ألا ليت لمح البارق المتألق

التفعيلة : البحر الطويل

أَلا لَيتَ لَمحَ البارِقِ المُتَأَلِّقِ

يَلُفُّ ذُيولَ العارِضِ المُتَدَفِّقِ

وَيَركَبُ مِن ريحِ الصَبا مَتنَ سابِحٍ

كَريمٍ وَمِن لَيلِ السُرى ظَهرَ أَبلَقِ

فَيُهدي إِلى قَبرٍ بِحِمصَ تَحِيَّةً

مَتى تَحتَمِلها راحَةُ الريحِ تَعبَقِ

فَعِندي لِحِمصٍ أَيُّ نَظرَةِ لَوعَةٍ

وَلِلنَجمِ وَهناً أَيُّ نَظرَةِ مُطرِقِ

حَناناً إِلى قَبرٍ هُنالِكَ نازِحٍ

وَشِلوٍ عَثا فيهِ البِلى مُتَمَزِّقِ

وَكَيفَ بِشَكوى ساعَةٍ أَشتَفي بِها

وَدونَ التَلاقي كُلُّ بَيداءَ سَملَقِ

فَهَل عِندَ عَبدِ اللَهِ ماباتَ يَنطَوي

عَلَيهِ الحَشا مِن لَوعَةٍ وَتَحَرُّقِ

وَقَد أَذكَرَتَني العَهدَ بِالأُنسِ أَيكَةٌ

فَأَذكَرتُها نَوحَ الحَمامِ المُطَوَّقِ

وَأَكبَبتُ أَبكي بَينَ وَجدٍ أَظَلَّني

حَديثٍ وَعَهدٍ لِلشَبيبَةِ مَخلَقِ

وَأَنشَقُ أَنفاسَ الرِياحِ تَعَلُّلاً

فَأَعدَمُ فيها طيبَ ذاكَ التَنَشُّقِ

وَلَمّا عَلَت وَجهَ النَهارِ كَآبَةٌ

وَدارَت بِهِ لِلشَمسِ نَظرَةُ مُشفِقِ

عَطَفتُ عَلى الأَجداثِ أَجهَشُ تارَةً

وَأَلثُمُ طَوراً تُربَها مِن تَشَوُّقي

وَقُلتُ لِمُغفٍ لايَهُبُّ مِنَ الكَرى

وَقَد بِتُّ مِن وَجدٍ بِلَيلِ المُؤَرَّقِ

لَقَد صَدَعَت أَيدي الحَوادِثِ شَملَنا

فَهَل مِن تَلاقٍ بَعدَ هَذا التَفَرُّقِ

وَإِن يَكُ لِلخِلَّينِ ثَمَّ اِلتِقاءَةٌ

فَيا لَيتَ شِعري أَينَ أَو كَيفَ نَلتَقي

فَأَعزِز عَلَينا أَن تَباعَدَ بَينَنا

فَلَم يَدرِ ما أَلقى وَلَم أَدرِ ما لَقي

فَها أَنا وَقفٌ بَينَ دَمعٍ وَزَفرَةٍ

أَرى ذاكَ يُهوي حَيثُ هاتيكَ تَرتَقي

فَسَقياً لِقَبرٍ بَينَ أَضلُعِ تُربَةٍ

مَتى أَتَذَكَّرهُ بِها أَتَشَوَّقِ

وَأَلوي ضُلوعي أَندُبُ المَجدَ وَالنَدى

بِأَفصَحِ دَمعٍ تَحتَ أَخرَسِ مَنطِقِ

إِذا قُمتُ أَخطو خُطوَةً بِفَنائِهِ

تَعَثَّرتُ في دَمعٍ بِهِ مُتَرَقرِقِ

وَمَهما لَثَمتُ الأَرضَ شَوقاً لِلَحدِهِ

وَجَدتُ ثَراها طَيِّبَ المُتَنَشَّقِ

وَمِثلِيَ يَبكي لِلمُصابِ بِمِثلِهِ

فَإِن أَخلَقَ الصَبرُ الجَميلُ فَأَخلِقِ

فَقَد كانَ يَومَ الرَوعِ أَبيَضَ صارِماً

بِكَفّي وَيَومَ الفَخرِ تاجاً بِمَفرَقِ

أَغَرُّ طَليقُ الوَجهِ يَهتَزُّ لِلعُلى

وَيَمضي مَضاءَ المَشرَفِيِّ المُذَلَّقِ

وَيَستَصحِبُ الذِكرَ الجَميلَ فَيَرتَدي

بِأَحسَنَ مِن وَشيِ الرَبيعِ وَأَعبَقِ

وَيَرمي بِسَهمٍ لا يَطيشُ مُفَوَّقٍ

يُقَرطِسُ في يُمنى سَعيدٍ مُوَفَّقِ

قَضى بَينَ كَفٍّ لِلسَماحِ مُغيمَةٍ

تَفيضُ وَوَجهٍ لِلطَلاقَةِ مُبرِقِ

وَكَم لِلحَيا مِن أَدمُعٍ فيهِ ثَرَّةٍ

وَلِلرَعدِ مِن جَيبٍ عَلَيهِ مُشَقَّقِ

وَلِلبَرقِ مِن قَلبٍ بِهِ مُتَمَلمِلٍ

وَلِلنَجمِ مِن طَرفٍ عَلَيهِ مُؤَرَّقِ

كَأَن لَم أَشِم مِن بِشرِهِ بَرقَ مُزنَةٍ

تَصوبُ بِوَكّافٍ مِنَ الجودِ مُغدِقِ

وَلا قِلتُ مِنهُ بَينَ ظِلٍّ لِعَطفَةٍ

تَنَدّى وَنورٍ لِلبَشاشَةِ مونِقِ

وَلَم أَلتَفِت مِن وَجهِهِ لَيلَةَ السُرى

إِلى فَيلَقٍ يَلقى الظَلامَ بِفَيلَقِ

فَما اِبنُ شَمالٍ باتَ يَهفو كَأَنَّما

بِهِ خَلفَ أَستارِ الدُجى مَسُّ أَولَقِ

سَرى بَينَ دَفّاعٍ مِن الوَدقِ مُغدِقٍ

يَسُحُّ وَلَمّاعٍ مِنَ البَرقِ مُحرِقِ

بِأَندى ذُيولاً مِن جُفوني مَوهِناً

وَأَهفى جَناحاً مِن ضُلوعي وَأَخفَقِ


نوع المنشور:

شارك على :

المنشور السابق

يا راكضا في شوط كل سيادة

المنشور التالي

أورى بأفقك بارق يتألق

اقرأ أيضاً