بعينيه شكري لا بكأس عقاره

التفعيلة : البحر الطويل

بعينيهِ شُكْري لا بكأسِ عُقارِهِ

رشاً صادَ آسادَ الشرى بنُفارِهِ

فيا حبّذا خمرُ الفتورِ يُديرُها

على وردِ خديْهِ وآسِ عِذارِه

سَقاني فلما أن تملّكَني الهَوى

ثنى معطَفَيْهِ عن صريعِ خُمارِهِ

فللبدرِ ما يُبديهِ فوق لِثامِه

وللغُصْنِ ما يُخفيهِ تحت إزارِه

تضيءُ بروقُ البيضِ دون اجتلائهِ

وتهوي نجومُ السُمرِ دون اقْتِسارِه

وقد غَنيتْ أعطافُهُ عن رِماحِه

كما غنِيَتْ أشْفارُهُ عن شِفارِه

لئن كان طرْفي مُقْفراً من جَمالِه

فإنّ فؤادي عامرٌ بادِّكارِه

وواللهِ لولا أنه جنّة المُنى

لَما كان محفوفاً لنا بالمكارِهِ

وفي فلكِ الأحداجِ بدرُ محاسنٍ

كسَتْهُ أيادي البين ثوبَ سِرارِه

كأنّ الثريّا والهلالَ تقاسما

جمالَهُما من قُرطِهِ وسِوارِه

وكم جرّدتْ دونَ الظِباءِ من الظُبى

لقتلِ شحٍ لا يُرْتَجى أخذُ ثارِه

وما أطلقت بالسّحْر غزلانُ بابلٍ

لواحظَها إلا انثنى في إسارِه

إذا غرَسَتْ أيدي الصبابةِ في الحشا

أصولَ الهوى فالوجدُ بعضُ ثِمارِه

إذا هبّ نجديُّ النسيمِ أخالَهُ

سموماً بما يُمْليهِ من وهْجِ نارِه

ومن لي بطيفٍ من تهامةَ طارقٍ

على بُعْدِ مَسراهُ ونأيِ مزارِه

غراماً بباناتِ اللِوى وأراكِه

وشوقاً الى قُلاّمِه وعَرارِه

ووجداً كوجدِ الحافظِ الحَبِر العُلا

يضيءُ شموساً في سماءِ افتخارِه

يجودُ فللعافي جزيلُ نوالِه

ويعفو فللجاني جميلُ اغتفارِه

ويُغْني عيونَ المُجْتَدين وعيشُهُمْ

بنضْرتِه مملوءة ونُضارِه

نمَتْه الى المجدِ المؤمّلِ عُصبةٌ

أشادوا بناءَ المجدِ بعد دثارِه

رَقوا رُتَبَ العلياءِ إرثاً وسؤدداً

وكم مستجدِ المجدِ أو مُستَعارِه

إذا ادّخر المالَ الأنامُ أفادَه

جوادٌ يَرى الإسعافَ خيرَ ادّخارِه

ولا فضلَ في نيلِ العُلا دون بذلِه

كذا الماءُ يَرْوي من صدًى في قرارِه

إذا هزّ في الطُرْسِ اليراعَ منمَّقاً

تصرّفتِ الأقدارُ طوعَ اقتدارِه

جَلا سُدُفاتِ الجهلِ شارقُ عِلْمِه

كما صدعَ الإظلامَ ضوءُ نهارِه

إمامٌ غدا المحرابُ والجودُ دأبَهُ

وكم عاكفٍ في خمرِه وخُمارِه

وجوٍّ يُصيبُ العيدَ غيثاً سحابُه

وقدرُ سماءِ المجدِ قُطْبُ مَدارِه

عميمٌ بلِ الإحسانُ يُمْنُ يمينِه

لمَنْ يترجّاهُ ويُسْرُ يسارِه

تضيءُ بروقُ البِشْرِ في صَفَحاتِه

وتعشو عيونُ الطارقينَ لنارِه

فحسبُ الأماني أن يُضيءَ جبينُه

وحسبُ المنايا أن يُناخَ بِدارِه

جدَتْ سُحُبُ الآمالِ ريحَ ارتياحِه

يُحكمُها كيفَ اشتهتْ في بِحارِه

فبتْ جارَه إن شئتَ أن تُدْركَ العُلا

وإن شئتَ أن تلقى المنونَ فجارِه

هنيئاً له الشهرُ الأصمُّ وأنّهُ

لَيسمَعُ ما نظّمْتُه في مَنارِه

فلا زال يُكْسى حُلّةَ الفضلِ عِطْفُهُ

وكلُّ معادٍ لابسٍ ثوبَ عارِهِ


نوع المنشور:

شارك على :

المنشور السابق

لقد طال ما أسهب الناس فيك

المنشور التالي

شجته بظهر الصالحية دور

اقرأ أيضاً