حيى ربوع الحي من نعمان

التفعيلة : البحر الكامل

حَيَّى رُبُوعَ الْحَيِّ مِن نَعْمَانِ

جَوْدُ الْحَيَا وَسَوَاجِمُ الأَجْفَانِ

دَارٌ عَهِدْتُ بِهَا الشَّبِيبَةَ دَوْحَةً

طِيبُ الْحَياةِ بِهَا جَنِيُّ دَانِي

أَيَّامَ جَفْنُ الدَّهْرِ عَنَّا مُطْبِقٌ

فِيهَا وَأَجْفَانُ السَّعُودِ رَوَانِي

بِتْنَا نَجُرُّ بِهَا بُرُودَ عَفَافِنَا

قُشُبَ الْجُيُوبِ صَوَافِي الأَردَانِ

فِي فِتْيَةٍ يَتَحَاوَرُونَ بَدَائِعاً

كَلَقِيطِ دُرٍّ أَوْ سَقِيطِ جُمَانِ

وَإِذَا ثَنَتْهُمْ أَرْيَحِيَّةُ مُطْرِبٍ

قُلْتَ النُّعَامَى فِي غُصُونِ الْبَانِ

غَاظَ الزَّمَانَ بِهَا تَنَعُّمُ عِشَةٍ

فَأَحَالَهَا وَالدَّهْرُ ذُو أَلْوَانِ

وَسَرَوْا وَقَدْ أَقْعَى الظَّلاَمُ وَغَمَّمَتْ

نُمُرَ الثُّرَيَّا غَابَةُ السَّرَطَانِ

فَالسُّهْدُ بَعْدَهُمُ أَلِيفُ مَحَاجِرٍ

وَالْوَجْدُ إِثْرَهُمُ حَلِيفُ جَنَانِ

حَسْبِي مِنَ الأَيَّامِ أَنّي بَعْدَهُمْ

لاَ أَبْتَغِي سَبَباً إِلَى السُّلْوَانِ

وَلَرُبَّ مُعْتَادِ السِّفارِ رَمَتْ بِهِ

أَيْدِي الرِّكَابِ نَوَازِحَ الْبُلْدَانِ

أَلِفَ التَّرَحُّلَ لاَ يُقِيمُ بِبلْدَةٍ

إِلا مُقَامَ الْعَذْلِ فِي الآذَانِ

عَاطَيْتُهُ رَاحاً مِنَ الأَدَبِ الَّذِي

مُزجَتْ سُلاَفَتُهُ بِصِرْفِ بَيَانِ

وَهَزَزْتُ دَوْحَ بَدَائِهِي فَتَساَقَطَتْ

رُطَبُ الْمَعَانِي تَسْتفَزُِّالْجَانِي

فَأَصَاخَ مُسْتمِعاً وَقَالَ تَعَجُّباً

إنَّ الْخُمُولَ نَتِيجَةُ ألاْوْطَانِ

وَلأنْتَ يَا هَذاَ ضَيَاعٌ مُغْفَلٌ

بَيْنَ الْكَسَادِ وَمُرْخَصِ الاْثْمَانِ

هَلاّ حَلَلْتَ ذُرَى قَلُوصِكَ ظَاعِناً

لِتَحُلّ إعْظَاماً ذُرَى كِيوَانِ

تصدا سيوف الهند في أجفانها

وَالْفَخْرُ إنْ بَانَتْ عَنِ الاْجْفَانِ

إنّ الثّوَانيَ جَدُّ مُسْتَوْدَعِ التَّوى

وَكَذاَ الْهُوَيْنَي اُمُّ كُلِّ هَوَانِ

فَأجَبْتُهُ لَيْسَ التَّنَقُّل مَذْهَبِي

كَلاّ ولاَ حَثُّ الرَّكَائِبِ شَانيِ

أيُّ الْبِلادِ أَؤُمُّ أَمْ أَيَّ الْوَرَى

أَبْغِي فَأَصْرِفُ نَحْوَ ذَاكَ عِنَانِي

وَبِبَابِ مَوْلاَنَا الْمُؤَيَّدِ يُوسُفٍ

مَاشِئْتَ مِن حُسْنَى وَمِنْ إِحْسَانِ

النَّهْرُ مِنْ مِصْرٍ بِهِ وَالْقَصْرُ مِنْ

إِرَمٍ وَرَوْضُ الشِّعْبِ من بوان

وَسَحابُ جُودِ يَميِيِنهِ لاَ يَنْثَني

تَسْكابُهَا عَنْ وَابِلٍ هَتَّانِ

