يا عين لا للغضا ولا الكثب

التفعيلة : البحر المنسرح

يا عَينُ لا للغَضَا ولا الكُثُبِ

بُكَا الرَّزَايا سِوى بُكا الطّرَبِ

جُودِي وجِدِّي بملءِ جَفْنِكِ ثُ

مَّ احْتفِلي بالدُّموعِ وانْكسبي

يا عينُ في كَرْبُلاَ مَقَابِرُ قَدْ

تَرَكْنَ قَلبي مَقَابرَ الكُرَبِ

مَقابرٌ تحتَها مَنابِرُ مِنْ

عِلْمٍ وحِلْمٍ ومَنْظَرٍ عَجَبِ

مِنَ البَهَاليلِ آلِ فاطمةٍ

أَهْلِ المعالي والسّادةِ النُّجُبِ

كَمْ شَرِقَتْ مِنْهُمُ السُّيُوفُ وكَمْ

رُوِّيَتِ الأَرْضُ مِنْ دَمٍ سَرِبِ

نَفْسي فِداءٌ لَكُمْ ومَنْ لَكُمُ

نَفْسي وأُمِّي وأُسْرَتي وأَبي

لا تَبْعَدُوا يا بَني النّبِيِّ على

أَنْ قَد بَعُدْتُمْ والدُّهْرُ ذُو نُوَبِ

يا نَفْسُ لا تَسْأَمِيْ ولا تَضيقِي

وَارْسِي على الخَطْبِ رَسْوَةَ الهُضُبِ

صُوني شُعَاعَ الضَّمير واسْتَشْعِرِي

الصَّبْرَ وحُسْنَ العَزَاءِ واحْتَسِبي

فالخَلْقُ في الأرضِ يَعْجَلُونَ ومَوْ

لاكِ على تَوْأَدٍ ومُرْتَقَبِ

لابُدَّ أَنْ يُحْشَرَ القتيلُ وأَنْ

يُسْأَلَ ذُو قَتْلِهِ عَنِ السّبَبِ

فالوَيْلُ والنّارُ والثُّبُورُ لِمَنْ

قَدْ أَسْلَموهُ لِلْجَمْرِ واللّهَبِ

يا صَفْوَةَ اللّهِ في خَلائقه

وأَكْرَمَ الأَعْجَمِينَ والعَربِ

أَنْتُمْ بُدُورُ الهُدَى وأَنْجُمُهُ

وَدَوّحَةُ المَكْرُماتِ والحَسَبِ

وسَاسَةُ الحَوْضِ يَوْمَ لا نَهَلٌ

لِمُورِدِيكُمْ مَوارِدَ العَطَبِ

فَكّرْتُ فيكُمْ وفي المُصَابِ فَما انْ

فَكَ فُؤادي يَعُومُ في عَجَبِ

ما زِلْتُمُ في الحياةِ بَيْنهُمُ

بَيْنَ قَتيلٍ وبَيْنَ مُسْتَلَبِ

قَدْ كانَ في هَجْرِكُمْ رِضى بِكُمُ

وكَمْ رِضىً مُشْرَجٌ على غَضَبِ

حَتَّى إذا أَوْدَعَ النّبِيُّ شَجاً

قَيْدَ لَهَاةِ القَصَاقِصِ الحَرِبِ

مَع بَعِيدَيْنِ أَحْرَزَا نَسَباً

مَعْ بُعْدِ دارٍ عَنْ ذلكَ النَّسَبِ

ما كانَ تَيْمٌ لهاشِمٍ بأَخٍ

ولا عَدِيٌّ لأحْمَدٍ بَأَبِ

لكنْ حَديثا عَداوَةٍ وقِلىً

تَهَوَّرَا في غيابةِ الشُّقُبِ

قاما بِدَعْوى في الظُّلْمِ غالبةٍ

وحُجّةٍ جَزْلَةٍ مِنَ الكَذِبِ

مِنْ ثَمَّ أَوْصى بهِ نَبِيُّكُمُ

نَصَّاً فأَبْدَى عَداوةَ الكَلِبِ

ومِنْ هناكَ انْبَرَى الزَّمانُ لهمْ

