على ثراك غوادي الصبح تنهمر

التفعيلة : البحر البسيط

عَلى ثَراك غَوادي الصُبحِ تَنهَمرُ

يا راحِلاً تَحتَ ظلِّ اللَّهِ يَستَتِرُ

جَرحتَ بَعدَك أَكباداً بِسَهمِ أَسىً

في كُلِّ جَفن لِماضي نَصلهِ أَثَرُ

مَناحَةٌ تَحتَ جنحِ اللَّيلِ قائمة

بِها الأَصيلُ خَضيب الذَّيلِ وَالسَّحرُ

وَمَأَتمٌ بِطباقِ السُّحبِ مُتَّصِلٌ

حَقّ عَلى عَبَراتِ السُّحبِ تَنفَجرُ

اِستَودِعُ اللَّهُ غُصناً مالَ مُنكَسِراً

فَمالَ كُل فُؤادٍ وَهوَ مُنكَسرُ

هَبَّت عَلَيهِ مِنَ الأَقدارِ عاصِفة

راحَت بِها جَمرات الحُزنِ تَستَعرُ

كَأَنَّ ما جَفَّ مِن أَمواهِ نُضرَتِهِ

أَمسى عَلَيهِ مِنَ الأَجفانِ يَنحَدرُ

قَد ساروا أَسفَاً عَنا بِلا ثَمَرٍ

فَلَيسَ إِلى الأَسى مِن بَعدِهِ ثَمَرُ

طالَ النُّواحُ لَهُ مِن كُلِّ ذي كَبِدٍ

حَرَّى تَذوب اُلتياعاً حينَ يدَّكِرُ

وَكُلّ باكٍ هَشيم الوَجهِ بَعدَ فَتىً

بِالدُّودِ باتَ هَشيماً وَجهَهُ النَضِرُ

يا رَحمةَ اللَهِ حلّي في ثَرى قَمَرٍ

قَد اِرتَدى بِالدُّجى مِن أَجلِهِ القَمرُ

وَيا غَمائمُ زوريهِ محيِّيَةً

وَجهاً لَهُ كانَ يُستَسقَى بِهِ المَطرُ

رَيان ضمَّنَ مِنهُ اللَّحد جَوهرةً

لاقَت بِأَمثالها مَن دَمعِنا الدُّرَرُ

يا قَبرَ جرجسَ مِن تُربٍ وَمِن حَجَرٍ

ما أَنصَفَ البَدرُ ذاكَ التُّربَ وَالحَجَرُ

وَلا قَضيب النَقا تَذوي مَعاطفه

في قَفرة بِمياه الدَمع تَزدَهر

وَيلاهُ مِن سَطَواتِ البينِ فاتِكةً

بِكُلِّ نَفسٍ فَلا تُبقِي وَلا تَذرُ

باتَ الشَّبابُ رَخيصاً في نَواظرِهِ

وَلم يُوقَّرْ لَدَيهِ الشَّيبُ وَالكِبَرُ

يا مَن صَبَرتَ لِطولِ السُّقمِ عَن جَلَدٍ

مِن أَينَ صَبرُ قُلوبٍ فيكَ تَنفَطِرُ

ما كانَ أَعظَم ما قاسَيتَ مِن أَلَمٍ

وَأَنتَ في الشُّكرِ تُمسي حَيث تَبتَكرُ

طابَت بِهِ مِنكَ نَفسٌ بَرَّةٌ عَلِمَت

بِأَن عُقباهُ في دار البَقا الظَفَرُ

كفيتُ فيها بَلا الدُنيا وَشِدَّتها

ممتَّعاً بِنَعيمٍ ما بِهِ كَدَرُ

تَصَبَّروا يا بَني فَياضَ بَعد فَتىً

أَمضى بِهِ وَبِنا أَحكامهُ القَدَرُ

يَعِزُّ وَاللَه عِندي أَن أُعَزيكُم

عَنهُ وَدَمعُ جُفوني فيهِ مُنتَثِرُ

أَولى الخُطوب بِأَن تُدمى القُلوب بِهِ

لَو كانَ يَقضي بِأَن تدمى لَنا وَطَرُ

وَإِنَّما نَحنُ في أَرضٍ إِذا اِعتبرَت

لَيسَت سِوى مَأتمٍ ناحَت بِهِ البَشَرُ

في كُلِ يَومٍ أُناسٌ فَوقَها فُجِعوا

عَلى أُناسٍ طوَتهم تَحتَها الحُفَرُ

بئسَ الحَياةُ التي ما زالَ وارِدُها

يُمازجُ الوَردَ في كاساتِهِ الصَدَرُ

حالان إِحداهُما مَملوءةٌ خَطَراً

مِمَّا يَليها وَأُخرى فاتَها الحَذَرُ


نوع المنشور:

شارك على :

المنشور السابق

ل الأمر من الذي ملك الأمرا

المنشور التالي

لقد شغلتني دون شكركم البشرى

اقرأ أيضاً

ضائع

صدفة شاهدتني في رحلتي مني اليّ مسرعا قبلت عيني وصافحت يديّ قلت لي : عفوا فلا وقت لدي…

أبا علي لصرف الدهر والغير

أَبا عَلِيٍّ لِصَرفِ الدَهرِ وَالغِيَر وَلِلحَوادِثِ وَالأَيّامِ وَالعِبَرِ أَذكَرتَني أَمرَ داوُدٍ وَكُنتُ فَتىً مُصَرَّفَ القَلبِ في الأَهواءِ وَالفِكَرِ…