أيقَنْتُ لَمّا أَنْ مَثَلْتُ بِباَبِهِ

أَنَّ النُّجُومَ تَشَوَّفَتْ لِمَكاَنِي

شَاهَدْتُ كِسْرَى منِهُ فِي إِيَوانِهِ

وَلَقيِتُ رَبَّ التّاجِ ِمِنْ غُمْدَانِ

مِنْ آلِ سَعْدِ الْخَزْرَجِ بْنِ عُبَادَةٍ

صَحْبِ الرَّسُولِ وَأَسْرَةِ الْفُرْقَانِ

الْمُؤثِرِينَ عَلَى النُّفُوسِ بِزَادِهِمْ

وَالْمفْعِمِينَ حَقَائِبَ الضِّيفَانِ

إِنْ سُوبِقُوا سَبَقُوا النَّدَى أَوْ كُوثِروا

فَهُمُ النُّجُومُ عُلاً وَعِزُّ مَكَانِ

قَوْمُ إذَا لاَثُوا الْعَمَائِمَ وَاحْتَبْوا

ذَلَّتْ لِعِزِّهِمُ ذَوُو التِّيجَانِ

أوْ قَامَ فِي نَادِي الْمُلُوكِ خَطِيبُهُمْ

خَرُّوا لَهُ رَهَباً عَلَى الأَذْقَانِ

أسَلِيلَ مَجْدِهِمُ وَسِبْطَ فَخَارِهِمْ

وَمُؤَمَّلَ الْقَاصِي وَقَصْدَ الدَّانِي

أَعْلَيْتَ بُنْيَاناً عَلَى مَا أَسَّسُوا

فَتَعَاضَدَ الْبُنْيَانُ بِالْبُنْيَانِ

فَهُمُ الأُصُولُ زَكَتْ وَلَكِنْ إِنَّمَا

فَضْلُ الْجَنَا مِنْ شِيمَةِ الأَفْنَانِ

عَجَباً لِمَنْ يَعْتَدُّ دُونَكَ جُنَّةً

وَغِرَارُ سَيْفِكَ فِي يَد الرَّحْمَانِ

وَلِمَن عَصَاكَ وَظَنَّ أَنْ سَتُجِيرُهُ

أَنْصَارُ جَارٍ أَوْ سَحِيقُ مَكَانِ

لكُمُ بَنِي نَصْرٍ مَآثِرُ لَمْ تَكُنْ

لِبَنِي الرَّشِيدِ وَلاَ بَنِي مَرْوَانِ

بَاهَتْ بِلاَدُكُمُ الْبِلاَدَ فَأَصْبَحَتْ

غَرْنَاطَةٌ تَزْهُو عَلَى بَغْدَانِ

قُمْتُمْ بِأَمْرِ اللهِ فِي أَقْطَارِهَا

مَا بَيْنَ غِلْظَةِ قُدْوَةٍ وَلِيَانِ

قُدْتُمْ بِهَا الْجُرْدَ الْمَذَاكِيَ قُرَّحاً

غُبْرَ النَّوَاصِي ضُمَّر الأَبْدَ انِ

وَقَهَرْتُمُ مَنْ رَامَهَا بِمَسَاءَةٍ

فَغَدَا مُعَنَّى رِبْقَةِ الإِذْعَانِ

لِلَّهِ يَوْمُ الْمَرجِ لاَ بَعُدَتْ بِهِ

أَيْدِي الزَّمَانِ وَشَفَّعَتهُ بِثَانِي

صَدَمَتْهُ أَحْزَابُ الضَّلاَلِ كَأَنَّمَا

طُولُ الْجِبَالِ تَخُبُّ فِي أَرْسَانِ

هَابُوا الشَّرَى فَتَخَاذَلَتْ عَزَمَاتُهُمْ

جَهْلُ الرُّعَاةِ قَضَى بِهُلْكِ الضَّانِ

فَكَأَنَّهُمْ والمشْرفِيَّةُ فَوْقَهُمْ

نَارُ الْقَبُولِ أَتَتْ عَلَى قُرْبَانِ

لِلَّهِ نَاراً أَهْلَكَتْ عُبَّادَهَا

هِنْدِيَّةً تَغْدُو بِغَيْرِ دُخَانِ

نَارٌ وَلَكِن فِي مُتُونِ غِرَارِهَا

مَاءٌ يُؤَجِّجُ غُلَّةَ الظَّمْانِ

وَكَذُا السُّيُوفُ مُلِثَّةٌ أَنْوَاؤُهَا

وَالشَّمْسُ فِي جَدْيٍ وَفِي سَرَطَانِ

وَرَسَمْتُمُ تَارِيخَ كُلّ وَقِيعَةٍ

