يا ريم كم أدنو وأنت تريم

التفعيلة : البحر الكامل

يَا رِيْمُ كَمْ أَدْنُو وَأَنْتَ تَرِيْمُ

وَتَنَامُ عَنْ لَيْلِي وَلَسْتَ تُنِيْمُ

أَخْلَفْتَ مِيْعَادَ النِّدَامِ وَقَلَّمَا

أَلْفَيْتُ عَهْدَاً لِلنِّدَامِ يَدُومُ

فَاسْتَأْنِفِ العَهْدَ المُحِيْلَ فَإِنَّهُ

قَدْ عَادَ بَعْدَ الحَمْدِ وَهْوَ ذَمِيْمُ

قُمْ غَيْرَ مَذْمُومِ القِيَامِ فَإِنَّنَا

سَنُقِيْمُ سُوقَ اللَّهْوِ حِيْنَ تَقُومُ

هَذَا الصَّبَاحُ فَأَضْحِكِ الإِبْرِيْقَ عَنْ

شَمْسٍ تَحُفُّ بِهَا لَدَيَّ نُجُومُ

فَأَدَارَهَا وَالصُّبْحُ فِي حُلَكِ الدُّجَى

كَالجَيْشِ زِنْجِيّاً غَزَتْهُ الرُّومُ

وَالنَّجْمُ فِي أُفُقِ الغُرُوبِ كَأَنَّهُ

كَأْسٌ عَلَيْهَا لُؤْلُؤٌ مَنْظُومُ

وَالنَّسْرُ فِي كَبِدِ السَّمَاءِ كَأَنَّهُ

نَسْرٌ يُحَلِّقُ تَارَةً وَيَحُومُ

وَالأُفْقُ أَبْيَضُ وَالهِلاَلُ كَأَنَّهُ

خَلْخَالُ سَاقِ خَرِيْدَةٍ مَفْصُومُ

وَالجَوُّ مَعْطُورُ الهَوَاءِ كَأَنَّهُ

يَأْتِي بِعَرْفِ المِسْكِ مِنْهُ نَسِيْمُ

مُتَتَايِهُ التَّكْرِيْهِ يُحْسَبُ ظَالِماً

فَإِذَا دَنَا فَكَأَنَّهُ مَظْلومُ

تَمَّتْ مَلاَحَتُهُ وَقَامَ بِقَدَّهِ

فِي التِّيْهِ إِنَّ الحُسْنَ مِنْهُ يَتِيْمُ

فَشَرِبْتُهَا منْ طَرْفِهِ وَإِنَاؤُهَا

فِي كَفِّهِ وَرَحِيْقُهَا مَخْتُومُ

رَاحَاً كَأَنَّ نَسِيْمَهَا مُتَوَلَّدٌ

مِنْ نَشْرِهِ وَمِزَجُهَا تَسْنِيْمُ

شِبْهَانِ تَنْحَسِرُ الهُمُومُ إِذَا هُمَا

حَضَرَا وَيَحْسُنُ فِيْهِمَا التَّآْثِيْمُ

جَاءَتْ بِنَكْهَتِهِ وَجَاءَ بِلَوْنِهَا

فِي خَدِّهِ فَصَبَا إِلَيْهِ حَلِيْمُ

وَسَقَى بِهَا سَقْيَاً وَأَثْمَلَ مُثْمَلاً

وَتَظَلَّمَتْ مِنْهُ إِلَيَّ ظَلُومُ

وَشَدَا لَنَا فَنَعَى الأَسَى بِمُخَفَّفٍ

إِيْقَاعُهُ المَحْضُورُ وَالمَزْمُومُ

تَتَجَاوَبُ الأَوْتَارُ فِي نَغَمَاتِهِ

خَنَثٌ وَفِي أَلْفَاظِهِ تَرْخِيْمُ

مُتَوسِّدٌ يُسْرَى يَدَيْهِ مُمَهِّدٌ

كَالطِّفْلِ إِلاَّ أَنَّهُ مَفْطُومُ

مُسْتَعِجْمٌ لاَ يَسْتَبِيْنُ كَلاَمُهُ

حَتِّى يُرَى فِي الصَّدْرِ مِنْهُ كُلُومُ

لاَ يَفْهَمُ النَّجْوَى إِذَا خَاطَبْتَهُ

