سفرت فبرقعها حجاب جمال

التفعيلة : البحر الكامل

سفرَتْ فبَرْقَعَها حِجابُ جَمالِ

وصحَتْ فرنّحَها سُلافُ دَلالِ

وجَلَتْ بظُلمةِ فرعِها شمسَ الضُحى

فمَحا نهارُ الشّيبِ ليلَ قَذالِ

وتبسّمَتْ خلفَ اللّثامِ فخِلتُها

غيماً تخلّلَهُ وميضُ لآلي

ورنَتْ فشدّ على القُلوبِ بأسرِها

أسدُ المنيّةِ من جُفونِ غَزالِ

ما كُنتُ أدري قبلَ سودِ جُفونِها

أنّ الجُفونَ مكامِنُ الآجالِ

بِكرٌ تقوّم تحت حُمرِ ثيابِها

عرَضُ الجمالِ كجوهَرٍ سيّالِ

ريّانةٌ وهَبَ الشّبابُ أديمَها

لُطْفَ النّسيمِ ورقّةَ الجِريالِ

عذُبَتْ مراشِفُها فأصبحَ ثغرُها

كالأُقحوانِ على غَديرِ زُلالِ

وسَرى بوجنَتِها الحياةُ فأشبَهَتْ

ورْداً تفتّحَ في نَسيمِ شَمالِ

وسخا الشقيقُ لها بحبّةِ قلبِه

فاِستعمَلَتْها في مكان الخالِ

حتّام يطمعُ في نَمير وصالِها

قلبي فتورِدُه سَرابَ مِطالِ

عُلّتْ بخمرِ رُضابِها فمِزاجُها

لم يصْحُ يوماً من خُمارِ مَلالِ

هي مُنيَتي وبها حُصولُ منيّتي

وضياءُ عَيني وهْي عينُ ضَلالي

أدنو إليها والمنيّةُ دونَها

فأرى مَماتي والحياةُ حِيالي

تخفى فيُخفيني النُحولُ وينجَلي

فيقومُ في الليلِ التّمامِ ظِلالي

علِقَتْ بها روحي فجرّدَها الضّنى

من جِسمِها وتملّقَتْ بمِثالِ

فلوَ اِنّني من غيرِ نومٍ زُرْتُها

لتوهّمَتْني زُرتُها بخيالِ

لم يُبقِ منّي حُبُّها شيئاً سوى

شوقٍ ينازعُني وجذبةِ حالِ

من لم يصِلْ في الحبّ مرتبةَ الفَنا

فوجودُه عدمٌ وفرضُ مُحالِ

فكري يصوّرُها ولم ترَ غيرَها

عَيني ورسْمُ جَمالِها بخَيالي

فوقي وقدّامي وعكسُهُما أرى

منها المِثالَ ويَمنَتي وشمالي

بانت فلا سجَعَتْ بلابلُ بانةٍ

إلّا أبانتْ بعدَها بَلبالي

أنا في غديرِ الكرختَيْن ومُهجَتي

معها بنجدٍ في ظِلالِ الضّالِ

حيّا الحَيا حيّاً بأكنافِ الحِمى

تحميهِ بيضُ ظُباً وسُمرُ عَوالي

حيّاً حَوى الأضدادَ فيه فنَقْعُهُ

ليلٌ يقابلُهُ نَهارُ نِصالِ

تلْقى بكلٍّ من خُدودِ سَراتِه

شمساً قدِ اِعْتَنَقَتْ ببَدْرِ كَمالِ

جمعَ الضّراغِمَ والمَهى فخيامُه

كُنُسُ الغَزالِ وغابةُ الرّئبالِ

وسَقى زَماناً مرّ في ظَهْرِ النّقا

وليالِياً سلَفَتْ بعينِ أثالِ

لَيْلاتِ لذّاتٍ كأنّ ظلامَها

خالٌ على وجهِ الزّمانِ الخالي

نُظِمَتْ على نسَقِ العُقودِ فأشبَهَتْ

بيضَ اللآلي وهْيَ بيضُ لَيالي

خيرُ الليالي ما تقدّم في الصّبا

كم بين منْ جلّى وبين التّالي

للَّهِ كم لكَ يا زَماني فيَّ منْ

جُرحٍ بجارحةٍ وسَهْمِ وَبالِ

صيّرتَني هدَفاً فلو يسْقي الحيا

جدَثي لأرْبَتْ تُربَتي بنِبالِ

ألِفَتْ خُطوبَك مُهجَتي فتوطّنَتْ

نفسي على الإقدامِ في الأهوالِ

وترفّعَتْ بي همّتي عن مِدحةٍ

لسِوى جَنابِ أبي الحُسينِ العالي

وقطعْتُ من كلِّ الأنامِ علائِقي

ووصَلْتُ فيه وفي بَنيه حِبالي

حُرٌّ تولّد طاهِرٌ من طاهِرٍ

فأتى بكلِّ مطهّرٍ مِفضالِ

هو نيّرٌ كم قد أتى من صُلبِه

قمرٌ وكم من كوكبٍ مِفصالِ

من كلّ وضّاحِ الجبينِ كأنّما

مسحَتْ عليهِ راحةُ الإقبالِ

أو كلِّ مأمونِ النجيبةِ ماجدٍ

نَجِسِ الصّوارمِ طاهرِ الأذيالِ

صورٌ علينا بالنّجومِ تشابهَتْ

لتَناسُبِ الآثارِ والأشكالِ

همْ عشرةٌ مثلُ الأصابعِ للعُلا

خُلِقَتْ لضرْبِ طُلىً وبَذْلِ نَوالِ

