لزوالٍ جميعُ ما أنتَ رائي
فاعتبرْ بالظلالِ والأفياءِ
ما اختلافُ النهارِ والليلِ إلاّ
كاختلافِ السيوفِ في الهيجاءِ
تطلعُ الشمسُ ثم تغربُ في أث
وابِ جانٍ مخضوبة بالدماءِ
وَكأَنَّ السماءَ تخشى اللَّيالي
حين تبدو بنثرةٍ حصداءِ
وَكأَنَّ الحياةَ جرْمٌ وَما لل
حيِّ إلاّ وِرْدُ الردى من جزاءِ
حسراتٌ تحت الترابِ ظماءٌ
فجَّرتْ في الصفا عيونَ الماءِ
كلُّ غصنٍ في الأرضِ ينبت رمزٌ
لِبِلى كلِّ قامةٍ هيفاءِ
والأزاهيرُ بهجةً وَسناءً
من وجوهٍ تحت الترابِ وِضاءِ
وَكأنَّ الزمانَ كيرٌ وَأَنفا
سُ الورى بين أَخذه والعطاءِ
تتكافا الحياةُ أَخذاً وَرَدَّاً
فنفوسُ الورى بهذا الهواءِ
هو لَوْ لَمْ يأْخذْ نفوسَ البرايا
ضنَّ حتى بالنفحةِ السجواءِ
مبتغي أُسوةٍ بكلِّ حزينٍ
مستعينٌ بالداءِ لا بالدواءِ
يأْمرُ اللبُّ بالتصبرِ لكنْ
ليس يقضي بسلوةٍ بلهاءِ
ربما يصبرُ الحزينُ وَلكنْ
صبرُ عينٍ عَلَى القذى رمداءِ
طالَ صمتي حتى لقد ظَنَّه النا
سُ عزاءً وَلاتَ حين عزاءِ
إِنَّ للحزنِ غصَّةً تمنعُ البا
كيَ مِنْ رفعِ صوتِه بالبكاءِ
طولُ عيشِ المفجوعِ مهما تأَسّى
بعد فقدِ الأَحبابِ طولُ عناءِ
أَلَمُ الجرحِ حين يبردُ والمذ
بوحُ آلامُه بطولِ الذَّماءِ
دمُ قلبي وَفيضُ دمعي وَأنفا
سي تجارتْ قصيدةً في الرثاءِ
هي عذراءُ من ملائكةِ الشع
رِ بناتِ الإلهامِ والإيحاءِ
أَرسلتْ دمعَها سخياً وَما يُش
جي وَيُبكي كأَدمعِ العذراءِ