وَحَدِيْثُهُ مُسْتَحْسَنٌ مَفْهُومُ

فَكَأَنَّ كِسْرَى فِي الزُّجَاجَةِ سَابحٌ

فِي المَاءِ يَغْرَقُ تَارَةً وَيَعُومُ

أُسْقى عَلَى تِمْثَالِهِ بِرَحِيْقِهِ

فَكَأَنَّهُ لِي صَاحِبٌ وَنَدِيْمُ

فِي مَجْلِسٍ حَجَبَ الزَّمَانُ صُرُوفَهُ

عَنَّا فَظِلُّ العَيْشِ فِيْهِ مُقِيْمُ

لَوْ لَمْ يُكَدِّرْ صَفْوَهُ بِمَغِيْبِهِ

عَنِّي أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيْمُ

يَا بَدْرَ هَاشِمٍ الَّذِي مِنْ بِيْنِهِمء

أَضْحَى لَهُ التَّفْضِيْلُ وَالتَّقْدِيْمُ

يَا رَوْضَةَ الأَخْلاَفِ وَالأَدَبِ الَّذِي

فِيْهَا حُلُومٌ جَمَّةٌ وَعُلُومُ

مَهْلاً أَبَا إِسْحَاقَ إِنَّكَ مَاجِدٌ

نَدْبٌ وَمَنْتَخَبُ الفُرُوعِ كَرِيْمُ

وَتَوَاضُعُ الكُبَرَاءِ فِي أَخْلاَقِهِمْ

شَرَفٌ كَمَا أَنَّ التَّكَبُّرَ لُومُ

والبَدْرُ يُخْلَطُ بِالْعَبِيْرِ وَفَضْلُهُ

فِي طِيْبِهِ مُتَعَارَفٌ مَعْلُومُ

لَمَّا سَمَتْ هِمَمِي إِلَيْكَ رَدَدْتُهَا

بِالْهَمِّ وَالهِمَمُ الكِبَارُ هُمُومُ

وَالظَّرْفُ يَأْبَى لِلظَّرِيْفِ قَطِيْعَتِي

وَالمَجْدُ لاَ يَرْضَى بَهَا وَالخِيْمُ

بِأَبِي وَأُمِّي أَنْتَ مِنْ مُتَتَايِهٍ

لَمْ يُثْنِهِ التَّبْجِيْلُ وَالتَّعْظِيْمُ

لَوْ أَعْرَضَتْ مَعْشُوقَةٌ عَنْ عَاشِقٍ

إِعْرَاضَهُ عَنِّي لَكَانَ يَهِيْمُ

كَثَّرْتَ حُسَّادِي فَحِيْنَ هَجَرْتِنِي

غَادَرْتَنِي وَكَأَنَّنِي المَحْمُومُ

وَحَرَمْتَنِي أُنْسَ النِّدَامِ وَإِنَّمَا

يَحْظَى بِهِ المَرْزُوقُ لاَ المَحْرُومُ

فَاسْلَمْ ظَلِلْتَ بِنِعْمَةٍ مَحْرُوسَةٍ

تَبْقَى وَطَرْفُ الدَّهْرِ عَنْكَ نَؤُومُ

وَاعْلَمْ بِأَنَّكَ مَا أَقَمْتَ عَلَى الَّتِي

فِيَّ اسْتَجَرْتَ مِنَ العُقُوقِ مُلِيْمُ

لَكِنَّنِي سَأَزُورُ إِنْ صَارَمْتَنِي

وَعَلَى الصَّفَاءِ وَإِنْ كَدُرْتَ أَدُومُ


نوع المنشور:

شارك على :

المنشور السابق

أقل ذا الود عثرته وقفه

المنشور التالي

مهفهف الأعطاف مرتج الكفل

اقرأ أيضاً

وخمار طرقت بلا دليل

وَخَمّارٍ طَرَقتُ بِلا دَليلٍ سِوى ريحِ العَتيقِ الخَسرَواني فَقامَ إِلَيَّ مَذعوراً يُلَبّي وَجَونُ اللَيلِ مِثلُ الطَيلَسانِ فَلَمّا أَن…