خذوا لقلبي أمانا من تجنيه

التفعيلة : البحر البسيط

خُذوا لقلبي أماناً من تجنّيهِ

فما به من لهيبِ الوجدِ يكفيهِ

أعشى عليه ضِراماً بات يُلهِبهُ

بخاطري وهو عندي ساكنٌ فيه

علِقْتُ منه ببدرٍ في محاسنِه

فمُقلَتي بجفونِ السُحْبِ تبْكيهِ

مَنْ لي وأملكُ بي مني لواحظُه

بأنْ أقولَ بنفسي اليومَ أفديهِ

القربُ والبُعْدُ أوصافٌ تُلازمهُ

فالتّيهُ يُبعدُه والحبُّ يُدْنيهِ

أهوى المُدامَ أدارتْها مراشفُهُ

وأعشقُ الغُصْنَ أهداهُ تثنّيهِ

كم أكتمُ الحبَّ والأشجانُ تُظْهِرُهُ

وأنشُرُ الصّبْر والتّبريحُ يَطويهِ

هو الحفاظُ وإن لم أخشَ عاديةً

أفي أحاشِيهِ أن يُصغي لواشيهِ

يا قاتلَ الله عينيهِ فكمْ فتكَتْ

صبّاً بواديْهِ لم يظفَرْ بواديهِ

حلّ الحِمى فتحلّى باسمِ منزلِه

وعُطِّلتْ من معانيهِ مَغانِيهِ

ربْعٌ أيادي الرياحِ الهوجِ تهدِمُه

والحبُّ بين ضلوعِ الصّبِّ يَبْنيهِ

إن أسقَتْهُ الليالي بعدَ صحّتهِ

فهو الدّواءُ لمن أعيى تَداويهِ

وبيتُ حُبٍّ دعانا للطّوافِ به

فلستَ تسمعُ إلا من يُلبّيهِ

إذ لا جُمارَ سوى دمعي فأقذِفُها

ولا هديَّ سوى قلبي فأُهديهِ

ركبتُ ظهرَ غرامي نحوَهُ فسَرى

والشوقُ هاديهِ والتّبريحُ حاديهِ

حتى علِقْتُ بأستارِ الجمالِ به

وقلتُ رُحماكَ يا مستعذِبَ التّيهِ

هل منكَ في عرَفاتِ الحسنِ عرْفُ جدًى

أو في مِنى الطّرفِ من منٍّ أرجّيهِ

عجبتُ من مستَميحِ الباخلينَ ندىً

وغيثُ أحمدَ قد سحّتْ عزاليهِ

الحافظُ الدّينَ والحامي مسارحَهُ

والحارسُ الفضلَ والكالي نواحيهِ

فالشرْعُ أزهرُ مصقولٌ جوانبُه

والدّينُ أخضرُ مطلولٌ مراعِيهِ

أغرُّ يصدعُ بالعلم اليقينِ حشى

ما أحدثَ الناسُ من جهلٍ وتمويهِ

ما زال يبسطُ والأيامُ قابضةٌ

ويُرتَجى في دُجى خطبٍ فيُرْجيهِ

يُعدي الأعادي على أموالِه كرَماً

وينثَني فيعفّي فقرَ عافيهِ

فما تستّرُ عن مدحٍ مناقبهُ

ولا تجرّدُ عن حمدٍ مساعِيهِ

حسبُ الشريعةِ أنّ الله شيّدَها

بمَنْ أقرّ بما فيه مُنافيه

بحافظٍ ما تجلّى صُبْحَ مكرمةٍ

إلا انْجَلى من ظلامِ الشّكّ داجيهِ

يروي فيُروى غليلُ الدين من حصَرٍ

أدناهُ نقلاً وقد شطّتْ مراميهِ

كم مُقفَلٍ ضلّ فيه العقلُ فانفرجَتْ

أرجاؤه لحجاهُ عن معانيهِ

وموبَقٍ قد سقاهُ غيثَ فِطنتِه

مُزناً أيادي رياحِ الفكرِ تمريهِ

ومجدِبِ العيش وافى منه ذا كرَمٍ

يُميتُ جدْواهُ والأشعارُ تُحيْييهِ

وناظمٍ دُرَّ شعرٍ منه أحرزه

يُعينه بمَعانيهِ ويُغنيهِ

كالبحرِ والكافُ إن أنصفتَ زائدةٌ

فيه فلا تحسَبْنَها كافَ تَشبيهِ

يا حافظاً نال أقصى الفضلِ ممتَطِياً

مطّاً من العزمِ يُنضيهِ ويُمْضيهِ

إذا تصرّمَ عامٌ أنت عامرُه

فكلُّ أيامِه عيدٌ لنا فيهِ


نوع المنشور:

شارك على :

المنشور السابق

علمنا وقد مات الكمال التساويا

المنشور التالي

وعلقته متعلقا

اقرأ أيضاً

وزعمت أنك في الكتابة مدرك

وَزَعَمْتَ أَنَّكَ فِي الكِتَابَةِ مُدْرِكٌ سَعْيِي وَقُلْتَ سِلاَحُنَا الأَقْلاَمُ هَيْهَاتَ تِلْكَ صِنَاعَةٌ مَمْزُوجَةٌ فِيْهَا صَبَاحٌ وَاضِحٌ وَظَلاَمُ هَذَا…