تَدري الليالي العَشْرُ أنّ بُدورَها

لوجوهِ تلك العَشرةِ الأقيالِ

فدعِ اليَمينَ بها وأقسِمْ فيهم

فلقد تحوّل فضلُها برجالِ

في العالم العُلوي عُقولٌ رُتّبتْ

وهمُ لها في الأرض كالأمثالِ

ساوَتْهُمُ عدداً وساوَوْها عُلاً

فالفرقُ لا يخلو من الإشكالِ

هي ثمَّ أشكالُ السّعادةِ والشّقا

وهمُ نتائجُ تلكُمُ الأشكالِ

جمْعٌ همُ عند الحقيقةِ واحدٌ

كاللّجِّ فُرِّقَ موجُهُ المتوالي

نفرٌ إذا سُئلوا فأبحارٌ وإنْ

حفّ الكُماةُ فراسياتُ جِبالِ

ركبوا الجيادَ فقلتُ رُبْدٌ فوقَها ال

عِقبانُ أو تحتَ الأسودِ سَعالي

ونَضوا السّيوفَ فقلتُ غُرُّ مَلائِكٍ

هزّتْ يَدَيْها أنيبُ الأغوالِ

عزلوا عنِ السّمعِ المَلامَ وحكّموا

بيضَ العَطايا في رِقابِ المالِ

أُسدٌ لحبّهمِ الصوارمَ والقَنا

قطعوا بأنّ النّقْعَ ليلُ وِصالِ

قبلَ البُلوغِ لقوا العِدا وتقمّصوا

بالزّغفِ وهْيَ طويلةُ الأذيالِ

وتراضَعوا لبنَ الفصاحةِ والنُهى

فتكلّموا بالفصلِ قبل فِصالِ

نُتِجوا نِتاجَ الصّاعقاتِ على العِدا

من صُلبِ ذاكَ العارضِ الجَلْجالِ

فتخلّقوا في خُلقِه فتخلّقوا

بدمِ الأسودِ وأنفُسِ الأبطالِ

وتتبّعوا الآثارَ منهُ فحاولوا

فوقَ النّجومِ مداركَ الآمالِ

ما زالَ يُرسلُهُمْ سَحائِبَ رحمةٍ

طوراً وطوراً بارِقاتِ نَكالِ

فيه على الإجمالِ كلُّ فضيلةٍ

وهمُ مفصّلُ ذلك الإجمالِ

أسرارُ لُطفِ اللَّه قد ظهرَتْ بهم

ومظاهِرُ الأسرارِ في الأفعالِ

من عِترةٍ عندي أعُدُّ ولاءَهم

وثناءَهُم من أعظمِ الأعمالِ

في آية التطهير قد دخلوا ولو

سبقوا لضمَّهُم العَبا في الآلِ

واليتُ والدَهم عليّاً فهو لي

مولىً ولا أحداً سواهُ أوالي

قلبي وكلُّ جوارحي ومفاصلي

تُثْني عليه وما حوى سِربالي

فطِنٌ كأنّي إذ له أُهدي الثّنا

أضعُ اللآلي في يديّ لآلي

سمْحٌ به اِنفرجَتْ عُيونُ قريحَتي

فجرَتْ وحلَّ به الزّمانُ عِقالي

بنداهُ علّمني القريضَ فصُغتُه

فأتيتُ فيه مرصَّعَ الأقوالِ

ولَهجْتُ فيه وكان دهراً عاطِلاً

فأزَنْتُهُ منه بحَلي خِصالِ

ولفظْتُ بعضاً من فرائِدِ لفظِه

فجعلْتُه وسَطاً لعقدِ مَقالي

أتلو مدائحَهُ فيعْبَقُ طيبُها

وكذا القوافي العالياتُ غَوالي

يا زينةَ الدُنيا ولستُ مبالِغاً

وأجلَّ أهليها ولستُ أُغالي

هُنّيتَ بالأفراحِ يا أسدَ الشّرى

بخِتانِ سِبْطٍ أكرمِ الأشبالِ

سِبطٍ تشرّفَ في أبيه وجدّه

ونَجابةِ الأعمامِ والأخوالِ

ما في أبيه السيّدِ اللاوي به

من فتكةٍ وسماحةٍ ومَعالي

منذُ اِستهلّ به تبيّن ذا ولم

تلدِ الأفاعي الرُقْمُ غيرَ صِلالِ

بالمَهْدِ قد أوتي الكَمالَ وإنّما

غلبَتْ عليه عادةُ الأطفالِ

نورٌ أتى من نَيّرَينِ كلاهُما

منكَ اِستفادا أيّ نُورِ جَلالِ

سَعداهُما اِقترَنا معاً فتثلّثا

بجبينِ أيّ فتىً سعيدِ الفالِ

يَجري الصِّبا في عُودِه فتظنُّهُ

نَصْلاً ترقْرَقَ فيهِ ماءُ صِقالِ

ويلوحُ نورُ المَجْدِ وهْوَ بمَهْدِه

فيهِ فتَحْسَبُهُ شُعاعَ ذَبالِ

فعساكَ تختُنُ بعدَه أولادَه

في أحسنِ الأوقاتِ والأعمالِ

وعسى لك الرحمنُ يقبَلُ دعوتي

ويُجيبُ فيكَ وفي بَنيكَ سؤالي


نوع المنشور:

شارك على :

المنشور السابق

أمن البروج تعد أكناف الحمى

المنشور التالي

أموا بنا نحو العقيق وأدلجوا

اقرأ أيضاً