بِسَعدِكَ دارَت في السَماءِ الكَواكِبُ
وَسارَت لِتَشييدِ العَلاءِ المَواكِبُ
وَلولاكَ لَم يَقحَم جَوادٌ بِمَأزِقٍ
وَلا فَتَكَت في الأُسدِ تِلكَ الثَعالِبُ
بِحَيثُ اِلتَقَت سُمرُ القَنا وَصُدورُهُم
وَبيضُ المَواضي وَالطُلى وَالتَرائِبُ
عِناقٌ يُزيلُ الشَوقَ عَن مُستَقَرِّهِ
يُرى وَاِصِلاً وَهوَ القَطوعُ المُجانِبُ
بِيَومٍ أَحَمِّ الجَوِّ حامٍ وَطيسُهُ
كَأَنَّ حَصاهُ مِن تَلَظّيهِ ذائِبُ
صَبَغتَ بِهِ ما اِبيَضَّ مِن فَلَقِ الضُحى
بِكُلِّ بَياضٍ تَجتَوِيهِ الكَواعِبُ
وَراجَعتَ شَيبَ الهِندُوانيِّ حُلكَةً
وَأَبهَجُهُ ما سُمتَهُ وَهوَ شائِبُ
عَلى أَنَّهُ صِبغٌ يُحَدِّثُ سائِلاً
بِما كانَ مِن تَأثيرِهِ وَهوَ غائِبُ
وَنابَ وَإِن لَم يَرضَ عَزمُكَ قاطِعاً
وَمِن أَينَ كُفؤٌ عَنهُ يوجَدُ نائِبُ
فَرَيتَ بِهِ غَربَ الزَمانِ وَغايَةُ ال
صَوارِمِ أَن تُفرى بِهِنَّ الغَوارِبُ
وَمَلمومَةٍ دَبَّت وَأَلسِنَةُ القَنا
لَها حُمَةٌ وَالمُقرَباتُ العَقارِبُ
يُعاطي بِها النَدمانُ كَأساً مِنَ الرَدى
بِها نالَ رِيَّاً في المَنِيَّةِ شارِبُ
وَعانَقَ فيها مُبغِضٌ لِبَغيضِهِ
كَما اِعتَنَقَت يَومَ اللِقاءِ الحَبائِبُ
سَماعُهُمُ فيها الصَليلُ وَخَمرُهُم
دَمُ القَومِ لا ما اِستَحلَبَ الكَرمَ حالِبُ
سَرَت بِكَ في لَيلٍ مِنَ النَقعِ أَليَلٍ
تُعَمَّى عَلى مَن صارَ فيهِ المَذاهِبُ
فَأَطلَعتَ فيهِ بِالأَسِنَّةِ أَنجُماً
لَها مِن نَواصي الدَارِعينَ ذَوائِبُ
عَزائِمُ خَرّاجٍ إِذا ما تَضايَقَت
مَخارِجُهُ لا لاعِباً وَهوَ لاعِبُ
وَطَعنٌ لِسُمرِ السَمهَريِّ مُحَطِّمٌ
عَلى أَنَّهُ لِلمَجدِ بانٍ وَناصِبُ
وَضَربٌ لِبيضِ المَشرَفِيِّ مُهَدِّمٌ
بِهِ وَلِأَعدادِ المُعادينَ حاصِبُ
وَأَرعَنَ مَوّارِ الحَواشي لِأَرضِهِ
بِعِثيَرِهِ مِن ناظِرِ الجَوِّ حاجِبُ
لَهُ مِن سُطا فَخرِ المُلوكِ مُؤَيِّدٌ
يُطاعِنُ عَن أَقرانِهِ وَيُضارِبُ
فَتىً هَذَّبَت فيهِ التَجارِبُ نَفسَهُ
فَكَيفَ بِها إِذ هَذَّبَتها التَجارِبُ
يَسُدُّ مَسَدَّ الأَلفِ بَأساً وَنَجدَةً
إِذا رَدَّ ضَربَ الأَلفِ في الأَلفِ حاسِبُ
وَدَبَّرَ أَمرَ المُلكِ قَبلَ بُلوغِهِ
وَما نَزَعَت عَنهُ السِخابَ الرَبائِبُ
وَتِلكَ لِأَبناءِ المُسَيَّبِ شيمَةٌ
يَسودُ وَليدٌ مِثلَما سادَ شائِبُ
أُناسٌ أَساءَت حُكمَها في لُهاهُمُ
أَكُفُّهُمُ إِذ أَحسَنوا وَالمَواهِبُ
وَسَدّوا بِتَسديدِ الطِعانِ مِنَ العُلى
ثُغوراً تَوَلَّت كَشفَهُنَّ النَوائِبُ
فَمِن رَأيِهِ الواري عَواليهِ أُشرِعَت