بعدَ الْتِياطٍ بغارِبٍ جَشِبِ

لا تَسْلُقوني بِحَدِّ أَلْسُنِكُمْ

ما أَرَبُ الظّالمينَ مِنْ أَرَبِي

إِنّا إلى اللّهِ راجِعونَ على

سَهْوِ اللّيالي وغَفْلَةِ النُّوبِ

غَدَا عَلِيٌّ ورُبَّ مُنْقَلَبٍ

أَشْأَمَ قَدْ عادَ غيرَ مُنْقَلَبِ

فاغْتَرَّهُ السّيْفُ وهو خادِمُهُ

مَتَى يُهِبْ في الوَغَى بهِ يُجِبِ

أَوْدَى ولَوْ مَدَّ عَيْنَهُ أَسَدَ الغا

بِ لناجى السِّرْحَانَ في الهَرَبِ

يا طُولَ حُزْني ولَوْعَتي وتَبا

رِيحي ويا حَسْرَتي ويا كُرَبي

لِهَوْلِ يَوْمٍ تَقَلّصَ العِلْمُ والدِّ

ينُ بِثَغْريهما عَنِ الشّنَبِ

ذَلِكَ يَوْمٌ لَمْ تَرْمِ جَائحَةٌ

بِمِثْلِهِ الْمُصْطَفَى ولَمْ تُصِبِ

يَوْمٌ أصابَ الضُّحَى بِظُلْمَتِهِ

وقَنّعَ الشّمْسَ مِنْ دُجَى الغُهَبِ

وغَادَرَ المُعْوِلاتِ مِنْ هاشمِ الخَ

يْرِ حَيارَى مَهْتُوكَةَ الحُجُبِ

تَمْرِي عُيُوناً على أَبِي حَسَنٍ

مَحْفُوفَةً بالكُلُومِ والنُّدَبِ

تَغْمُرُ رَبْعَ الهُمُومِ أَعْيُنُها

بالدَّمْعِ حُزْناً لِرَبْعِها الخَرِبِ

تَئِنُّ والنّفْسُ تَسْتَديرُ بهَا

رَحى مِنَ الموتِ مُرَّةُ القطبِ

لَهْفي لذاكَ الرُّواءِ أَمْ ذَلِكَ الرَّ

أْيِ وتِلْكَ الأَنْباءِ والخطبِ

يا سَيِّدَ الأَوْصِياءِ والعاليَ ال

حجّةِ والمُرْتَضَى وذَا الرُّتَب

إِنْ يَسْرِ جَيْشُ الهُمُومِ مِنْكَ إلى

شَمْسِ مِنىً والمَقَامِ والحُجُبِ

فَرُبّما تَقْعَصُ الكُمَاةَ بأَقْ

دامِكَ قَعْصاً يُجْثي على الرُّكَبِ

وَرُبَّ مُقْوَرَّةٍ مُلَمْلَمَةٍ

في عارِضٍ للحِمَامِ مُنْسَكِبِ

فَلَلْتَ أَرْجاءَها وجَحْفَلَها

بِذِي صِقَالٍ كَوامِضِ الشُّهُبِ

أَوْ أَسْمَرِ الصَّدْرِ أَصْفَرٍ أَزْرَقِ الرَّ

أْسِ وإِنْ كانَ أَحْمَرَ الحَلَبِ

أَوْدَى عَلِيٌّ صَلّى على رُوحِهِ

اللّهُ صَلاةً طويلةَ الدَّأَبِ

وكُلُّ نَفْسٍ لحَيْنِها سَبَبٌ

يَسْرِي إِليها كَهَيْئَةِ اللّعِبِ

والنّاسُ بالغَيْبِ يَرْجُمُونَ وما

خِلْتُهُمُ يَرْجُمُونَ عَنْ كَثَبِ

وفي غَدٍ فاعْلَمَنْ لِقَاؤُهُمُ

فإنّهم يَرْقُبُونَ فارْتَقِبِ


نوع المنشور:

شارك على :

المنشور السابق

بأبي وإن قلت له بأبي

المنشور التالي

إني ببابك لا ودي يقربني

اقرأ أيضاً