أنكرت سقم مذاب الجسد

التفعيلة : بحر الرمل

أنْكَرَتْ سُقْمَ مُذابِ الجَسَدِ

وهوَ مِن جِنسِ عُيونِ الخُرُدِ

وَبَكَتْ فَالدَّمْعُ في وَجنَتِها

كَجُمانِ الطلِّ في الوردِ النَدي

ما الَّذي يُبْكي بِحُزنٍ ظَبيةً

فَتَكَتْ مُقلَتُها بِالأُسدِ

والظباءُ الحُورُ إِمّا قَتَلَتْ

لَحَظاتُ العَينِ مِنها لا تَدِي

غادَةٌ إِن نيطَ مِنها مَوعِدٌ

بِغَدٍ فَرَّ إِلى بَعدِ غَدِ

هَكَذا عِنديَ يَجري مَطْلُهَا

بِخِلافٍ عندها مُطَّردِ

وهيَ مِن عُجْبٍ وَمِن تيهٍ لَها

كبدٌ تُرحمُ منها كبدي

ذَاتُ عَينٍ بِالهَوى نَابِعَةٌ

ضَلّ في الحُبِّ بِها مَن يَهتَدي

وهيَ نَجلاءُ حَكاها سِعَةً

جُرحُها في كُلِّ قَلبٍ مكمَدِ

لا يَذوقُ المِيلُ فيها إِثمداً

ما لأَحدَاقِ المَها والإِثمِدِ

قَذَفَتْ حَبّةَ قَلبي في الهَوى

هَل رَأَيتَ الجَمرَ في المُفتَأَدِ

سِحرُها وحيٌ بِنَجوى ناظِرٍ

ذُو نُفاثٍ للنُّهى في عقَدِ

ما لآسٍ في مُحِبٍّ عَمَلٌ

غيرُ داءِ الروح داءُ الجَسَدِ

خَفيَ البُرءُ على أَلطافِهِ

وهوُ في بَعضِ ثَنايا العُوّدِ

إِنَّ في ظَلْمِ ظَلُومٍ لَجَنى

شُهُدٍ واهاً لذاكَ الشُّهدِ

ذاب لي بالراحِ منها بَرَدٌ

هل يكونُ الراحُ ذَوْبَ البَرَدِ

هاتِها صَفراءَ ما اختَرتُ لَها

أُفُقَ الشمسِ على أُفْقِ يَدي

خارجٌ في راحتي مُقْتَنِصٌ

كُلّ هَمٍّ كامِنٍ في خَلَدي

جَرّدَ المَزجُ عَلَيها صارِماً

فَاتَّقَتْهُ بِدُموعِ الزّبَدِ

عُتّقَتْ ما عتقت في خَزَفٍ

بِرِداءِ القارِ فيهِ تَرتَدي

حَيثُ أَبلى جِسمَها لا روحَها

مُرُّ أَيّامِ الزّمانِ الجُدُدِ

ما أَطاقَ الدَّهرُ أَنْ يَسلِبَها

أرَجَ المِسكِ ولَونَ العَسجَدِ

فاقْضِ أوطارَ اللذاذاتِ على

نَقْرِ أوتارِ الغَزالِ الغرِدِ

فَلُحونُ العودِ والكاسُ لَنا

والندى وَالبَأسُ لِلمُعتَمَدِ

مَلِكٌ إِن بَدَأَ الحمدُ بِهِ

خَتَمَ الفخرُ به ما يَبتَدي

مُعرِقٌ في المُلكِ مَوصولاً بِهِ

شَرَفُ المَجدِ ومَحضُ السُؤدُدِ

مَن غَدا في كُلِّ فَضلٍ أَوحَداً

ذَلِكَ الأَوحَدُ كلّ العَدَدِ

مَن حَمى الإِسلامَ مِن طاغِيةٍ

كانَ مِنهُ في المُقيمِ المُقعَدِ

وكَستْ أسيافُهُ عاريةً

ذُلّ أهْلِ السبتِ أهلَ الأَحَدِ

ذو يدٍ حَمراءَ مِن قَتلهِمُ

وهيَ عِندَ اللَّه بَيضاءُ اليَدِ

تَقتَدي الأَملاكُ في العَدلِ بِهِ

