الهُمَامُ السَّيِّدُ ابنُ السَّيِّدِ

لا تُشْرِكَنَّ به امرأ في وَصْفِهِ

فتكونَ قد خالفْتَ كلَّ مُوَحِّدِ

الشَّمسُ طالعةٌ فهل من مُبْصِرٍ

والحَقُّ مُتَّضِحٌ فهل من مُهْتَدِي

إنَّ الفَتَى مَنْ سَوَّدَتْهُ نفْسُهُ

بالفضلِ لا مَنْ سادَ غيرَ مُسوَّدِ

والناسُ مُخْتَلِفُوا المذاهِبِ في العُلا

والمَذْهَبُ المُخْتارُ مذْهَبُ أحمدِ

وفَّى عُلومَ الأوّلين حُقوقَها

والآخِرِينَ وَفاءَ مَنْ لم يَجْحَدِ

فكأنَّه فينا خليفةُ آدمٍ

أوْ آدَمٌ لو أنَّهُ لم يُولَدِ

أفضَى به علْمُ اليَقِينِ لعَيْنِهِ

وَرَآهُ حَاسِدُهُ بعَيْنَيْ أَرْمَدِ

كُشِفَ الغِطَاءُ لهُ فليسَ كحائرٍ

في دينِهِ مِنْ أَمْرِهِ مُتَرَدّدِ

قد كانَ يَحكمُ في الأُمورِ بِعِلْمِهِ

شَهِدَ المُحقُّ لديْهِ أَمْ لم يَشْهَدِ

لولا يُخاطِبُنَا بِقَدْرِ عُقُولِنَا

جَاءتْ معارفُهُ بما لم نَعْهَدِ

ورِثَ النُّبُوَّة فَلْيَقُم كَقِيامِهِ

مَنْ حَاوَلَ الميراثَ أَوْ فَلْيَقْعُدِ

فلِسَانُهُ العَضْبُ الحُسامُ المَنْتَضَى

وَبَيَانُهُ بَحْرٌ خِضَمُّ المُزْبِدِ

وَبَصِيرَةٌ باللَّهِ يُشْرِقُ نورُها

ويُضِيءُ مثلَ الكَوْكَبِ المُتَوَقِّدِ

وخَلائِق ما شابَها مَنْ شانَها

فأتَتْ كماءِ المُزْنِ في قَلْبِ الصَّدِي

فَلِبَابِ زَيْنِ الدِّينِ أحمدَ فلْيَسِر

مَنْ كانَ بالأَعْذَار غيرَ مُقَيَّدِ

هوَ كعْبَةُ الفضلِ الذي قُصَّادُهُ

قد حَقَّقُوا منه بُلوغَ المَقْصِدِ

لَمَّا وَرَدْتُ عَلَى كَرِيمِ جَنَابِهِ

فوَرَدْتُ بَحْرَ الْجُودِ عَذْبَ المَوْرِدِ

ورَأَيْتُ وَجْهَاً أَشْرَقَتْ أَنْوَارُهُ

فأَضَاءَ مثلَ الكوكَبِ المُتَوَقِّدِ

أعْرَضْتُ عَنْ لهْوِ الحَدِيثِ وقُلْتُ يا

مَدْحَ الوَرَى عنِّي فمَا أَنَا مِنْ دَدِ

وَعَزَمْتُ في يَوْمِي عَلَى العَمَلِ الّذي

ألقاهُ لي نعْمَ الذَّخيرةُ في غَدِ

مَدْحٌ إذَا أعْمَلْتُ فيه مِقْوَلِي

جَاهَدْتُ عن دينِ الهُدَى بِمُهَنَّدِ

أَبْقَى لهُ الذِّكْرَ المُخَلَّدَ عِلْمُهُ

أنْ ليس في الدُّنْيَا امرُؤٌ بِمُخَلَّدِ

فَاسْتُنْفِدَتْ بوجودِهِ آمالُهُ

وَاخْتَارَ عندَ اللَّهِ ما لم يَنْفَدِ

شُغِفَتْ بِهِ الدُّنْيَا وآثَرَ أُخْتَهَا

حُبَّاً فَأَوْهَمَ رَغْبَةً بِتَزَهُّدِ

وأتى عليها جُودُه فكأَنّها

لهَوانِهَا في نفسه لم تُوجَدِ

فإذَا نَظَرْتَ إلى مقاصِدِهِ بهَا

أَبْدَتْ إليكَ حَقيقةَ المُتَجَرِّدِ

كلِفٌ بمَا يَعْنِيهِ مِنْ إسعادِ ذِي ال

حَاجَاتِ في الزَّمَنِ القَليلِ المُسْعِدِ

