هواكم وإن لم تسعفونا ولم تجدوا

التفعيلة : البحر الطويل

هَواكُم وَإِن لَم تُسعِفونا وَلَم تُجدوا

عَلى ما عَهِدتُم وَالنَوى لَم تَحِن بَعدُ

وَفَينا وَلَم نَسمَع مَقالَةَ قائِلٍ

إِذا ظَلَمَ المَفقودُ لَم يُؤلِمِ الفَقدُ

وَحَكَّمَكُم فينا الغَرامُ فَجُرتُمُ

وَكَم حَكَمَ المَولى بِما كَرِهَ العَبدُ

غَرامٌ كَما شاءَ التَغَرُّبُ وَالنَوى

وَسُقمٌ كَما تَهوى القَطيعَةُ وَالصَدُّ

بَلَغتُم مِنَ الإِعراضِ وَالهَجرِ وَالقِلى

مَدىً لَم يَزِد فيهِ التَفَرُّقُ وَالبُعدُ

فَإِن نَشَدَ العُذرِيُّ في الحَيِّ عَنسَهُ

نَشَدتُ كَرىً ما لِلجُفونِ بِهِ عَهدُ

وَيا حَبَّذا ريحٌ عَلى ما تَحَمَّلَت

تَروحُ بِرَيّاكُم مِنَ الشامِ أَو تَغدو

تُهَيِّجُ أَشواقاً وَتَنقَعُ غُلَّةً

فَفيها الضَنى وَالبُرءُ وَالصابُ وَالشَهدُ

وَرَبعٌ بِمُقرى لا العَقيقُ وَلا اللِوى

وَوَردٌ بِسَطرى لا العِرارُ وَلا المَردُ

وَحالِيَةٍ بِالحُسنِ خالِبَةٍ بِهِ

تَعَرُّضُها هَزلٌ وَإِعراضُها جِدُّ

هِلالِيَّةٍ في أَصلِها وَمَرامِها

حَمَتها ظُبىً هِندِيَّةٌ وَقَناً مُلدُ

عَشِيَّةَ لَم نُعطَ العَزاءَ بِمَوقِفٍ

لَكُم مَقصَدٌ مِن بَعدِهِ وَلَنا قَصدُ

بَكَينا فَأَضحَكنا الحَسودَ وَزادَنا

بُكاءً هَديرُ البُزلِ وَالرَكبُ قَد جَدّوا

نُريكُم بُكاءَ السُحبِ وَالبَرقُ ضاحِكٌ

وَإِضعافَها التَهطالُ إِن قَهقَهَ الرَعدُ

فَلا تُظهِروا سُخطاً إِذا لَم يَكُن رِضىً

وَلا تُكثِروا ذَمّاً إِذا لَم يَكُن حَمدُ

وَلا تُنكِروا فَالدَهرُ مُدنٍ وَمُبعِدٌ

حَوادِثَ فيها ضاقَ بِالصَارِمِ الغِمدُ

قَطَعتُ مِنَ النِيلِ الزَهيدِ عَلائِقي

فَلي أَبَداً فيهِ وَفي أَهلِهِ زُهدُ

وَيَمَّمتُ فَخرَ الدَولَةِ الواهِبَ الغِنى

وَشيكاً وَفي أَثنائِهِ العِزُّ وَالمَجدُ

فَأَسرَفَ في إِنعامِهِ مُتَبَرِّعاً

كَريمَ النِجارِ ما لَهُ في الوَرى نِدُّ

بِهِ يَحسُنُ الإِسرافُ لا بي وَبِالمُنى

وَيَقبُحُ بي مَع فِعلِهِ لا بِهِ الجَحدُ

وَكَيفَ وَقَد شاعَت وَسارَت غَرائِبٌ

يُكَرَّمُ مَن يَشدوبِهِنَّ وَمَن يَحدو

وَيَبقى عَلى الأَحسابِ مِنها مَياسِمٌ

وَتَنفَعُ إِذ لا يَنفَعُ المالُ وَالوُلدُ

وَتَحمِلُها هوجُ الرِياحِ مُغِذَّةً

إِلى كُلِّ أَرضٍ قَصَّرَت دونَها البُردُ

عَلى أَنَّها دونَ الَّذي يَستَحِقُّهُ

وَإِن طالَتِ الأَقوالُ وَاِستُفرِغَ الجَهدُ

أَحاطَ بِها عِلماً وَأَثنى ثَوابَها

عَليمٌ كَريمٌ عِندَهُ النَقدُ وَالنَقدُ

سَريعٌ إِلى الإِقدامِ وَالجودِ ما لَهُ

إِذا عَرَضا إِلّا اِهتِبالُهُما وَكدُ

فَما يَسبِقُ العَدوى عَلى ذي جِنايَةٍ

وَعيدٌ وَلا الجَدوى وَإِن لَم يُسَل وَعدُ

وَأَروَعَ تُصبيهِ المَكارِمُ وَالعُلى

إِذا غَيرُهُ أَصبَتهُ زَينَبُ أَو هِندُ

هَوىً لَم يَحُل دونَ المُروءَةِ في الصِبى

وَلا حُلَّ في عَصرِ المَشيبِ لَهُ عَقدُ

لَها عاذِلوهُ في اللُهى عَن مَلامِهِ

فَعَذلُهُمُ جَزرٌ وَأَنعُمُهُ مَدُّ

فَهَل قالَتِ الآمالُ زاجِرَةً لَهُم

وَساخِرَةً وَالحَقُّ لَيسَ لَهُ رَدُّ

أَقِلّوا عَلَيهِم لا أَبا لِأَبيكُمُ

