أبا بكر لك المثل المعلى

التفعيلة : البحر الوافر

أبا بكر لك المثْلُ المعلَّى

وخدُّ عدوّكَ التَّرِبُ الذليلُ

رأيتُ المطْلَ مَيداناً طويلاً

يَروضُ طِباعَهُ فيه البخيلُ

يُراودُ عن جَداهُ نَفسَ سوءٍ

ترى أن الجَدا رُزءٌ جليلُ

فما هذا المِطالُ فداكَ أهلي

وباعُكَ بالندى باعٌ طويلُ

أظنُّك حين تقدُر لي نَوالاً

يقلُّ لديك لي منه الجزيل

ويُعوزِكْ الذي ترضى لِمثلي

وإن لم يُعْوزِ الرأيُ الجميل

وعينُ الماجِد المفضالِ عينٌ

كثيرُ نوالهِ فيها قليل

وفيما بين مَطلِك واختلالي

يموت بدائه الرجلُ الهزيل

فلا تَقْدرْ بقدركَ لي نوالاً

ولا قَدرِي فتحقِرُ ما تُنيل

وأطلِقْ ما تَهُمُّ به عساهُ

كفافي أيها الرجلُ النبيلُ

وإلا فالسلامُ عليكَ منّي

نبتْ دارٌ فأسرعَ بي رحيلُ

وإني قائلٌ لك قولَ لاهٍ

نبيلٍ شأنُه شأنٌ نبيلُ

إذا ضاقتْ على أملٍ بلادٌ

فما سُدَّتْ على عزمٍ سبيلُ

وإن يكُ جانبٌ لا ظِلَّ فيه

فلي في جانبٍ ظلٌّ ظليلُ

وبئس الظلُّ ظلٌّ ليس فيه

لذي سببٍ يمرُّ به مَقيلُ

وكلُّ مُطالبٍ يزدادُ بُعداً

فمنه تَعوُّضٌ وبه بديلُ

وهذا الموتُ للأحياء طُرّاً

قرارٌ والحياةُ لهم مثيلُ

سيرعى ظِمْأَه قرنٌ فقرنٌ

وُيوردُ حوضه جيلٌ فجيلُ

وصرفُ الدهرِ يسلك في مدارٍ

يُجيلُ خطوبه فيها مُجيل

فآونةً يُدالُ على أناسٍ

وآونةً يديلهُمُ مُديل

وليس على يدٍ بقرار أمنٍ

ولا ليدٍ بثروتها كفيل

فما لي إثرَ منصرفٍ حنينٌ

ولا بي نحو منحرفٍ مَميل

وقد يتيسر الميئوسُ منه

كما يتعذرُ الأمرُ المُحيل

ومن يكُ من ثنائي مستقيلاً

فإني من جَداه مستقيل

وأعجب ما أراني الدهرُ أني

وفي عهدي وعهدك مستحيل

ولو صمّمتَ لم يُعجزك نفعي

وأنَّى يعجزُ المرءُ الحَويل

سألتمس المنافعَ من مَليكٍ

إذا طالبتُه فهو الكفيل

وتعلمْ أيّنا المغبونُ منا

عِياناً أو يقوم لك الدليل

أحَدُّكَ عند لائمتي حديدٌ

وحدُّكَ عند منفعتي كليل

ستحكم بيننا القُلسُ النَّواجي

ويُبعد بين دارينا الذميل

لجأتُ إليكم فخذلتموني

وضِفْتكُم فما قُرِيَ النزيل

ورمتُك فاستطلْتُ بلا نوالٍ

فما لنزاهتي لا تستطيل

سلوتُ مراضعي وصِبا شبابي

فكيف يعزُّ أن يُسْلَى خليل

سيجزي اللَّهُ ما أوليتموني

لكم صاعٌ بصاعِكُمُ مَكيل

وأحسبُ أن عِرضَك عن قليلٍ

أبا بكر هو العِرضُ الفتيل

ولي عِرضٌ تكانفهُ لسانٌ

كأنّ كليهما سيفٌ صقيل

فهذا غيره الدنسُ المُخزّي

وهذا غيره الطبِعُ الكليل

صحبتَ ذوي المكارمِ آل وهبٍ

بلؤمِك إذ أمالهمُ الدليل

فأيقنَ كلُّنا أنْ سوفَ تحمي

جُرامتَها بشوكتها النخيل


نوع المنشور:

شارك على :

المنشور السابق

لا تصدفا عن دمن المنازل

المنشور التالي

غدونا إلى ميمون نطلب حاجة

اقرأ أيضاً

عاديت مرآتي فآذنتها

عادَيتُ مِرآتي فَآذَنتُها بِالهَجرِ ماكانَت وَما كُنتُ كانَت تُريني العُمرَ مُستَقبَلاً وَهي تُريني الفَوتَ مُذ شِبتُ واعُمُرا نَوحاً…