سُقِيتُنَّ يا مَنْزِلاتِ الهوى
بوادي الشريجةِ صوب الحيا
ولا زال مسرحُ غِزْلانكُنَّ
مَريعَ المَحلَّةِ والمُنْتأَى
وجاوَرتِ الروض حيثُ الحسانُ
تغضُّ النهى من عيون المها
مواقف حورِ بناتِ الخُدورِ
يُبكِّينَ أعينَ من قد هوى
بُكاءَ الحمائم في أيكةٍ
تَجاوبْنَ وقت ابتسامِ الضُّحى
إذا ما غدونَ لِطافَ الخصورِ
خفافَ الصدورِ ثِقالَ الخُطا
رِقاقَ الثنايا عِذَابَ الغُروب
صِغارَ القلوب ضِعافَ القُوى
زوائرَ في كلِّ ما جُمعةٍ
قُبوراً أقمنَ بدار البِلى
ورُحن يُجاذبنَ أردافهنَّ
لَواعبَ في نسوةٍ كالدُمى
كأنّ تَثنِّيَ أعطافهِنَّ
تثنّي الغصونِ بريح الصَّبا
فكم ليَ في ظلِّ أفنانكنَّ
على النأيِ من معهدٍ للصِّبا
وبعدَ التَّهاجُر من وُصْلَةٍ
وبَعدَ التفرُّقِ من مُلتقى
ومن يومِ همٍّ نعمنا به
بأَحبابنا صَالحٍ مُرتضَى
فبُدِّلتُ منكن في وَاسطٍ
مساكنَ أنباطِ أهل القُرَى
ومن سُرَّ مَن را وروضاتها
حُشوشاً تقابلُ وسط الملا
ومن حُسن أوجهِ سكانها
قُروداً تَزَحَّرُ تحت الغَضى
رجالاً بكَسكَر ما إن ترى
لهم شَبهاً من جميع الورى
نحافَ الجسُومِ خفافَ الحُلو
مِ صغارَ الرؤوسِ عظامَ اللِّحى
فلا قُدِّستْ واسطٌ بلدةً
ولا جادها من سحابٍ رَوا