سَقَى عَلَمَ الْحَنَّانِ فَالْجزْعَ فَالْبَانَا
مَلِثٌّ يُبَرِي الرِّهْم سَحّاً وَتَهْتَانَا
فَإِنْ عَدَّ تَسْكَاباً مَعَالِمَ أُنْسِهَا
وَحَيَّى بِمَسْرَاهَا هِضَابا وَغِيطَانَا
وَمَدَّ بُرُودَ النَّبْتِ فِي قُتَنِ الرُّبَى
وَحَلَّى عَرُوسَ الدَّوْحِ دُرًّا وَعِقْيَانَا
مَعَاهِدُ لَذَّاتٍ رُبُوعُ مَآرِبٍ
هَصَرْنَا بِهَا غُصْنَ الشَّبِيَبةِ فَيْنَانَا
فكَمْ لِيْلَةٍ لِي لِلْمُنَى فِي رِيَاضِهَا
أُجَرِّرُ مِنْ عَصْبِ الْفُكَاهةِ أَرْدَانَا
رَوَيْنَا عَنِ الضَّحَّاكِ مُسْنَدَ زَهْرِهَا
وَقَدْ مَثَّلَتْ فِيهَا الْمَشَايِخُ أَغْصَانَا
وَأَدَّتْ عَنِ الْبَكَّاءِ سُحْبُ غَمَامَةٍ
فَرَوَّى صَدَى النَّبْتِ الْمُشِيمِ وَرَوَّانَا
وَقَدْ رَفَّ جِيدُ الْغُصْنِ فِي حَلْي زَهْرِهِ
وَنَافَحَ رَاحَ الطَّلِّ فَارتَاحَ نَشْوَانَا
وَهَزَّتْ وَُقورَ الرَّوْضِ نَغْمَةُ قَيْنَةٍ
مِنَ الْوُرْقِ إِذْ بَاتَتْ تُرَجِّعُ أَلْحَانَا
فَجَادَ بِهَا مَا ضَنَّ مِنْ دُرِّ زَهْرِهِ
وَأَرْخَصَ مِنْ حَلْيِ الْخَمَائِلِ مَا صَانَا
أَبَا حَسَنٍ مَا شِئْتُ بَعْدَكَ مَنْظَراً
يَرُوقُ وَلاَ خَامَرْتُ نَفْسِيَ سُلْوَانَا
وَلاَ حَلَّ فِي قَلْبِي لِغَيْرِكَ خَطْرَةٌ
وَلاَ اسْتَحْسَنَتْ عَيْنَايَ بَعْدَكَ إِنْسَانَا
أَلاَ مَنْ نَصِيرِي فِي جِلاَدِ تَبَاعُدٍ
ألا من مُجِيِري مِنْ نَوىً مَدَّ أَشْطَانَا
وَقَدْ كُنْتُ أَسْتَقْرِي حَدِيثَكَ قَبْلَهَا
فَهَا أَنَا أَسْتَقْرِي تَحِيَّتَكَ الآنَا