يا حسنها من أربع وديار

التفعيلة : البحر الكامل

يا حُسْنَها منْ أرْبُعٍ ودِيارِ

أضْحَتْ لباغي الأمْنِ دارَ قَرارِ

وجِبالِ عِزٍّ لا تذِلُّ أُنوفُها

إلا لعِزِّ الواحِدِ القهّارِ

ومقَرِّ توْحيدٍ وأسِّ خِلافَةٍ

آثارُها تُنْبي عنِ الأخْبارِ

ما كُنْتُ أحْسَبُ أنّ أنْهارَ النّدى

تجْري بِها في جُملَةِ الأنْهارِ

ما كنتُ أحسَبُ أنّ أنْوار الحِجَى

تلْتاحُ في قُنَنٍ وفي أحْجارِ

مُحّتْ جوانِبَها البُرودُ وإنْ تكُنْ

شبّتْ بِها الأعْداءُ جُذْوَةَ نارِ

هُدّتْ بِناه في سَبيلِ وفائِها

فكأنّها صرْعى بغَيْرِ عُقارِ

لمّا توعّدَها على المَجْدِ العِدى

رضِيَتْ بعَيْثِ النّارِ لا بالعارِ

عمَرَتْ بحِلّة عامِرٍ وأعزِّها

عبْدِ العزيزِ بمُرْهَفٍ بتّارِ

فَرَسا رِهانٍ أحْرَزوا قصَبَ النّدى

والبأسَ في طَلْقٍ وفي مِضْمارِ

ورثا عنِ النّدْبِ الكريمِ أبيهِما

محْضَ الوَفاءِ ورِفْعَة المِقْدارِ

وكذا الفُروعُ تَطولُ وهْيَ شَبيهةٌ

بالأصْلِ في ورَقٍ وفي إثْمارِ

أزْرَتْ وُجوهُ الصّيدِ منْ هنْتاتَةٍ

في جوِّها بمَطالِعِ الأقْمارِ

للهِ أيُّ قَبيلةٍ تركَتْ لَها النُّظَرا

ءُ دَعْوى الفخْرِ يوْمَ فَخارِ

نصَرَتْ أميرَ المسْلِمينَ ومُلْكَهُ

قد أسْلَمَتْهُ عَزائِمُ الأنْصارِ

آوَتْ عليّا عندَما ذهبَ الرّدى

والرّوْعُ بالأسْماعِ والأبْصارِ

وتَخاذَلَ الجيْشُ اللُّهامُ وأصْ

بَحَ الأبطالُ بينَ تقاعُدٍ وفِرارِ

كُفِرَتْ صَنائِعُهُ فيمّمَ دارَها

مُسْتَظْهِراً منْها بعِزِّ جِوارِ

وأقامَ بيْنَ ظُهورِه لا يتّقي

وقْعَ الرّدى وقد ارْتَمى بشَرارِ

فكأنّها الأنْصارُ لمّا آنسَتْ

فيما تقدّمَ غُرْبةَ المُخْتارِ

لمّا غدا لحْظاً وهُمْ أجفانُهُ

نابَتْ شِفارُهُمُ عنِ الأشْفارِ

حتى دعاهُ اللهُ بينَ بُيوتِهِمْ

فأجابَ مُمْتَثِلاً لأمْرِ الباري

أوْ كانَ يمنَعُ منع قضاءِ اللهِ ما

خلَصَتْ إلَيْهِ نوافِذُ الأقْدارِ

قد كانَ يأمُلُ أن يُكافِئَ بعضَ ما

أوْلَوْهُ لوْلا قاطِعُ الأعْمارِ

ما كان يُقْنِعُهُ لوِ امْتدّ المَدى

إلا القِيامُ بحقِّها منْ دارِ

فيُعيدُ ذاكَ الماءَ ذائِبَ فِضّةٍ

ويُعيدُ ذاكَ التّرْبَ ذوْبَ نُضارِ

حتّى تفوزَ على النّوى أوْطانُها

منْ غيْرِ ما ثُنْيا ولا اسْتِقْصارِ

ما كان يرْضى الشّمسَ أو بدْرَ الدُّجى

عنْ دِرْهمٍ فيهِمْ ولا دِينارِ

أو أنْ يتوِّجَ أو يُقلِّدَ هامَها

ونُحورَها بأهِلّةٍ ودَراري

حقٌّ على المَوْلى ابْنِهِ إيثارُ ما

بَذَلوهُ منْ نصْرٍ ومنْ إيثارِ

فلمِثْلِها ذُخِرَ الجَزاءُ ومثْلُهُ

مَنْ لا يُضيعُ صَنائِعَ الأحْرارِ

وهوَ الذي يَقْضي الدّيونَ ومثْلُهُ

يُرْضيهِ في علنٍ وفي إسْرارِ

حتّى تُحَجَّ محَلّةٌ رفَعوا بِها

علَمَ الوَفاءِ لأعْيُنِ النُّظّارِ

فيَصيرُ منْها البيْتُ بيْتاً ثانياً

للطّائِفينَ إليْهِ أيَّ بِدارِ

تَعْنى قُلوبُ القوْمِ عنْ هَدْيٍ بِهِ

ودُموعُهُمْ تكْفي لرَمْيِ جِمارِ

حُيّيتِ منْ دارٍ تكفّلَ سعْيُها

المَحْمودُ بالزّلْفى وعُقْبى الدارِ

وُضِعَتْ عليْكِ منَ الإلاهِ عِنايةٌ

ما كرّ ليْلٌ فيكِ إثْرَ نَهارِ


نوع المنشور:

شارك على :

المنشور السابق

أما والذي تبلى لديه السرائر

المنشور التالي

جاءتك تعرف بالشميم سراها

اقرأ أيضاً

يا ابن الخلائف من ذؤابة هاشم

يَا ابْنَ الخَلائِفِ مِنْ ذُؤَابَةِ هَاشِمٍ فِي ذِرْوَةِ الحَسَبِ الْمُنِيْفِ الشَّاهِقِ وَالْمَاجِدِ ابْنِ المَاجِدِ النَّدْبِ الَّذِي فَاتَتْ مَنَاقِبُهُ…