وَمِن عَزمِهِ الماضي تُسَلُّ القَواضِبُ
هُوَ المَلِكُ الفَيّاضُ بَأساً وَنائِلاً
فَحَيثُ تَراهُ ناقِماً فَهوَ واهِبُ
يَصولُ وَلو أَنَّ النُجومَ كَتائِبُ
وَيُعطي وَكَفُّ الجَدبِ لِلسِترِ جاذِبُ
وَكُنتَ إِذا ما الشَرُّ صَرَّحَ بِاِسمِهِ
وَلاذَت بِأَعناقِ الصَياصي الذَوائِبُ
جَعَلتَ غِرارَ المَشرَفيِّ مُصاحِباً
أَلا إِنَّهُ نِعمَ الرَفيقُ المُصاحِبُ
وَفيٌّ إِذا خانَ الشَقيقُ وَدافِعٌ
إِذا حاصَ عَن دَفعِ المُلِمِّ المُحارِبُ
وَلَمّا أَبى قَومٌ سِوى البَغيِ مَركَباً
وَلِلذُلِّ فيهِ وَالمَذَلَّةِ راكِبُ
سَدَدتَ عَلَيهِم كُلَّ بابٍ وَثُغرَةٍ
يَخالونَ مِنهُ النُجحَ وَالنُجحُ عازِبُ
وَأَمهَلتَهُم حَتّى لَظَنّوكَ عاجِزاً
وَما يَستَوي المَغلوبُ وَالمُتَغالِبُ
وَقَد تَنفُذُ الأَقدارُ حَتّى يَرى اِمرُؤٌ
مِنَ الصِدقِ ظَنّاً وَعدَها وَهوَ كاذِبُ
وَعَزمُكَ ماضٍ حينَ تَنبو صَوارِمٌ
وَرَأيُكَ لَمّا أَظلَمَ الجَوُّ ثاقِبُ
وَلَكِنَّهُم مِن عامِرٍ في أَرُوَمَةٍ
لَها مِنكَ عِزٌّ لا يُرامُ وَجانِبُ
فَإِن يَهفُ فَرعٌ مِنهُمُ فَاِغتِفارُ ما
جَناهُ عَلى مَعروفِ فَضلِكَ واجِبُ
بَنو العَمِّ وَالأَرحامُ في الناسِ شُجنَةٌ
رِعايَتُها في الدينِ وَالعَقلِ وَاِجِبُ
فَكُن بِهِمُ لا فيهِمُ الخَطبَ ضارِباً
فَفيهِم قُوىً تَعيا بِهِنَّ الضَرائِبُ
وَلَمّا هَجَرتَ الشامَ حاشاكَ أَن تُرى
لَهُ هاجِراً أَو عَنهُ رَأيُكَ راغِبُ
فَلا حَلَّهُ مِن وَحشَةٍ ما اِستَفَزَّهُ
عَنِ الأَمنِ وَاِرتابَ النَزيلُ المُصاقِبُ
وَما كانَ لَمّا اِعتَلَّ مِن قَبلُ شافِياً
سِواكَ لَهُ يا مَن لَهُ الفَضلُ صاحِبُ
مَدَدتَ عَليهِ ظِلَّ عِزِّكَ فَاِحتَمى
وَلولاكَ يَوماً ما اِحتَمَى فيهِ جانِبُ
وَصَيَّرتَهُ لِلأَمنِ رَبعاً وَقَبلَها
غَدا لِذُيولِ الخَوفِ وَهوَ مَساحِبُ
وَأَنقَذتَ قَوماً فيهِ مِن كُفَّةِ الرَدى
وَقَد نَشِبَت أَظفارُها وَالمَخالِبُ
بِعِزِّكَ لاذوا وَهوَ أَمنَعُ مَوئِلٍ
وَغَيثَكَ أَمّوا وَهوَ لِلبِرِّ ساكِبُ
تَرَكتَ لَهُم رَأياً كَساهُم مَذَلَّةً
وَلُذتَ بِرَأيٍ جانَبَتهُ المَعائِبُ
أَساؤوا وَجاؤُا لائِذينَ بِشيمَةٍ
لِمَذهَبِها في العَفوِ تَعفو المَذاهِبُ
فَمالَ إِلى جَنبِ التَجاوُزِ عَنهُمُ
كَريمٌ قَديرٌ لِلرِضى مِنهُ جانِبُ
يَمُنُّ وَطَولُ الإِقتِدارِ مُساعِدٌ
وَيَحلُمُ في وَقتٍ بِهِ الحِلمُ عازِبُ
تَجاوَزَ صَفحاً عَن عُقوبَةِ جاهِلٍ
يُسيءِ وَيَنسى ما تَجُرُّ العَواقِبُ
وَأَدَّبَهُم بِالعَفوِ وَالعَفوُ سَوطُهُ
لِكُلِّ كَريمٍ فيهِ تُلقى المَآدِبُ