وهوَ فيهِ بِأَبيهِ يَقتَدي

كَيفَ لا يُمْلي عَلى الناسِ العُلى

مُسْتَمِدٌّ من عُلا المُعتَضِدِ

عارِضٌ يَنهلُّ بالوَبلِ إِذا

كان للعارضِ كفَّ الجَلمَدِ

وهَصورٌ يَفرِسُ القِرْنُ إِذا

جَرّدَ المُرهفَ فَوقَ الأَجرَدِ

قَوّمَتْ عَزمَتُهُ عن نِيَّةٍ

مِن مَنارِ الدينِ مَيْلَ العَمَدِ

لا تَلُمْهُ في عَطاياهُ الَّتي

إن تَرُمْ مِنهُنَّ نَقصاً تَزدَدِ

فَنداهُ البَحرُ والبَحرُ مَتى

تعصفِ الرّيحُ عليه يُزْبدِ

ومحالٌ نَقْلُكَ الطبعَ الَّذي

كَانَ مِنهُ في كَريمِ المَولِدِ

كم لُهامٍ جَرّ في أوّلِهِ

رُمحَهُ فَهوَ لَهُ كَالمِقوَدِ

وَلُيوثٍ صالَ فيهِم فانثَنَوْا

وضَواريهم له كالنّقَدِ

بِحُسام مُطفئٍ أرواحهُمْ

بِشواظِ البارِقِ المُتَّقِدِ

لِغِرَارَيْهِ على هاماتِهِم

مِن شِرارِ القَدحِ ما في الزنَدِ

كَم تَغَنّى بِالمَنايا في الطلا

ظَبتاهُ عَن أَغاني مَعبَدِ

وَسِنان مشرعٌ في صَعْدَةٍ

كَلِسانٍ في فَمِ الأَيمِ الصَدي

في سَماءِ النقعِ مِنهُ كَوكَبٌ

طالعٌ في يَزَنِيٍّ أَملَدِ

أَبَداً يَدعو إلى مأدبةٍ

حُوّمُ الوَحشِ عَلَيها تَغتَدي

يا بَني البَأسِ مَنِ الذِّمْرُ الَّذي

جاءَ في كاهلِ عَزْم أيّدِ

شَيَّبَ الحَربَ اقتِحاماً بَعدَما

رَبِيَتْ في حِجرِهِ كَالوَلَدِ

يَرعَفُ اللَهذَمُ في راحَتِهِ

كُلَّما شَمَّ قُلوبَ الأُسُدِ

سَمهَريٌّ أَحرَقَتْ شُعْلَتُهُ

كُلَّ رُوحٍ في غَديرِ الزّرَدِ

أَنتَ ذاكَ الأَسَدُ الوَرْدُ فَهَلْ

كانَ في رمحك سَمّ الأسْوَدِ

أعِناقُ البُهَمِ استَحسَنتَهُ

وهو بَرْدٌ أم عِتاقُ الجُرُدِ

دُمتَ في المُلكِ لِمَعنَى مادِحٍ

يَنظِمُ الفَخرَ وَجَدوى مُجتَدِ

وَبَناتٌ مِن فَصيح مُفْلِقٍ

يَشْهَدُ الفضْلُ له في المَشهَدِ

فَهوَ بِالإِحسانِ في أَلفاظِها

مُحسِنٌ صَيْدَ المَعاني الشّرَّدِ

في بُيوتٍ أَذِنَت فيها العُلى

لَكَ بِالتَقريظِ في كُلِّ نَدِ

قَد تَناهى في عَرُوضٍ فهيَ لا

يَعرِضُ الهَدْمُ لَها في المُسْنَدِ

فَإِذا أَثْنَتْ عَلَيكُم فَتَقَت

لكمُ مِسْكَ الثّناءِ الأَبدي

وَإِذا استَحْيَتْ مِنَ المَجدِ أتَى

مُعْرِباً عَنها لِسانُ المُنشِدِ


نوع المنشور:

شارك على :

المنشور السابق

ومنغمس في صبغة الليل يمتطي

المنشور التالي

صدت وبدر التم مكسوف به

اقرأ أيضاً