هَلُمَّ فَجَفْنُ الدَّهْرِ قَدْ لاَذَ بِالْغَمْضِ
وَأَمْكَنَ مَيْدَانُ التَّصَابِي مِنَ الرَّكْضِ
إِلَى مَجْلِسِ حَيَّى مَقَاصِيرَهُ الْحَيَا
وَرَاحَ بِهِ الرَّيْحَانُ فِي الطُّولِ وَالْعَرْضِ
وَيَوْمٍ كَأَخْلاَقِ الصَّبِيّ إِذَا بَكَى
حَبتْهُ مِنَ الصَّحْوِ السَّمَاءُ بِمَا يُرْضِي
فَيَضْحَكُ أَحْيَاناً وَيَعْبِسُ تَارَةً
فَمِنْ ضَحِكٍ يَأَتِي وَمِنْ عَبْرَةٍ تَمْضِي
وَرَوْصٍ دَنَتْ لِلْهَاصِرِينَ قِطَافُهَا
فَكَانَ كَلاَمُ الْقَوْمِ بَعْضاً إِلَى بَعْضِ
أَهَذِي الَّتِي كُنَّا لِلْهَاصِرِينَ قِطَافُهَا
فَكَانَ كَلاَمُ الْقَوْمِ بَعْضاً إِلَى بَعْضِ
أَهَذِي الَّتِي كُنَّا وُعِدْنَا بِنَيْلِهَا
وَجَنَّةُ عَدْنٍ فِي السَّمَا أَمْ مِنَ الأَرْضِ
كَأَنَّ الصَّبَا جَاءَتْ تُخَبِّرُ قُضْبهَا
سُحَيْراً بِأَنَّ الْوَقْتَ ضَاقَ عَنِ الْفَرْضِ
فَأسْرَعَتِ الأَغْصَانُ تَبْتَدِرُ الثَّرى
وَتَعمُرُ بَاقِي الْوَقْتِ مِنْهَا بِمَا تَقْضِي
وَسَالَتْ دُمُوعُ الطَّلِّ عِنْدَ سُجُودِهَا
كَمَا بَكَتِ الْعُبَّادُ مِنْ خَشْيَةِ الْعَرْضِ
وَنَامَتْ جُفُونُ النَّرْجِسِ الغَضِّ بَيْنَهَا
كَأَنَّ خَطِيبَ الطَّيْرِ قَالَ لَهَا غُضِّي
فَمنْ أَبْيَضٍ كَالدُّرِّ حُفَّ بِأَصْفَر
هُنَاكَ ومُصْفرٍّ يَحُفُّ بِمُبْيَضِّ
تَرَى النَّحْلَ فِي أَثْنَائِهِنَّ كَأَنَّهَا
صَيَارفُ عَاثَتْ فِي الدَّرَاهِمِ بِالْقَرْضِ
وَمُرْضِعَةٍ طِفْلاً مِنَ الْعُودِ ثَدْيُهَا
وَلاَ دَرَّ إِلاَّ مِنْ أَدَبٍ مَحْضِ
كَأَنَّ أَبَاهُ الدَّوْحَ وَرَّدَ خَدَّهَا
بِمَا جَادَهُ النِّيسَانُ مِنْ وَرْدِهِ الْغَضِّ
وَتَطْلُبُ أَحْيَاناً بِفَرْضِ رِضَاعِهِ
فَيبتَزُّ مِنْ تِلْكَ الدَّرَاهمِ بِالْفَرْضِ
إِذَا لَمَستْهُ بِالْبَنَانِ تَخَالُهَا
طَبِيباً مِنَ الْحُذَّاقِ جَسَّ عَلَى نَبْضِ
وتُدْنِي إِلَيْهِ السَّمْعَ تُصْغِي كَأَنَّهُ
يُحَقِّقُ قَدْرَ الْبَسْطِ فِيهِ مِنَ القَبْضِ
وَرَاحٍ إِذَا نَاجَيْتَ فِي الْكَأَسِ رُوحَهَا
رَأَيْتَ اتِّصَالَ الرُّوح بِالْعَالَمِ الأَرضِي
إِذَا طَلعَتْ مُفْتَرَّةً فِي سُعُودِهَا
تُبشِّرُ أَحْكَامُ السُّرورِ بِمَا تَقْضِي
إِذَا سَمحَ الدَّهْرُ الضَّنِينُ بِسَاعَةٍ
فَعَضَّ عَلَيْهَا جَاهِداً أَيَّمَا عَضٍّ
فَإِنْ لَمْ يُسَاعِدْكَ الزَّمَانُ فَإِنَّمَا
وُجُودُكَ فِي الأَيَّامِ كَالْعَدَمِ المَحْضِ