مِنَ اللومِ أَو سُدّوا المَكانَ الَّذي سَدّوا

إِذا رامَ ذو حَدٍّ وَجَدٍّ مَرامَهُ

نَبا صارِمٌ في كَفِّهِ وَكَبا زَندُ

نَدىً بَعضُهُ أَغنى العُفاةَ وَبَعضُهُ

إِلى كُلِّ أَرضٍ لَم يَفِد أَهلُها وَفدُ

وَفِكرٌ يُريهِ الأَمرَ أَبلَجَ واضِحاً

وَمِن دونِهِ لَيلٌ مِنَ الغَيبِ مُسوَدُّ

وَعَزمٌ لَهُ حَدٌّ لَدى الرَوعِ ما نَبا

يُجاوِرُهُ الجودُ الَّذي مالَهُ حَدُّ

فَلَو سَبَقا لَم تَفتَخِر بِاِبنِ مامَةٍ

إِيادٌ وَلَم تَذكُر مُهَلَّبَها الأَزدُ

فَلا يُضِعِ الباغي مَداهُ عَناءَهُ

فَأُخراهُ إِكداءٌ وَأَوّلُهُ كَدُّ

أَلَستَ اِبنَ مَن رَدَّ الخُطوبَ كَليلَةً

وَلَولاهُ لَم تُقلِع نَوائِبُها الرُبدُ

حَوادِثُ مادَ الشامُ فيها بِكُلِّ مَن

بِهِ وَدِمَشقٌ دونَ بُلدانِهِ مَهدُ

وَإِن شِدتَ لِلبَيتِ الَّذي أَنتَ فَخرُهُ

مَناقِبَ يَستَعلي بِها الأَبُ وَالجَدُّ

أَمامَكَ جاؤا في الزَمانِ وَإِنَّهُم

وَراءَكَ في الإِفضالِ وَالفَضلِ إِن عُدّوا

تَفَرَّقَ فيهِم سُؤدُدٌ فَجَمَعتَهُ

وَزِدتَ كَما أَربى عَلى الخَبَبِ الشَدُّ

كَذَلِكَ أَنوارُ النُجومِ خَفيَّةٌ

إَذا ما جَلا أَنوارَهُ القَمَرُ الفَردُ

وَإِنَّ أَديمَ الأَرضِ لا شَكَّ واحِدٌ

وَما يَستَوي فيها الشَواهِقُ وَالوَهدُ

عَلى أَنَّهُم طالوا الكِرامَ الأُلى حَوَوا

مَناقِبَ لا يُحصى لَها وَلَهُم عَدُّ

وَقَد فَخَرَت قِدماً تَميمٌ بِدارِمٍ

عَلى أَنَّها قُلٌّ وَإِن كَثُرَت سَعدُ

غُيوثُ نَدىً تُعدي عَلى المَحلِ كُلَّما

عَدا وَلُيوثٌ وَالجِيادُ بِهِم تَعدو

وَكَم أَطرَقوا بَعدَ المَواهِبِ حِشمَةً

وَكَم طَرَقوا بابَ الثَناءِ فَما رُدّوا

فَهُم فَضَلوا مَن عارَضوا بِفَضائِلٍ

عُيونُ الوَرى عَن طُرقِها أَبَداً رُمدُ

إِذا أُفحِموا قالوا وَإِن خَنَعوا نَخَوا

وَإِن بَخِلوا جادوا وَإِن هَزَلوا جَدّوا

وَتَلقاهُمُ خُرساً لَدى الهُجرِ وَالخَنا

وَإِن فاضَلوا أَو ناضَلوا فَهُمُ لُدُّ

وَإِنَّكَ أَغنى الناسِ عَن ذِكرِ سالِفٍ

إِذا فاحَ عَرفُ المِسكَ لَم يُذكَرِ الرَندُ

غَنَيتَ بِنَفسٍ لا تُنافَسُ في عُلىً

أُعينَت بِجِدٍّ لا يُفارِقُهُ جِدُّ

لَئِن ذُدتَ عَنها كُلَّ ذي شَغَفٍ بِها

فَلا غَروَ أَن تَحمي عَرائِنَها الأُسدُ

وَإِن جاوَزَ الجَوزاءَ دَستٌ عَلَوتَهُ

فَقَد طالَها مِن قَبلِ أَن تُفطَمَ المَهدُ

فَلا زالَتِ الأَعيادُ تَأتي وَتَنقَضي

وَجودُكَ مُمتارٌ وَظِلُّكَ مُمتَدُّ

سَقاني غَمامٌ هاطِلٌ ما اِنتَجَعتُهُ

فَأَغنى كَما أَغنى عَنِ الثَمَدِ العِدُّ

وَأَحسَنتَ بي عَن عادَةٍ أَنتَ وَالنَدى

وَقَصَّرتُ لا عَن عادَةٍ أَنا وَالحَمدُ

وَكانَت قَوافي الشِعرِ قِدماً تَدينُ لي

وَما خِلتُها إِذ أَمكَنَ القَولُ تَرتَدُّ

لَقَد خَذَلَتني حينَ حاوَلتُ نَصرَها

وَما زِلتُ غَلّاباً بِها وَهيَ لي جُندُ

وَلا عُذرَ في التَقصيرِ مِن بَعدِ أَنعُمٍ

بِأَيسَرِها يُستَنطَقُ الحَجَرُ الصَلدُ


نوع المنشور:

شارك على :

المنشور السابق

ما الحسان فما لهن عهود

المنشور التالي

علي لها أن أحفظ العهد والودا

اقرأ أيضاً