يَطْوِي مِنَ التَّقْوَى حَشَاهُ عَلَى الطَّوَى

وَيَبِيتُ سَهْرَانَاً مُقَضَّ المَرْقَدِ

وَيَغُضُّ مِنْ مَغْسُولَتَيْنِ بِدَمْعِهِ

مَكْحُولَتَيْنِ مِنَ الظَّلامِ بإثْمِدِ

عَوِّلَ عليه في الأُمورِ فإنَّهُ

أهلُ الغَرِيبِ وبَيْتُ مالِ المُجْتَدِي

وَاسْتَمْطِرِ البركاتِ مِنْ دَعَوَاتِهِ

حيث استقَلَّ سحَابُ راحَتِهِ النَّدِي

واسمعْ لِمَا يُوحَى مِنَ الذِّكْرِ الَّذِي

يُشْجِي القلوبَ لَوَ انَّها مِنْ جَلْمَدِ

صَدَرَتْ جَواهِرُ لفظِهِ مِنْ باطِنِ

صافِي التُّقَى مِثْلِ الحُسامِ الْمُغْمَدِ

فأراكَهُ سِحر البيانِ مُنَضَّدَاً

بِيَدِ البَلاغَةِ وَهْوَ غيرُ مُنَضَّدِ

مُتَحَلِّياً بِجَوَامِعِ الكَلِمِ التي

يُعْنَى بها حَدِبٌ عناءَ تَجَلُّدِ

فالقَصُّ منه إذا أتَاكَ تَعَدَّدَتْ

منه المعاني وَهْوَ غيرُ مُعَدَّدِ

قُلْ لِلإِمَامِ المُقْتَدَى بِعُلُومِهِ

قد فَازَ مَنْ أَضْحَى بِرَأْيِكَ يَقْتَدِي

يَا مَنْ يُرَاعِي للفضيلةِ حَقَّهَا

لِتَلَذُّذٍ بِالفَضْلِ لا لِتَزَيُّدِ

لمْ تُصْغِ لِلْعُلَمَاءِ إِلَّا مِثْلَمَا

أَصْغَى سُلَيْمَانٌ لِقَوْلِ الهُدْهُدِ

عَجِبَتْ لِزُهْدِكَ في الوزارةِ مَعْشَرٌ

فأَجَبْتُهُمْ عَجَباً إذَا لم يَزْهَدِ

ما ضَرَّ حبرَاً قَلَّدَتْهُ أَئِمَّةٌ

أَن لم يكنْ لِمَنَاصِبٍ بمُبَلَّدِ

وإذا سما باسْمِ العلومِ فلا تَسَلْ

عَن حَطِّ نَفْس بالحَضِيضِ الأَوْهَدِ

ما المَجْدُ إِلَّا حِكْمَةٌ أُولِيتَهَا

يَنْحَطُّ عنها قدر كلِّ ممجَّدِ

يا رُتْبَةً لا تُرْتَقَى بِسَلالِمٍ

وسيادَةً ما تُشْتَرَى بالعَسْجَدِ

خيرُ المناصِبِ ما العُيُونُ كَلِيلَةٌ

عنه وما الأَيدِي له لمْ تُمْدَدِ

مَوْلايَ دونَكَ مِنْ ثنائِي حُلَّةٌ

تُبْلِي مِنَ الأَيّامِ كلَّ مُجَدَّدِ

جَاءَتْ مُسَارِعَةً إليكَ بِسَاعَةٍ

سَعِدَتْ مُطالِعَةً وإنْ لمْ تُرْصَدِ

يَوْمُ اتِّصَالٍ بالأَحِبَّةِ حَبَّذا

يَوْمٌ به انْقَطَعَتْ قلوبُ الحُسَّدِ

ما سُيِّرَتْ ما بَيْنَ يوسُفَ مِثْلَمَا

قد سُرَّ فيه أَحْمَدٌ بِمُحَمَّدِ

يا حَبَّذا مَدْحٌ لآِلِ مُحَمَّدٍ

دونَ التَّغَزُّلِ في غَزَالٍ أَغْيَدِ

إنَّ الجَلالَةَ مُنْذُ رُمْتُ مَدِيحَكم

لم تَرْضَ لي ذكرَ الحِسَانِ الخُرَّدِ

فاللَّهُ يَجْمَعُ شَمْلَكُمْ ساداتِنا

جَمْعَ السلامَةِ في نعيمٍ سَرْمَدِ


نوع المنشور:

شارك على :

المنشور السابق

ما للنصارى إلي ذنب

المنشور التالي

كتب المشيب بأبيض في أسود

اقرأ أيضاً