فِي مُهْرَقِ التَلْعَاتِ وَالْكُثْبَانِ

أَعْضَاؤُهُمْ فِيهَا حُرُوفٌ قُطِّعَتْ

أَثَرُ الْمِدَادِ بِهَا نَجِيعٌ قَانِي

فَاضْرِبْ بِجَيْشِكَ مَا وَرَاءَ ثُغُورِهِمْ

فَمِنَ الْمَلاَئِكِ دُونَهُ جَيْشَانِ

لَمْ تَلْقَ مُجْتَمَعاً لِكُفْرٍ بَعْدَهَا

قَدْ حِيلَ بَيْنَ الْعَيْرِ وَالنَّزَوَانِ

بُشْرَاكَ إِنَّ اللهَ أَكْملَ عِيدَنَا

بِالْعَفْوِ مِنْكَ وَمِنْهُ بِالْغُفْرَانِ

عِيدٌ أَعَادَ عَلَى الزَّمَانِ شَبَابَهُ

فَاعْجَبْ لأَشْمَطَ عِيدَ فِي رَيْعَانِ

أَضْحَى بِكَ الأَضْحَى وَقَدْ طَلَعَتْ بِهِ

شَمْسُ وَكِلاَهُمَا شَمْسَانِ

وَمَدَدْتَ لِلتَّقْبِيلِ يُمْنَاكَ الَّتِي

هِيَ وَالْحَيَا فِي نَفْعِهَا سِيَّانِ

شكَرَتْ لَكَ الدُّنْيَا صَنِيعَكَ عِنْدَها

لَمَّا شَفَيْتَ زَمَانَهَ الأَزْمَانِ

أَنْذَرْتَ قَبْلَ النُّضْجِ لَمَّا جِئْتَهَا

مَلِكاً وَكَانَ الْبُرْءُ فِي البُحْرَانِ

مَوْلاَيَ لاَ تَنْسَى وَسَائِلَ مَنْ لَهُ

لِلدَّوْلَةِ الْغَرَّاءِ سَبْقُ رِهَانِ

وَاسْأَل مَوَاقِفَنَا بِبَابِكَ يَوْمَ لَمْ

يُدْعَ لِخِدْمِتهِ سِوَى الْخُلْصَانِ

قَدْ كَانَ وَالِدُكَ الرِّضَي يَرْعَى لَهَا

ذِمماً وَيَذْكُرُهَا مَعَ الأَحْيَانِ

خِدَماً رَآهَا بِالْعِيَانِ حَمِيدَةً

وَالْمَوتُ يَخْطُرُ مِنْ ظُبىً لِسِنَانِ

فَلَكُمْ أَيَادِي الرِّقِّ فِي أَعْنَاقِنَا

وَلَنَا حُقُوقُ نَصَائِحِ الْعُبْدَانِ

خُذْهَا أَمِير الْمُسْلِمِينَ بَدِيعَةً

سَحَبَتْ بَدَائِعَهَا عَلَى سَحْبَانِ

تَطْوِي الْبِلاَدَ مَشَارِقاً وَمَغَارِباً

قُسِّيَّةً تَثْنِي بِكُلِّ لِسَانِ

وَيُقِرُّ بِالتَّقْصِيرِ عِنْدَ سَمَاعِهاَ

رَبُّ الْقَصَائِدِ فيِ بَني حَمْدَانِ

سَلَبَتْ نَسِيمَ الرَّوْضِ رِقَّةَ عِطْفِهِ

وَوَقَارُهَا يَزْكُو عَلَى ثَهْلاَنِ

قَضَتْ الْفَصَاحَةُ لِي بِفَوْزِ قِدَاحِهاَ

فِي الشعْرِ يَوْمَ تَنَازَعَ الخَصْمَانِ

وَنبَغتُ فِي زمَنٍ أَخيرٍ أهْلُهُ

مَا ضَرَّ أنَّي لَسْتُ مِنْ ذُبْيَانِ

مَا كُلُّ مَنْ نَظمَ الْقَوافِيَ شَاعِرٌ

أَوْ كُلُّ مَصْقُولِ الْغِرَارِ يَمَانِي

إنْ لَمْ أَدَعْهاَ فِي امْتدَاحِكَ فَذَّةً

مَثَلاً شُروداً لَسْتُ مِنْ سَلْمَانِ


نوع المنشور:

شارك على :

المنشور السابق

أمولاي إن الشعر ديوان حكمة

المنشور التالي

خليلي إذ ما جئتما دار طارق

اقرأ أيضاً