أرأيت كيف ذرى الدموع وناحا

أرأيتَ كيف ذَرى الدموعَ وناحا

لما رأى بَرْقَ الجزيرةِ لاحا

وَتنفّسَ الصُعَداءَ حتى إِنْ سرتْ

نسماتُ أوديةِ العقيقِ ارتاحا

وَإذا عرته من التشوّقِ غَشْيَةٌ

ثم استفيق بذكرِ (مكة) صاحا

بلدٌ دعا فيه (الحسينُ) إلى التي

تركتْ معبّسةَ الوجوه صباحا

أملٌ به قد عاد أخضرَ ناظراً

من بعد ما قالَ العداةُ انصاحا

حيتّكِ يا شبهَ الجزيرة مزنةٌ

تدع المفاوزَ والملاع قراحا

هل تعلمين بما أَصاب بلادَنا

فالبغي مدَّ عَلى الربوع جناحا

كان الذي ناب البلادَ وَأهلها

قدر تطيش له الحلوم متاحا

ضاقتْ عَلى أبنائِها أرجاؤها

وَغدا عليها الأجنبيُّ وَراحا

في الشامِ ما يدع الحليمَ محمّقاً

جمحتْ به خيلُ الأَناةِ جماحا

هاضوا جناحيها وَخلوا قبلها

غرضاً يسيل من السهام جراحا

وَ (ببعلبكَ) حوادثٌ لو أنها

تنمى لعمرو ما أساغَ الراحا

هتك المحارمَ وَهو جدّ محرمٍ

أضحى لأعلاجِ البغاةِ مباحا

المحصناتُ مباحةٌ حرماتُها

تجد السياطَ عَلى الخصورِ وِشاحا

كم مسجدٍ حرقوا وَكم مِنْ راكعٍ

سالتْ دماؤهمُ بها ضحضاحا

أضحى كتابُ اللهِ وَهو ممزقٌ

أرجوا إليه أسنةً وَصفاحا

يا غيرةَ الله اغضبي لكتابهِ

إنْ قومه لم يبذلوا الأرواحا

يا أيها الثوار هذا يومكمْ

فإذا انقضى لا تدركون فلاحا

إنَّ المواثق والعهود تمخضتْ

عن شَوْبِ مكر عاد بعد مراحا

حلفاؤكمْ حسبوا البلادَ غنيمةً

جادوا بها إذْ قسَّموا الأرباحا

الحكمُ لله المهيمن لا لهمْ

ذلّ الذي يلقي الغداةَ سلاحا

لا خيرَ في وَطنٍ وَلا في أَهله

ما دام محتل الذرى مجتاحا

ما زلتُمُ في فسحةٍ من أمرِكم

كي تبعثوها غارةً ملحاحا

هي جولةٌ لا تنجلي إلاّ وقدْ

بلغتْ بها نفسُ الأبيّ نجاحا

بل ليلةٌ ظلماءُ دانٍ صبحُها

حمد السُرى من أدرك الأصباحا

أين الكتائبُ منكمُ رجراجةً

تذر الروابيَ والتلاعَ بطاحا

أين الأسنّةُ والرماح شواجراً

عقدتْ عَلى مهجِ العدو نكاحا

الموتُ أربحُ صفقة من عيشةٍ

مِنْ أسرِها لا ترتجون سراحا

قل للأُلى يتربصون بنا الردى

ما كل من أدلى الدلاءَ امتاحا

تَرِبَتْ يدا من يبتغي إذلالَنا

أودى به عادي الغرورِ وَطاحا


نوع المنشور:

شارك على :

المنشور السابق

ألا كل مجد عرضة للتهدم

المنشور التالي

أنا ما حييت فقد وقفت لأمتي

اقرأ أيضاً